أمر ملكي يعزز النزاهة ويعيد المال العام    بنوكنا: نعتذر عن تنفيذ الخدمة!    ثبات محمد بن سلمان    فلسطين.. من رسالة المؤسس إلى رسالة المجدد!    قليلاً من العقل يا فخامة الرئيس    الجابر يدافع عن البليهي ويستنكر ما حدث من جمهور الهلال    الهلال بلا إعلام !    فريق عمل مشروع توثيق البطولات: لم نعتمد أي إحصائيات أو أرقام    صفحة بيت    إقامة ورشة عمل حول " توسيع أفق بحوث العلاج في أمراض الروماتيزم " الملتقى العلمي الدولي ٢٠٢٥    ماكرون يهنئ أحمد الشرع ويدعوه لزيارة فرنسا    اكتمال الخطة التنفيذية لبرنامج الاستدامة المالية.. إنجاز جديد تحققه رؤية المملكة 2030    رويبو يوضح أن ترامب يريد خروج سكان غزة مؤقتا ريثما تجري إعادة إعمار القطاع    برعاية الملك ونيابة عن ولي العهد.. أمير الرياض يتوج الفائزين بمهرجان خادم الحرمين للهجن    النجمة يتغلّب على الباطن بثنائية في دوري يلو لأندية الدرجة الأولى    السعودية: الدولة الفلسطينية ليست محل تفاوض ولا تنازلات    ديوانية القلم الذهبي في الرياض تفتح أبوابها للأدباء والمثقفين    جامعة سعود أبطالا للبادل    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان في محافظة الريث: طاعة ولاة الأمر من طاعة الله ورسوله    القبض على نيبالي في الشرقية لترويجه الحشيش    تحالف شركات مجرية يستعد للاستثمار بالتقنية والرقمنة في المملكة    رصد التربيع الأول لشهر شعبان في سماء المملكة    جازان تحصد الذهبي والفضي في جسور التواصل    جلطات الزنجبيل تستنفر الصحة وتحيل مدعي الطب البديل للجهات المختصة    "تكامل" تواصل ريادتها في قطاع التكنولوجيا بمشاركة في مؤتمر ليب التقني 2025    واشنطن: العجز التجاري يرتفع.. والواردات لمستوى قياسي    "مكتبة المؤسس" والهيئة الملكية لمحافظة العلا توقعان مذكرة تفاهم    سعود بن مشعل يدشّن 179 مشروعًا تعليميًا في جدة ومكة    السعودية تتصدر منظومة الاستثمار الجريء بالمنقطة بالاستثمار في 54 صندوقا    موسم الرياض يرعى حفل الزواج الجماعي ل 300 عريس    أمانة الشرقية والسجل العقاري يقيمان ورشة رحلة التسجيل العيني للعقار    أمير الشرقية يرعى توقيع اتفاقيات لتعزيز التنمية المستدامة ودعم القطاع غير الربحي    إنطلاق المؤتمر ال 32 لمستجدات الطب الباطني وأمراض الكلى بالخبر    هداية" تحتفي بإنجازاتها لعام 2024.. أكثر من 1500 مسلم جديد خلال العام    أمين القصيم يلتقي مستشار معالي رئيس الهيئة السعودية للمياه    محافظ الأحساء يشهد ملتقى "المدن المبدعة" في اليونسكو العالمية    نائب أمير الشرقية يستقبل قائد القوة الخاصة للأمن البيئي بالمنطقة    وزير الحرس الوطني يستقبل سفير البوسنة والهرسك لدى المملكة    القبض على مواطن لنقله 3 مخالفين لنظام أمن الحدود    طالبتان من الطائف يحصلن على المستوى الذهبي وطالبتان تفوزان في مسابقة تحدي الإلقاء للأطفال    «صحة جازان»: خطط لتطوير القطاع غير الربحي    مدفوعة برؤية 2030.. 7 مستشفيات سعودية ضمن أفضل 250 مستشفى عالمياً    مقترح بتحويل «بني حرام» إلى وجهة سياحية وربطها ب «المساجد السبعة» بالمدينة المنورة    طرح تذاكر كلاسيكو الأهلي والنصر    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية والرئيس الألماني    5 دول عربية تعارض تهجير الفلسطينيين من غزة    الرياض تحتضن بطولة المملكة المفتوحة للكيك بوكسينج    تحديث بيانات مقدمي الإفطار الرمضاني بالمسجد النبوي    بيئة حيوية    وزارة الصحة بالمدينة المنورة تنظم دورة تدريبية للمتطوعين الصحيين    شتان بين القناص ومن ترك (الفلوس)    تطبيع البشر    بئر بروطة    80 يوما على سقوط المطالبات التجارية    بقعة زيت قلبت سيارتها 4 مرات.. نجاة ابنة المنتصر بالله من الموت    الرئيس السوري أحمد الشرع يغادر جدة    رئيس الوزراء الصومالي يصل إلى جدة    العلاقات بين الذل والكرامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عودة الغائب
نشر في البلاد يوم 22 - 04 - 2017

الشروق الجميل .. ضوء النهار يظهر في الأفق البعيد باستحياء .. الظلام ينحسر إلى الخلف مع تقدم بشائر اليوم الجديد .. الزرع الأخضر يهتز في هدوء بعد ليلة طويلة قضاها نائماً .. الندى الرطب يسقط على أوراقه النائمة وهو يبتسم للصباح الجديد .
