حدث مؤخراً، الكثير من الهرج والمرج في الإعلام الغربي، على قرار الحكومة السعودية، إعادة فتح دور السينما بعد عقود من الإغلاق والإنغلاق. ومنذ أن دشن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع، حقبة جديدة في السعودية تقوم على الوسطية، والتسامح، والتمدن، انشق بحر متلاطم الأمواج من التغيير في المجتمع السعودي. كانت هنالك مخاوف من أن المجتمع السعودي، سوف يتحول إلى مجتمع مختلف من جراء هذه التغييرات، ولكن المجتمع ظل متمسكاً بدينه ومبادئه كما أكد ذلك مراراً وتكراراً الأمير محمد بن سلمان أننا مجتمع مترابط. لقد تم تنظيم العديد المناسبات في كثير من مدن المملكة، دون أن يحصل شيء، ودون أن تصيبنا لعنة القوى الظلامية. وسارت هذه المناسبات التي حضرتها كثير من الأسر بسلام دون أن يحدث أي شيء يعكر صفوها، ولم تحصل أي تجاذبات بين الرجال والنساء حيث اندمجت العائلات بشبابها وكبارها في تلك المناسبات في تناغم وانسجام مثلهم مثل غيرهم من الأسر، والمتفرجين في جميع أنحاء العالم. ولم تكن السينما في بلادنا ظاهرة جديدة بل كانت موجودة منذ عقود طويلة مضت، والناس في عمري أو الذين هم أكبر مني سناً في جدة، ومكة، والطائف، والمدينة يتذكرون تماماً أيام السينما وأنهم كانوا يذهبون إليها ويستمعون بالأفلام الأجنبية والعربية التي كانت تعرضها. وقد حضر خالي شخصياً فيلماً في الرياض عام 1956، أي قبل أكثر من 60 عاماً. وقد كان لأرامكو، شركة الزيت العربية الأمريكية آنذاك، قاعة للسينما في مدينة الظهران كما كانت شركة بترومين تعرض فيلماً كل أسبوع في كيلو 4، طريق مكة القديم، والذي كان يحضره الرجال والنساء معاً، كما كانت السفارة الهندية تعرض فيلما كل ليلة جمعة وكذلك السفارة الأمريكية والنادي الإيطالي الذي أسس قبل خمسين سنة. ولعل أكثر دور السينما شهرة حينذاك هي سينما الجمجوم التي كان يمتلكها فؤاد جمجوم، وهو أحد سكان جدة وكانت قيمة تذكرة الكرسي في القاعة مكيفة الهواء بخمسة ريالات وثلاثة ريالات للأماكن بدون تكييف. وكان رواد هذه السينما يتناولون ساندوتش شاورما من محلات عم شاكر قبل الدخول أو بعد الخروج بالإضافة إلى المرطبات الباردة والساخنة. وكانت هناك دور مشابهة في أماكن متفرقة من مدينة جدة مثل الهنداوية وغيرها حيث كانت تعرض الأفلام العربية والإنجليزية وكانت هذه المسارح ترش بالمبيدات الحشرية لطرد الناموس والحشرات حتى لا تزعج الرواد. وقد حضرت عدة أفلام مهمة في سينما الجمجوم، وأذكر أن والدتي كانت تحب أفلام جيمس بوند، وقد شاهدنا معاً أفلامه مثل "من روسيا مع حبي" والأصبع الذهبي ودكتور نو وغيرها. وأذكر أيضاً أن أمي بكت بكاء مراً في فيلم "قصة حب" عندما مرضت البطلة ألى ماجرو. وشاهدنا أيضاً فيلم Deliverance من بطولة جون فويت وهو والد الممثلة العالمية المشهورة أنجلينا جولي. وبالطبع شاهدنا كثيراً من الأفلاع العربية خاصة أفلام إسماعيل يس. وكانت هناك أيضاً قاعة للسينما في فندق العطاس في جدة، حيث كنت أذهب مع أولاد عمي. كانت الحياة في السعودية طبيعية وعادية قبل المد المتشدد الذي بدأ منذ العام 1980، وازدهرت الموسيقى والفنون وكنا في إذاعة جدة، حيث عملت بالدوام الجزئي، نشغل الأغاني ونستمتع بها. وفي جدة أيضاً شاهدت مسرحية "سيدتي الجميلة" كما حضرت ليلة غنائية للمطرب المغربي عبدالوهاب الدوكالي وهو يغني "مرسال الحب" علي مسرح وزارة المعارف في حي البغدادية .. أي والله مسرح وزارة المعارف لا غيرها!! وكما تقول ماركي هوبكنز: "كانت تلك هي الأيام" لكن تلتها فترة الظلام كما قلت سابقاً عام 1980 لكني لا أريد أن أغوص عميقاً في تلك الأيام خاصة بعد أن بدأت مرحلة جديدة في السعودية ، يقودها الأمير الشاب محمد بن سلمان. إن الشعب السعودي لا يختلف عن غيره من شعوب الأرض وهو يريد أن يكون جزءاً من إبداعات العالم العلمية، والفنية، والأدبية والثقافية. وقد فتح الأمير محمد بن سلمان الباب نحو هذا العالم.