لقد امتلكت الرؤية التحويلية التي طرحها ولي ولي العهد الأمير الشاب محمد بن سلمان نقلة استراتيجية لم يسبق لتاريخ المملكة طرحها بهذا التنظيم الممنهج، وهذا ما يعني بأن العقلية الشابة التي تسعى لقيادة البلاد لبر الأمان والاستغناء عن الثروة النفطية اعتمدت عليها المملكة طيلة الستين السنة الماضية، حيث قال في حديثه (أعتقد أننا في سنة 2020 سنستطيع أن نعيش دون نفط). وهذا ما يؤكد على أن البنية الاستراتيجية المقبلة ستكون مقبلة بروح شبابية تحمل مستقبلا مملوءاً بالاستثمار غير النفطي. رؤية اقتصادية طموحة إنها مسيرة فذة على طرقات بنيوية كثيرة، لا تقتصر على مقاربة جديدة لعنصر النفط الأساسي، بل تتناول كل شيء في المملكة : الاقتصاد، التنمية، إعادة بناء قواعد الإنتاج، تنويع مصادر الدخل، ترسيخ علاقة السلطة بالمجتمع على أسس من الحداثة الممنهجة، ما يرسي في النهاية وقبل 2030 عقداً اجتماعياً يتناسب مع دور المملكة المرجعي عربياً وإقليمياً ودولياً. استمعت جيداً الى ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يشرح في مقابلة مثيرة مع تركي الدخيل في "العربية"، برنامجه الشامل حول رؤيته للسعودية بعد عقدين من الزمن، وسبق لي ان قرأت المقابلة التي أجراها معه موقع "بلومبرغ"، والتي إستهلّها بالقول ان الديبلوماسيين في الرياض يطلقون على الأمير الشاب لقب "سيد كل شيء"، لكن من خلال العناصر الشاملة التي تقوم عليها خطته التي أقرّتها الحكومة، والتي تستند اساساً قواعد ثاقبة لإعادة هيكلة الاقتصاد وتحديث اداء الحكومة، ليس من المغالاة القول انها مدخل الى السعودية الجديدة. لاشكّ في ان المقابلة التي اجراها الامير محمد بن سلمان مع الزميل تركي الدخيل وبثّتها «العربية» كانت ايضا نقلة نوعية في حدّ ذاتها، اذ كشفت مدى تقدّم الاعلام في المملكة اوّلاً وقدرة زميل سعودي على الارتقاء بالحوار الى مستوى اي محطة عالمية اميركية او اوروبية جديرة بالاحترام. قدّم «الرؤية» التي وافق عليها مجلس الوزراء مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذي يرأسه الامير محمّد بن سلمان. الملفت انّها لم تتجاهل اي نقطة قوّة يمكن للمملكة الاستناد اليها، مع تركيز خاص على الانسان السعودي، وعلى ان المملكة لم تتأسّس عندما كانت لديها ثروة نفطية. المملكة تأسست وتوحّدت قبل اكتشاف النفط، وهي باقية بعد النفط. لذلك جاء في «الرؤية» ان «ثروتنا الاولى التي لا تعادلها ثروة مهما بلغت هي شعب طموح معظمه من الشباب، هو فخر بلادنا وضمان مستقبلها». نزار عبداللطيف بنجابي [email protected]