سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ضيف (البلاد) د. إبراهيم عباس نتو.. الاكاديمي والشاعر وعاشق الموسيقى .. علمتني الحياة في أمريكا التعرف على الحقيقة والانضباط.. ومنحني حاكم تكساس (مواطن فخري)
بخيت آل طالع الزهراني تصوير: محمد الحربي الدكتور ابراهيم عباس نتو اكاديمي سعودي وشاعر للبيانو ومحب للتراث، ومنفتح على الثقافات.. وعندما كنت احاوره في قاعة الاجتماعات ب(البلاد) فاجأني ببساطته و"خفة دمه" وعفويته، لكنه كان يخفي وراء كل ذلك رؤية مختلفة للحياة، بفلسفتها ويقولبها في مفاهيم ورؤى تنم عن سعة افق وتجربة وذكاء حاد، وقدرة على اقناعك بمنهجه، اضافة الى دقته وحرصه على تفاصيل التفاصيل، مما يجعلك تتيقن انه من القلائل الذين وان تلبسوا بالعفوية للوهلة الاولى، فانهم يحملون ذوات ثرية وعميقة، واكتسبها من تجاربه ودراسته في امريكا، ورحلاته الخارجية، وعمله في البحرين استاذاً، وفي جامعة الملك فهد للبترول بالظهران عميداً. وكان ما لفتني خلال حواري معه انه كان من اوائل الطلاب السعوديين ترتيباً، وممن لحق الكُتّاب في مسقط رأسه مكة قبل التحاقه بالفلاح الابتدائية في حي الشبيكة، ومن اوائل من ابتعث للدراسة بالخارج للبكلوريوس فالماجستير والدكتوراه (دعسة واحدة) من دون انقطاع او عودة للبلاد الا بالشهادة الكبيرة، ضيفنا يتحدث أربع لغات ونصف كما قال من بينها العبرية اما النصف فهي اليابانية.. هنا مجمل حوارنا مع الدكتور نتو:
أنت اخصائي في التربية والتدريب .. ما الدور الذي تلعبه المدرسة والجامعة في تأسيس جيل ذي قيم ومهارات عالية ؟ عادة ما نردد عندنا البيت الذي يقول صدره : الأم مدرسة اذا اعددتها … وأنا اقول ان الوطن، و مستقبله، يقومان و ينبنيان على المدارس المهيأة والجامعات المؤهلة . ولكن في الواقع فنحن عندنا قصور في الاثنتين. وعلى العموم فمدارسنا مكتظة، ومنها حتى (ما هو مستأجر، اي غير مصمم تربوياً اصلاً ، فهي – اذن – محدودة الصلاحية.) والمدارس الرسمية يعوزها الكثير من مقومات المدرسة فيما وراء السبورة و الطباشير . و ذلك مثل معامل اللغة ؛ و معامل مختلف ‘العلوم'؛ و القاعات متعددة الاغراض للنشاطات الثقافية و الفنية والمسرحية و الموسيقية، بل والنشاطات الرياضية غير المتوافرة الى الآن. كما ان اليوم الدراسي محدود .. ومزدحم في آن . ولقد حاول الامير خالد الفيصل خلال توليه منصب وزير التعليم ان يوسع اليوم الدراسي الى قرب العصر ؛ لكننا لم نسمع عن تأثيث المدارس بكافيتيريات .. لتواكب فترة الغداء في ذلك اليوم ‘الكامل' و كان املي ان نسمع عن اعادة تنظيم المناهج ، مثل تجميع مواد اللغة العربية المتفرعة والمشتتة بلا طائل ؛ و كذلك عن لم شمل فروعها في كتاب واحد ، وتجميع حصصها في مادة موحدة . ومثلها المواد الدينية . وبذكر المهارات والقيم .. فلقد كنا قد ادخلنا في المنظومة التعليمية – قبل40سنة – فكرة ‘ المدرسة الشاملة ‘.. لتجمع بين المواد التقليدية وعناصر من المهارات اليدوية والفنية والفكرية . ولكن تم التخلي عن المشروع بعد فترة قصيرة . كنت من أوائل الطلاب السعوديين المبتعثين للخارج.. حدثنا عن تجربتك مع الابتعاث؛ ؟ نعم .. انا في عام 1383ه/1963 م ، كان تخرجي من الثانوية العامة / التوجيهية .. من مدرسة الفلاح بمكة؛ و كنت ضمن العشرة الأوائل فكنت السابع على مستوى المملكة. وتم ترتيب انتقاء اعداد من الطلبة الناجحين للانضمام للبعثات التي كانت موزعة الى الباكستان شرقاً ثم بيروت فأوروبا و امريكا (و كانت مصر خارج الحلبة، فقد كانت فترة خلاف واصطدام بيننا جراء الثورة والحرب اليمنية آنذاك). فكنت ضمن مجموعة مكونة من 83 مبتعثاً متوجهة الى امريكا؛ وكانت مكونة من طلاب من انحاء المملكة، من القطيف و ما حولها شرقاً، الى مكة و مدن الحجاز غرياً وعسير و جيزان جنوباً، ومن انحاء الرياض وما حولها. وحدث في سنة تخرجي تلك ان تحرّك حراك ما صار