موافقة مجلس الوزراء على تنظيم مجلس شؤون الاسرة خطوة موفقة، حيث يتولى هذا الكيان الجديد مهمة رعاية شؤون الاسرة، ويهدف الى تعزيز مكانتها ودورها في المجتمع والنهوض بها والمحافظة على اسرة متماسكة ترعى ابناءها وتلتزم بالقيم الدينية والأخلاقية والمثُل العليا. ان الأسرة كما نعلم جميعا هي النواة الأولى للمجتمع والخلية الأهم في بنائه باعتبارها الحاضنة الأولى للناشئة والنبع الأساس في تشكيل ثقافة الحياة والقيم والاخلاق للفرد، فاذا ما تربى النشء على صحيح الدين وروح المحبة وحميد الخصال من قيم التعاون والتسامح والاخلاص والجدية والكلمة الطيبة، فانه ينشأ على اساس قويم وكما قال الشاعر: وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان قد عوده أبوه هذا ما تعوده عليه الأسرة فكيف اذا لم يكن لها بصمة وتأثير وتشكيل تربوي في ظل ما تتعرض له الأجيال اليوم من تأثيرات بل عواصف تأتي من كل حدب وصوب عبر الاجهزة الحديثة وتكاد تغيب مقومات العقل السليم بإساءة استخدام هذا التطور، وبات أكثر الناس اسرى لفوضى تحمل معها اخطارا على ضعاف العزيمة والحصانة وها نحن نسمع ونقرأ جرائم وانحرافات لم تكن نعرفها وباتت المجاهرة بالآثام والأحقاد والسموم والاساءة للآخرين محل مباهاة، والأخطر من ذلك الإساءة للدين الحنيف وللأوطان. اذا حافظت الأسرة على تماسكها ووعيها بدورها، فان ذلك ضمانة للتنشئة الاجتماعية والعقائدية السليمة وتكريس منظومة القيم الانسانية والاخلاقية والعادات الحميدة في تعامل الفرد مع أقرانه في الشارع والمدرسة والعمل بمنظور التقوى، وكلما كان رسالة التنشئة صحيحة ومتعافية، كلما أصبح بناء المجتمع أكثر حصانة ووعيا. لذلك تأتي خطوة إنشاء مجلس لشؤون الأسرة لتعزيز مكانتها ورسالتها في المجتمع وما احوجنا الى هذه الرسالة في احياة القيم الاصيلة التي ضاعت او تكاد في زحام التغير الذي سلب الاسرة الكثير من دورها التربوي ومسؤولية التوعية، واصبح الانترنت بلا ابواب ولا ضوابط ووصلت الاخطار الى العقول مباشرة خاصة صغار السن والشباب وضعفت الروابط الاسرية وارتفعت حالات الطلاق والنزاعات، بعد ان كانت روابط المحبة والمودة والتعاون واليقظة في الاسرة الحارة هي روح المجتمع. نتمنى على المجلس الجديد ان يسارع الخطى في وضع رؤية شاملة لواقع الأسرة ومستقبلها على ضوء التحديات الموجودة وهي خطيرة خاصة الغزو الفكري الضال للناشئة وتعرض بعض أبنائنا لحالة اختطاف عقلي وغسيل دماغ من شياطين الإنس المفسدين في الأرض، فإذا سلمت الأسرة واستعادت دورها استقام المجتمع وقويت منعته وحصانته. من هنا فإن المسؤولية على عاتق المجلس القادم مسؤولية دقيقة في القدرة على الوصول الحقيقي الى عمق المجتمع من خلال الاسرة بتناول شؤونها وقضاياها التربوية والصحية وسبل المحافظة عليها من تيارات هدمت مجتمعات بشرر صراعات وانقسامات وضيق افق وعصبية الجاهلية التي لا يزال البعض ينفخ فيها بمفردات الكراهية، وهو ما تتصدى له الدولة وتحرص كل الحرص على ترسيخ البناء الصحيح للفرد والاسرة، من جميع النواحي. فاذا كانت الاسرة جيدة البناء، متماسكة الأركان، وافرادها في حالة استقرار اصبحت نواة حقيقية لامن المجتمع يسوده التعاطف والتآلف، والعمل على حب الخير بين أفراده والوعي أكثر وأكثر بنعمة الأمن والسلامة للوطن واهدافه ومكتسبات التنمية الشاملة وهي مسؤولية مشتركة للمجلس الجديد والاسرة وكل من يعنيها استقرارها. للتواصل / 6930973