تسعى فتيات ارتبطن بعلاقة «وثيقة» مع الأرجيلة، إلى تجاوز حال «الحصار» المفروض على تدخين الشيشة والمعسل، الذي تزايد في الآونة الأخيرة، بعد إغلاق المقاهي التي كانت تقدمه داخل المدن، ومنع المطاعم من تقديمه. ولا تبالي بعض هؤلاء الفتيات بالإحصاءات والدراسات المُحذرة من «خطر التدخين» على الصحة، بعد أن تحول التدخين، إلى ما يشبه ممارسة نشاط يومي معتاد. فيما توصلت دراسات طبية، أن تدخين رأس واحد من الشيشة يعادل تدخين 100 سيجارة. وأثبتت نتائج طبية أخرى، عدم دراية 15 في المئة عن أضرارها. فيما 44 في المئة، يعتقدون أن ضررها «أقل». ويخاطر المُدخن بصحته، متجاهلاً التحذير المُدون على علبة السجائر، بأنه «سبب رئيس لأمراض السرطان والقلب والرئتين». والأمر ذاته ينطبق على الصور التحذيرية، التي أصبحت تُلصق في علب السجائر. فيما توقعت نتائج دراسة سعودية حديثة ارتفاع عدد المدخنين في البلاد إلى 10 ملايين مدخن، بحلول العام 2020، بزيادة عن عددهم الحالي، الذي يتجاوز 6 ملايين مدخن، ينفقون نحو 21 بليون ريال سنوياً على التدخين. واستبدلت عفاف صادق، تدخين الأرجيلة بممارسة الرياضة، بعد أن وجدت فارقاً «إيجابياً»، في صحتها. وتقول: «أشعر أنني أتحسن بعد انقطاعي عن الأرجيلة». وتصف تجربتها «ربطت تدخين الشيشة بمشكلاتي وهمومي، وفي بعض الأحيان كنت أدخن بين 4 إلى 5 رؤوس من الشيشة، يومياً، واستمر ذلك لنحو 8 أعوام، وجدت أن صحتي تتدهور تدريجياً، حتى الرياضة أمارسها مكرهة، وأصبحت حياتي بين العمل والبيت، وفي العمل انشغل بواجباتي، وفي المنزل انشغل بأرجيلتي. لكنني بدأت مرحلة العلاج، مبتدئة بالاعتراف بالمشكلة التي حلت بي، ووهن جسمي، وضعف قواي، وممارسة نشاطاتي ضعيفة، وبدأت علاجاً نفسياً بالانقطاع تماماً عن التدخين». ومنذ 7 شهور انقطعت فتحية علي عن التدخين، مؤكدة «لم أعد له، ولو لدقيقة واحدة، والأمر يتعلق بالقناعة، وليس الرغبة فقط، بعد أن استبدلت الوقت الذي كنت أمضيه في التدخين، في الاطلاع على المخاطر المحتملة منه. وبعيداً عن القراءة فالتجربة خير برهان، فالآن أشعر بطاقة أكبر، ونشاط كبير، وما يزيدني شغفاً هو الاطلاع على سيرة بعض من استطاعوا الحفاظ على نضارة بشرتهم، وقوة بنيتهم، عبر الابتعاد عن التدخين». ويعتقد بعض الممتنعين عن التدخين، أنه «لا يجب أن يوضع في خانة المزاح». ويقول أسامة العلوان: «عانى شخصان من عائلتي من مرض القلب، بعد سنوات من التدخين. وأسفر إدمانهما عن شيخوخة مُبكرة، وهبوط في ضغط الدم، أودى بحياتهما سريعاً»، مضيفاً أن «ما جرى لهما جعلنا نستشعر الجدية، ونمنع التدخين بين أفراد الأسرة». وخاض خالد عبد الكريم، تجربة «إدمان مُزدوج» كما يقول. إذ كان يداوم على تعاطي المخدرات، والسجائر. ويقول: «على رغم اختلافهما، لكنني وجدت أن كليهما إدمان»، موضحاً «اكتشفت أن الأمر يتعلق في الحال النفسية للشخص، ولاستجابته للتدخين، أو لمواد الإدمان. وبعض الأشخاص لديهم