ولدوا لأبوين، حملوهم وغادروا بهم ديارهم بحثا عن اللقمة التي حرموا منها في بلادهم، واستوطنوا في بلاد أحبوها، فتكلموا لغتها، وعرفوها اكثر من مسقط رأسهم. أجيال من هؤلاء الشباب لجأوا الى بلادنا مع أسرهم للعيش بكرامة وأمان ورغد وبركة المكان، املين ان يكونوا مستقبلا زاهرا لابنائهم الذين حرموا منها في بلادهم. ولاسباب خارجة عن الارادة ولان ظروف الحياة الصعبة للاكثرية من العاملين، يصعب التحكم في تصرفات ابنائهم وهم في طور الشباب المتوهج، والذي بحاجة في هذا السن الى متنفس، وانضباط وتعليم ،وذلك من غير هموم المعيشة وإيجاد عمل إضافي لمساعدة الأهل. تربي هذا الشاب لأب مكافح، عمل ساعيا في أحد الشركات الكبرى لسنين طويلة، ولأم ربت أبناءها على الستر والمشى بمحاذاة الحائط خوفا عليهم من الوقوع في الخطأ، وذلك غير الاماني والامال بمستقبل يقلب الاوضاع وينتشلهم من حال الي حال أفضل. هذه الأسرة المستورة رفع عنها الستر عندما دخل أحد الابناء في مشاجرة بالحي الذي يقطنون به من أحياء جدة التي تحوي على خليط من السكان من ذوي الدخل المحدود من سعوديين وغيرهم من جنسيات متعددة تجاوروا في الدخل والوضع الاجتماعي واختلاط النسب. هذه المشاجرة توسعت، ونتج عنها قتل أعز اصدقائه من شاركوا فيها واتهموا بالاعتداء على عرض اخرين في منزل مجاور. قبض على هذا الشاب مع المتهمين الاخرين بتهم مختلفة من التعمد في القتل الى انتحال شخصيات رجال الأمن، وتأثير المسكرات، وأودع في السجن انتظارا للمحكمة والحكم الذي طال، وطال معه عذاب الاهل مع اصراره ببراءته من دم القتيل ،صديق الطفولة والعمر. وفي السجن ساءت الحالة الصحية وتردت لهذا الشاب مع طلب الاهل والاصدقاء التدخل بنقله للمستشفى للعلاج، الذي تم بشكل سريع، واعيد بعدها للسجن قبل اتمام العلاج لاصابته بالتهاب رئوي حاد مع عدم معرفة القائمين على وضعه بخطورة حالته التي تفاقمت. وبعد مرور عدة اشهر مريرة على السجين واسرته وتطور حالته المرضية داخل السجن، تم اصابته بجلطة في الدماغ بالإضافة للالتهاب الرئوي الحاد والمزمن، مع الحاح الاهل وتدخل الاصدقاء لنقله للمستشفى عند اكتشاف فقده للنطق والبصر وعدم التعرف الى اي احد منهم. تم نقله الى غرفة الطوارىء في المستشفى، التي لم يسلم الروح فيها الا بعد وصول والدته من السفر. ومات منير بين يديها. مأساة انسانية، تتكرر ومعها يتكرر الخطأ بمواقف لا انسانية تجاه اناس اخطأوا بحق نفسهم واسرهم والاخرين، ولكنهم يستحقون العناية والعلاج لانه حق من حقوقهم الانسانية التي أمرنا بها الله ورسوله. فكم من منير سيموت بسبب الاهمال لانه مدان بجريمة او حق عام؟. @Fahdabntsaud