شفق السريع الثلاث سنوات الأخيرة لم تمضِ منها سنةٌ إلا ويسقط فيها عمود من أعمدة الشعر الشعبي الأصيل..بل سقطت أعمدة و منارات عربية لا يمكن نسيانها أو تجاوزها مهما اختطفها الموت..ففي عام 2014 كان عام الحظ الأوفر في حصد أرواح الشعراء رحمهم الله تعالى..فمع إطلالة شهر ابريل توفى الشاعر عبدالله بن شايق،ثم تبعه شاعر العرضة عيظه بن طوير المالكي في شهر اغسطس من نفس العام،ليلحق بهما الشاعر الكبير رشيد الزلامي في 2014/12/29، لنصبح في اليوم التالي 2014/12/30 على وقع خبر وفاة (شاعر الناس) محمد النفيعي..و في عام 2015 وتحديداً في شهر فبراير تفاجأنا بخبر وفاة عميد شعراء العرضة الجنوبية الشاعر محمد بن مصلح الزهراني، لنتلقى بعده بشهر، في شهر مارس بوفاة الشاعر البحريني عبدالرحمن رفيع، لنتفاجأ بعده بشهر آخر في شهر ابريل بخبر وفاة الشاعر الشعبي المصري عبدالرحمن الأبنودي..و في هذا العام 2016 تنزل علينا الصدمة الكبرى بوفاة الشاعر الكبير، شاعر القلطة والعرضة والنظم سعد بن جدلان ، بعد تسعٍ وستين عاماً قضاها سيّداً للشعر، ومتسيداً لشعر النظم.. سعد بن جدلان الذي أطلق عليه الشاعر الأمير خالد الفيصل شاعر الصورة، وأطلق عليه الشاعر الدكتور الشيخ عائض القرني لقب شاعر الحكمة والبلاغة..سعد بن جدلان الذي عرفته منصات الشعر وشاشات التلفزة وأوراق الصحف وروابط النت ومقاطع اليوتيوب،عرفه الطير والسحاب والحجر و الصخر والجبل والسهل،عرفته الإبل والصحراء والأوراق و القلم،عرفته الذائقة ومجالس الشعر..من ذا الذي لا يعرف هذا الصرح و هذا الهرم و هذا الديوان و هذا الشعر؟ ألا يكفينا ان نذكر اسمه لنعرف قيمة الشعر و بساطة الشخصية وأريحية الجناب وكمال الحضور؟..سعد بن جدلان الذي لم يترك باباً من أبواب الشعر إلا وطرقه و أبدع فيه و تجاوز غيره من خلاله..كتب عن الوطن و الإبتهال و الحكمة و الوصف و الغزل و الإبل و المدح و غيرها..لا يمكن لأحدٍ أن يختلف على قيمة هذا الشاعر في شعره و قوة حبكه و سبكه..و في رأيي أنه لم يجاوزه مجاوزٌ وتحديداً في(الوصف)..سواء كان هذا الوصف في الطبيعة أو في الغزل أو في أي شيء آخر..فقد(كان صرحاً فهوى).. رتويت: يالله لا تورّينا الجفا في عيون اصحيب و لا ضحكة الشّامت و لا هرجة المنّه لا قَفّت مجاهيمٍ عليها مزاهب طيب يالله في مغاتيرٍ تدخّلني الجنّة ل/ سعد بن جدلان (يرحمه الله).