لقد يسرت الشريعة الاسلامية للناس سبل التعامل بالحلال؛ لكى تكون أجواء المحبة سائدة بين الأفراد، فحرم الاحتكار لما فيه من تضييق على عباد الله لقوله صلى الله عليه وسلم : (لايحتكر إلا الخاطىء)، وقوله صلى الله عليه وسلم: ( من احتكر طعاما أربعين ليلة فقد برئ من الله تعالي، وبرئ الله تعالي منه ). لقد دخل قاموس حياتنا اليومية مصطلح جديد، هو الاحتكار ليضاف إلى المصطلحات الأخرى؛ مثل العولمة والخصخصة التي أصبحت تتردد بشكل يومى على الألسنة ليس من جانب المتخصصن، ولكن من جانب قطاعات المجتمع. ويزخر علم الاقتصاد بالدراسات الأساسية التي تشير إلى الاحتكارات، باعتبارها أحد المطالب الاساسية لنظام السوق، الأمر الذى دفع "آدم سميث" لأن يرى أن الاحتكارات والامتيازات، هما العدوان الرئيسان اللذان يهددان عمل النظام الاقتصادى الجيد؛ لذلك يرى ضرورة رفض أي احتكار حتى وإن تطلب ذلك تدخلا من جانب الدولة، ذلك باعتباره أحد واجباتها الأساسية للقضاء على جميع المعوقات التي تقف أمام أباطرة الاحتكار؛ لأن ذلك حماية لحق المجتمع. وفى إطار ذلك فإن مكافحة الاحتكار ضرورة لحماية المستهلك، وهو واجب قانونى لحماية حق المجتمع لوضع تشريعات لضبط وتنظيم الاحتكارات يمكن من خلالها حماية المجتمع، وحقه لتقليص الأضرار المترتبة على الممارسة الاحتكارية. إن مكافحة الاحتكار تنطلق من أن الاحتكار يعني تغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة وفرض شروط المنتجين أو المستوردين والسيطرة على السوق؛ من خلال أساليب متعددة. نذكر أهمها على النحو التالي: التسعير العدوانى،صفقات الربط ،الامتناع عن التعامل ، التسعير التمييزى ، سحق العرض والأسعار، تكتل الأسعار أو كرتلة الأسعار. لذلك لانخطىء إذا قلنا : إن مخاطر الاحتكار تفوق بكثير مخاطر الحروب. فان كانت الحروب تدمر دولا فإن الاحتكار يدمر استثمارات اقتصاد دول. فالاحتكار مسئول عن هروب الاستثمارات، كما أنه وراء التضخم الذى يؤدي إلى انخفاض قيمة العملة الوطنية أمام بقية العملات . كل هذة الأمور وغيرها التي تحيط الاحتكارات والتي تهدد مستقبل الأمة، ويعوق مسيرة تحرير التجارة يحتاج الى بلورة حقيقيه ومناقشة مستفيضة ضمن توليفة عمل متكاملة تهدف الى حماية المستهلك الذي يعتبر في النهاية حماية لحقوق المجتمع . خلاصة القول: إنه لاجدال فى أن التحول الى اقتصاد السوق يعنى الفوضى وممارسة الاحتكار بكل سيئاته وشروره؛ لذلك فإن دور الدولة لايزال قائما وموجودا لمنع الاحتكارات والمحتكرين بجميع جوانبها وتفصيلاتها ووقائعها علي امتداد الاقتصاد السعودي. إن ذلك يوضح مدى فائدة تدخل الدولة بالقوانين المتجهة للاستثمار وتأثير الدور الحكومى في الانتقال من عصر الاحتكار إلى عصر المنافسة المقيدة المانعة لمجابهة الاحتكارات . لذلك يبدو أن الثعالب حول العالم وخاصة في الدول النامية قد بدأت البحث عن الدجاج خارج حدود الغابة. ومن هنا يجب على دول العالم التصدى لمنع الاحتكارات، وذلك ضمن توليفة عمل متكاملة تنتهجها؛ حماية للمستهلك .. في النهاية وضع استراتيجية لمحاربة الاحتكار تهدف إلى حماية حق المجتمع كله . مرتبط