قابلية كبيرة للاستجابة للتدخين، بمجرد تجربته، ما يشكل خطورة كبيرة عليه». ويذكر خالد، أنه «بمجرد تقبل الفرد فكرة التدخين، فالأمر يُعد خطراً على حياته، لكون بعض الأفراد يشعرون بعد التجربة الأولى بعدم الرغبة في تكرار الأمر. لكن الخطر يحين بعد استجابة البعض للتجربة الأولى، ما يتحول فيما بعد إلى إدمان يجر إدماناً آخر، لا تحمد عقباه». وروى تجربته الشخصية «كنتُ مدمناً على المخدرات، لكنني منذ 20 سنة، عالجت نفسي عن الإدمان، وصرت لا أجالس حتى المدخنين. فالأمر له علاقة بشخصيتي. إذ اكتشفت من خلال العلاج الذي خضعت له، واقعي المرير، فأنا أصنف من ضمن الحالات التي لديها استجابة كبيرة لإدمان أي أمر أمارسه». ويؤكد أنه قطع الحبل من منتصفه، من خلال «الامتناع نهائياً عن كل ما يمت إلى عالم المخدرات بصلة. فحتى التدخين أصبح ممنوعاً على كل شخص من أسرتي، أو حتى الضيوف. ويشعر بعض الضيوف بالضيق، ويمتنعون عن زيارتي. لأنني أمنعهم من التدخين في منزلي. لكنني لا أبالي، فصحتي أهم، لاسيما بعد التدهور الذي وصلت إليه في فترةٍ ما من حياتي. وبعد أن استجمعت طاقتي وقواي لم يعد هناك مفصل في حياتي. فالتدخين ممنوع. لأنه يجر علىّ مخاطر أكبر، تتسبب في دمار صحتي». وتفشت قبل سنوات، ظاهرة تدخين الشيشة في الكورنيش، على رغم ما يسببونه من إزعاج للآخرين. ويقول جعفر رضا: «أحاول أن أتجنب الأماكن التي يجلس فيها المدخنون، والأوقات التي كنت أقضيها في الكورنيش مع أطفالي، لقضاء وقت ممتع، تحولت إلى خوف. لأن أطفالي يسألونني لماذا يدخن هؤلاء؟». ويطالب رضا ب «منع الشيشة في الكورنيش، حفاظاً على جمال المكان. وحتى لا تنتقل العدوى إلى الجيل القادم. كي لا يكون التدخين لديهم أمراً طبيعياً، خصوصاً بين البنات، اللاتي ينظرن إلى المدخنات في الكورنيش على أنه أمر عادي». ويحذر عضو مجلس إدارة جمعية مكافحة التدخين عبد الرحمن الزكري، من «مخاطر تتهدد المجتمع جراء استمرار تزايد معدلات المدخنين من الجنسين»، مشيراً إلى أن السعودية «انضمت منذ سنوات، إلى اتفاق منظمة الصحة العالمية الإطاري، بشأن مكافحة التبغ، لحماية المجتمع وتوعيته من هذه الآفة الفتاكة». ولفتت دراسات صدرت أخيراً، إلى «صلة التدخين بالشيشة والإصابة بالسرطان». واعتبرت الدراسة، سرطان الشفاه من بين الأمراض السرطانية «الأكثر انتشاراً، وخاصة بين مدخني السجائر والشيشة، لأن الاحتراق يؤدّي إلى تقرّحات شديدة تصيب النسيج الحرشفي للشفّة السفليّة التي يتغيّر لونها وتتورّم». وأضافت الدراسة ذاتها «أن هذه الحالة لا يتمّ علاجها، لصعوبة إعادة بناء الأنسجة من جديد، بعد استئصال الورم، إضافة إلى الاحتراق. وتوجد بعض المواد الهيدروكربونية والمُشعّة بنسبة ضئيلة، لكنّها تتراكم، فتصبح تأثيراتها كبيرة جداً، وخاصة في المعسّل، الذي يحوي مكسّبات صناعية للطّعم والرّائحة، وهي شديدة الخطورة على الجهاز المناعي، إضافة إلى مضاعفات الاحتكاك الدائم بالشفاه».