النسائم العذبة تأتي من الحقول وتحمل في طياتها شتى أنواع الروائح .. طين الأرض ..رحيق الأزهار ورائحة الفول والبرسيم الأخضر والذرة التي نضجت على أغصانها الخضراء الطويلة ..
قام الرجل بهامته القوية واقفاً وهم بالتحرك وهنا بدأت العائلة الصغيرة بالتحرك معه .. الأقدام متجهة نحو الحقول .. الفؤوس على أكتاف الرجال .. البنات والأطفال .. كل يسبق الآخر نحو حبه الكبير .. الأرض .. الدواب من خلفهم تسير وهي تهز رؤوسها وذيولها حتى تطرد الكسل لتبدأ يوم العمل الشاق الطويل.
أشعة الشمس بدأت تغمر المكان ضوءاً وحرارة .. الفؤوس أخذت تشق الأرض السمراء .. الجداول بدأت تروى وترتوي من مياه النيل .. أشعة الشمس تلفح وجهه الأسمر والعرق يتصبب من رأسه الذي أمتلأ شيباً وقد ربطه بعمامة قديمة كان قد أحضرها له الغائب .. هنا جاشت الذكرى بخاطره وأعتصره الألم .. بالأمس القريب كان عريساً .. لازالت صدى الزغاريد تتردد في أذنيه ..قدماه مسمرتان بالطين الذي غطاهما وظهر ينحني في شوق للثم هذا الطين .. خاطره يشرد من جديد إلى الغائب لقد طالت غيبته هذه المرة .. قوام الشيخ يستقيم فجأة ليضع يده فوق عينيه ناظراً إلى البعيد لعله يرى الركب قادماً .. سارب فقط لاغير .. لقد تأخر الركب كثيراً ينحني ثانية ليبث شوقه بقوة إلى الأرض وصوت الفأس يتكلم بلسانه .
الأيادي الرقيقة والصغيرة تعمل في الخضرة بالمناجل ..الحصاد قد بدأ .. العجوز تعمل وكأنها ابنة العشرين وبجوارها بناتها يعاوننها..
الدابة تقف في سكون والحصاد والحمل يزداد فوق ظهرها .. قلب العجوز يخفق ..الغائب.. أين أنت أيها الأبن الغائب؟ .. مضى زمن على فراقك .. لقد تغير كل شيء .. الزرع الذي غرسته بيديك قد تم حصاده ..تنظر إلى شتلات النخل التي غرسها في الأرض بنفسه هي الأخرى في شوق إليه ..كبر ابنه ولم يراه .. الغائب عقلها شرد إليه .. الدم .. الدم .. ينزف من الأصبح الذي جرحه المنجل الحاد .. لم تبالي به لأنه أخف إيلاماً من الجرح الغائر في الأعماق .
الشمس مالت نحو الغروب أختلط اللون الأحمر والأصفر معاً .. الكل يستعد للعودة .. العرق يتصبب من إجسادهم السمراء ليسقي الأرض .. الشمس تغرب خلف النهر .. هناك أشباح تترآى أمام قرص الشمس الغارب .. أنها قافلة صغيرة تتقدم بخطى حثيثة نحو القرية .. رؤوس الجمال المحملة بالأمتعة تظهر ثم تختفي وهي تصعد جرف الشاطئ .. ألتفت أحد الصبية خلفه لينبه أهل القرية العائدين من الحقول .. هنا دوى صوت البشير بقدوم الغائب .. الجلبة عمت القوم تسقط حزمة الذرة من العجوز .. لتدوي الزغاريد من الابنة .. تتماسك العجوز ثانية لتصدح بعهدها بأغنية وهي ترى الغائب قادماً من البعد نحوها:
أحمد الله ظهرت لي العلامة ….. ولدي عاد تاني بالسلامة
الأب يقف بجسمه الشامخ فاتحاً ذراعيه عن صدر عريض يختفي في جوانبه الغائب وهو يقبل هذه الأيدي التي صنعت منه رجلاً .
الفرحة تعم الجميع .. الزوجة .. الزوجة الصابرة على مر الزمان .. الحاملة في أعماقها آلام السنين .. تخرج من غرفة الفرن ويداها وثيابها ملطختان بالعجين الأبيض .. مثل قلبها الذي أخذ ينبض بفرحة قابلتها علامات الاستحياء من داخلها .. بينما الطفل الواقف أمامها يضحك عن فم خال من الأسنان .. لايعرف لضحكه سبباً .. سوى إحساس داخلي بعودة الفرحة الكبرى.
صلاح حسن بخيت
مرتبط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.