(ليست منطقة الشرق الأوسط هى من تصدر الارهاب لأمريكا , ولكن أمريكا هى من تستورد الإرهاب). هكذا صرح الرئيس الفلبيني "دوتيرتى" فى كلمة ألقاها أثناء احتفال مسلمي بلاده بعيد الفطر الماضي. والذي خطب بعدها فى مناسبة أخرى ايضا قائلا : (إن الولاياتالمتحدةالأمريكية قد خدعت الشعب العراقى بالوعود الزائفة.. ولنشاهد أيضا ً ما حدث فى كل من ليبيا وسوريا) …. ومؤخرا وفى سبتمر الماضى تحديدا سلط لسانه السليط على الرئيس الامريكى "باراك أوباما" حسب ما تناقلته وكالات الأخبار واصفا ًالأخير ووالدته بألفاظٍ بذيئة ، حيث قال: لن أسمح لك يا ابن (………) – مهينا والدة الرئيس – بإلقاء وتوجيه دروس لى فى حقوق الانسان، وذلك قبل لقائهما والذى كان مقترح فى "منتدى الاسيان" ب "لاوس" , مضيفا كذلك : وعليه (أى اوباما) أن يحترم الآخرين , ولا يلقى فقط بالاسئلة والتصريحات, وإلا سيلعنه خلال المنتدى وسيمرغه فى الوحل معه وكأنهما خنزيران. ولن أنتهز الفرصة هنا وأجعل من الأمر "بكائية" نترحم من خلالها على هذا التشوه السياسى – إن جاز الأمر بأن نسمية هكذا – والذى يعتبر جزءا من التشوه العام الحادث حولنا على كافة المستويات، ولست مهمومة فى مقالى هذا بالتعليق أيضا على تدهور مستوى الخطاب بين الرؤساء الذى وصل إلى هذا الحد من الانحطاط والتدني لدرجة السباب (بالأم) ولن أتساءل كذلك عن أسباب غيابِ أخلاقياتٍِ كثيرة فى زماننا هذا تخص الساسة و التقاليد والبروتوكول المتعارف عليه فيما بين الدول. ولكن رأيت أن الغريب فى الأمر والمثير جدا للدهشة, هو أنه بعد أن قام "دوتيرتى" رئيس الفلبين بسب والدة "أوباما" رئيس أكبر دولة عظمى فى العالم أمام وسائل الإعلام, وجدا بعدها بأيام قليلة أن الرئيسين يتبادلان كلمات المجاملة. ويبتسمان لوسائل الاعلام ذاتها . فهل هناك شىء ما يدور خلف الستار أو تحت الطاولة؟؟؟ أم أن للأفيون دخلا ً بذلك. ( وأذكركم أعزائى بأنه يمكنكم أن تفسروا تعجبى الآخير هذا كما يحلو لكم تماما ً). ولعلنا نعلم أن الرئيس الفلبينى يشن الآن حربا ً شرسة ً فى بلاده ضد تجارة الأفيون والمخدرات بصفة عامة, ولذا فقد دعا شعبه إلى مساعدته للقضاء على الإدمان، وحثهم أيضا على قتل تجار المخدارت بالأسلحة النارية فى حال مقاومتهم عند إلقاء القبض عليهم و تسليم أنفسهم للسلطات, الأمر الذى أدى إلى وصول حالات القتلى فى المشبة بهم إلى ما يقرب من 2000 شخص خلال شهرين . لذا كانت تصريحاته السابق الإشارة إليها والتى وجهها للرئيس الأمريكى, عندما طرح عليه أحد الصحفيين سؤالا بخصوص إنتقاد أمريكا (التى كانت تستعمر الفلبين فى السابق) وبعض المنظمات الدولية لطريقته فى ما يمكن أن نطلق عليها "حرب الافيون" الحالية. ولعلكم تتذكرون قرائى الكرام ما عرف ب "حرب الأفيون" والتى كانت عبارة عن حربين قامتا بين بريطانيا من جانب (بدعم و تأييد من فرنساوأمريكا) والصين على الجانب الآخر , الأولى 1842- 1840 , والثانية كانت من 1856 – 1860 ، حيث أرادت الصين أن تقضى على زراعة الأفيون وعلى إستيراده من الهند , إلا أن بريطانيا(صاحبة مخطط تصدير الهند الأفيون للصين) وكذلك داعميها(أمريكاوفرنسا) حاربوا هذا الأمر بشدة، نظرا ً للأرباح الضخمة التى كانت تجنيها من تلك التجارة ,وكم كانت حربا ً قذرة ً للغاية , ولا تتسع المساحة هنا لشرح تفاصيلها الغير شريفة والمنحطة ، حيث غلّبت فيها بريطانيا الدولة العظمى المال َ على كل معانى الإنسانية والأخلاق. وعلى ما يبدو أنه فى ظل الأموال والأرباح ومصالح الدول العظمى فليذهب شعار " إنما الأمم الأخلاق ما بقيت " إلى أقصى الجحيم .