تجري بِنَا الأيام ولا ندري إلى أين تأخذنا أقدارنا، كلنا نسعى خلف الرزق باحثين عن الأفضل لنا و لمن حولنا، و نحن في ذلك بين مخير و مسير. ساقني الرزق إلى محطة جديدة خارج أرض الوطن في بلد جديد له عادات وثقافة مختلفة عنا. توكلت على الله واصطحبت عائلتي. وبعد أن أنهينا مايلزم كالسكن والمدارس والمواصلات اصطدمنا بمفاجأة جديدة. لا يوجد تلفزيون سوى باللغة المحلية التي لا نفقه فيها شيئاً. أسقط في أيدينا وبدأنا نطرق جميع الأبواب في محاولة استقبال قنواتنا العربية ولكن دون جدوى. أصبحنا أمام أمر واقع، ولا بد لنا من التأقلم مع هكذا ظروف. في البداية لم يكن الأمر سهلاً خصوصاً مع العائلة، حيث إنني أقضي معظم وقتي في العمل. مع مرور الوقت أصبح هذا الأمر عادياً، وبدأنا نألف الحياة دون تلفزيون. لا أخفيكم، قد وجدنا ميزات كثيرة في خروج التلفزيون من حياتنا. أصبحنا نتحدث ونتناقش مع بعضنا أكثر. ارتاحت نفوسنا للهدوء الذي عّم البيت و أصبحنا نجد في وقتنا متسعاً لأشياء كثيرة لم نعد نمارسها كاللعب مع الأولاد مثلاً. أقل ما يمكن أن يقال، أننا أصبحنا نستغل وقتنا بشكل أفضل. عندما تأكدت من نجاح التجربة، قررت أن أتبعها بتجربة جديدة. خصصت يوماً واحداً في الأسبوع أوقف فيه اتصال جوالي بالإنترنت فتتوقف تلقائياً كل تطبيقات التواصل الاجتماعي وكذلك البريد الإلكتروني ويصبح جهازي الذكي قمة في الغباء فاستمتع بهدوء و صفاء ذهني وأرتاح في ذلك اليوم من الإزعاج الرقمي الذي أصبحت أشعر أنه كابوس مزعج. ولكم أن تتخيلوا مدى الراحة في ذلك اليوم بلا تلفزيون وبلا إنترنت. ما أجمل الحياة والعيش في هدوء بدون إزعاج ودون أن يقتحم حياتي أي متطفل دون استئذان. أنا الآن في نهاية الشهر الثاني من تجربة قطع الانترنت لمدة يوم واحد في الأسبوع وأجدها إلى الآن ناجحة بكل المقاييس بالنسبة لي. حالياً، أتوق و أتطلع إلى ذلك اليوم الذي أتخلص من التلفزيون و الانترنت بل وربما حتى الهاتف الجوال. أعتقد أني وقتها سأستعيد حريتي و راحة بالي ولن يقتحم حياتي أحد إلا باذني وفِي الوقت الذي يناسبني. بالتأكيد لست أنكر مزايا التقنية ولكن طريقتنا في إستعمال التقنية -في رأيي الشخصي – تحتاج إلى مراجعة. عندما تصبح التقنية إدماناً أو إزعاجاً أو عندما تأخذنا هذه التقنية ممن نحب، يجب أن نتوقف ونتدبر ونعيد التفكير. ختاماً، هي تجربة أعيشها وأستمتع بها، وأحببت أن أشارككم هذه التجربة، ويبقى لكل قراره.