رؤية – ماجد عبد الله الغامدي شعر- حمود الصهيبي يستهل الشاعر قصيدته بلغُةِ واثقةٍ وقناعةٍ راسخةٍ واتزان شعوري يرتكز على يقينه بأنه كان المُحب المُخلص والعاشق المُضحّي فيقول: رُح وين ما تبغي!!ليس لأني سأتبعُك بلهفة المُتيّم ونزوعِ المستهام بل لأنك لن تجد مثلي تضحيةً وإكراماً..! وهو من ناحية يرى أنه لن يتشبث بمهاجر ومن ناحيةٍ أُخرى فهو يعلم أن محبوبه لن يجد من يماثلهُ حباً وتضحيةً وإخلاصا لذلك يقول: وأنا في محلّي! فمن جهةٍ يشيرُ إلى أنهُ لن يتبعهُ إن هجر،ومن جهةٍ أخرى يُلمِح إلى بقاء الأمل في عودة محبوبه:فلن يبرحِ المكان..! ثم يلتفت إلى ماضٍ جميل يستعيدُ ذكراه فيقول: يومك تبي..كل اتجاهي يدلّك! وهو هنا يتجاوز بقاء المكان وديمومته والذي لن يبرحه إلى ثبات شعوره الذي ما فتئ تغمرُه السعادة والترحاب في كل قدوم لمحبوبه !يومك تبي..! تعني أن التغيّر الشعوري وفتور العلاقة كان فقط من طرف محبوبه الهاجر!وقد أجاد الشاعر في تحويل سياق الخطاب فجعل مناحيه هي التي تتوجه إلى محبوبه وفي ذلك مقابلةٌ ضمنية بين ثبات محلِّهِ وشعورِه في حال ابتعاد محبوبه وبين الحركة الشعورية الداخلية في حال الوصل(يومك تبي..) فكل توجهاتي ونزوعي تستدل طريقك.! والشاعر بذلك جعل المعني ممتداً وكأنه تضمين(في توزيع المعنى على بيتين) فيستمر في حديثه عن الحركةِ الشعورية ونزوعِه الداخلي فهي تتجه إليك بدفقةِ إحساسي وأُمنياتي..وأنا أُطربُ السحابَ وأُغرِيه ليستمع ترانيم عشقي في مناجاتي لك بكل أطيافك (بعضك وكلك)! جعل الشاعر كل ذلك مقدمةً بما ألمحَ إلى اتزانهِ الشعوري أنه يأمل أن تتوازى العلاقة وأن يتماثل العطاء فيقول: ليه آتحرّى بعضك إن جيت كلي!؟ أرخصتني وآنا الذي مرخصٍ لك.. ..قلبي،يوم انك بالهوى صافيٍ لي والتضمين هنا وإن كان عيباً شعريا ًإلاّ أنه قد يكون مستساغاً هنا خصوصاً وأنه وارى خطف الواو في كلمة يوم! ثم يورِدُ الشاعر معانٍ في عجز البيت ثم البيتين التاليين لا أرى بينهما ربطاً مناسباً إلا من حيث تقابل المعنى الذي يعكس استغراب الشاعر ففي حين يشير إلى العلو(في سماك مْتعلّي) الذي اختاره الشاعر ليذكّره بأن قد تهوي به الريحُ في مكان سحيق!في حين يذكّره بالمنزلةِ التي يحتفظُ بها له ( بين الحنايا محلّك )،ثم في قولِه (زرع لك ريش) وكأنه يذكّرهُ بمن منحه الثقة وأعطاه القدرة على التحليق في سماءِ عشقِه ليؤكد بعدها أن من قام بذلك لن يخذلك يوماً (لا تفكّر يذلّك). ويختتم قصيدته بتسامح الكريم وعطاء الواثق بعد أن استعرض مبادرته بالعشق وعطاءَهُ الروحي بمنحِهِ خيار الرحيل بعد أن فتح له الصدرَ الرؤوم (بين الحنايا محلّك) وكأنهُ يقول: إني خيّرتُكِ فاختاري!! تبي الرحيل ..أرحل!! فهو يقول إن كان قرارُك الرحيلُ بعد كلِ هذا فسأُشاطرُك الرأي فأرحل..وفوق ذلك سترحل ومعك كل ذكرياتك (لا تلتفت لي) وكأنه يعيدُ ما قال شاعر الحب والحياة الشابّي: ثم أنساكَ ما استطعتُ فما أنتَ بأهلٍ لِصبوتي ولِكأسي! فلم يبقَ لك عندي سوى مرارة فعلك الذي ستجترُّه معك وقد أَلمحَ إليه بالظل الذي لا يكون إلا سواداً.. وهنا أذكر قول الأميرسعد ال سعود (منادي) الذي يجمع مفتتح القصيدة وختامها إذ يقول: نسيتي من نسى الدنيا ولكن ما قِدر ينساك ولو نفرض نسيتيني..شعوري كيف تنسينه !؟ نسيتي كل شي إلاّ حبيبٍ ما نسى ذكراك ولو فعلاً نسيتي..ما بقى شيٍ تعرْفينه!. رح وين ما تبغي وانا في محلي يومك تبي كل اتجاهي يدلك وغر السحابة دنقت تستمع لي يومني اغني لبعضك وكلك ليه اتحرى بعضك أن جيت كلي ارخصتني وانا الذي مرخصن لك قلبي يوم انك والهوى صافين لي وقل للسحاب اللي يمرك يبلك ياطير ياللي في سماك متعلي وان جيتني بين الحنايا محلك من هو زرع لك ريش ياطير قلي واللي يعزك لا تفكر يذلك تبى الرحيل أرحل ولا تلتفت لي ولو تلتفت ما يتبعك غير ظلك