قبلها .. وهي اقامة برنامج احتفالي بالعشرة الأوائل، تزعمها عدد من اعلاميي العصر مثل حسن عبدالحي قزاز ومحمد حسين زيدان، بمباركة ودعم وزارة المعارف ، وكان قد اقيم لنا الحفل بجدة في برحة مجاورة لفندق الحرمين في منطقة باب شريف ما بين حارة البحر و الهنداوية ، حضره وزير المعارف الشيخ حسن آل الشيخ.. و عدد من المسؤولين . ثم تواصلت الاحتفالية بنا بأن تم تنظيم رحلة لنا الى المنطقة الوسطى(الرياض)؛ و الى المنطقة الشرقية(الظهران) شملت زيارة ارامكو و الغداء بكافيتيرتها بعد الوقوف في طابور لأخذ اطباق اجزاء الوجبة، و تناول الوجبة باستعمال الشوكة والسكينة؛ ثم اخذونا مساءً الى منطقة المسبح حيث قمنا بمشاهدة فيلم اجنبي، (مؤثر)، بطولة كوني فرانسس . وبعدها عدت مع من عاد الى جدة. بعدها عدنا الى الرياض لمتابعة فرصة كل منا في البعثات. و كنت ممن ابتعثوا الى امريكا. ما رأيك في فكرة الابتعاث؟ فكرة وعملية الابتعاث كانت وتكون وستبقى من افضل ما كان ويكون لتنشئة المتميزين عبر الاجيال، و ذلك بتوفير فرص التعلم.. وخاصة ما يتم بتركيز نوعي و كميّ في مؤئله وموطنه؛ وبذا يُطلب العلم من الصينواليابان شرقاً الى أوروبا و امريكا في الغرب.. و في انحاء العالم. وفي تصوري، إن برنامج الابتعاث الذي يتم تنفيذه منذ اكثر من 5 سنوات لهو من افضل ما اقدمت عليه الدولة.. و نرجو المضي فيه بل و التوسع في التخصصات النادرة (و التليدة في مواطنها)، و في جامعات متميزة في مواقع معينة بالخارج. لك رأي في موضوع "تنظيم الاسرة"؛ ما فلسفتك في ذلك؛ وفي اختيار الشريك؛ والتعامل عموما داخل الأسرة؟ اخذاً في الاعتبار : 1.اهمية و تقديم النوعية على الكمية؛ 2. لزوم الانتباه للتطور النوعي لكافة مناحي الحياة؛ 3. تصاعد تكاليف الحياة منذ عقد الزفاف الى الحمل والولادة؛ ثم المسيرة الطويلة للتنشئة قبل المدرسة وخلالها وبعدها. خلال كل ذلك، يتنامى الضغط، بل الضغوطات، على الموارد المتاحة داخل الأسرة و في المجتمع بعامة.. و ذلك بما يشمل الخدمات.. و وسائل التنشئة و التدريب و العلاج و الجوانب الترفيهية في الحياة. ولا ننسى الجوانب الشخصية و العائلية والنفسية لكل طفل وطفلة.. وهذا كله وغيره يتطلب نوعية معينة ..فيما وراء مجرد الامكانات المادية.. بل بالطبع هناك الاعتناء الشخصي.. و العناية الأبوية من الأم و الأب لكل مولود. و بذا، تكونت عندي ‘فكرة' تحولت سريعاً الى (موقف) عن أهمية عدم الافراط في النسل, و اهمية تنظيمه في حدود يحسن الا يفيض عن طفلين. لك مقالات ونظرة خاصة حول (الطلاق) بشكل مختلف عن الرأي السائد .. ما رؤيتك ؟ بداية ، اقول ولو ان الطلاق هو من حقائق الحياة.. الاّ انه لا يجب ان يصبح حقيقة حتمية ، أو احصاءً متنامياً .. سنة بعد سنة؛ حتى وصل حال احصاءات الطلاق لتبلغ السبعين او اكثر في المئة: اي طلاق ثلاثة فتيان , وثلاث فتيات من كل اربع زيجات! إن هذه لطامة كبرى! وبالطبع لهذه الطامة مسبباتها، و منها عدم او قلة تهيئة الشريكين المنتظرين لشراكتهم في الحياة، بكل ما فيها من توقعات وذبذبات و تشعبات وتعقيدات. واول الأوليات هنا هو عدم او قلة تعرفهم الى بعضهم البعض بمدة كافية، من طباع و ميول و هوايات و مهارات، فضلاً عن التباينات و التشابهات الشخصية و النفسية و تفاوت الآمال و الطموحات بينهما.. مما لا يمكن ولا يكفي للوقوف عليها خلال فترة ‘خطوبة' محدودة جداً في تصوري. اما عن (الطلاق) بالذات ، وخاصة فيما يتصل بمصدره والحق في النطق به ، فأرى الاّ يعتمد ‘ وقوعه ‘ إلاٌ بعد كافة المحاولات واستنفاد جلسات من الاستشارات العلمية و الاجتماعية و النفسية؛ ثم لا ينفذ الطلاق من جهة واحدة؛ بل يلزم حضور (الطرفين) امام ممثل القانون المعني في البلاد وهو ممثل القاضي؛ وهو اصلاً من عقد عقدة الزواج عند خليقته ، وهو (المأذون الشرعي) الذي اقر زفاف الطرفين اصلاً ؛ فعن طريقه و بحضوره و بحضور الزوجين اليه ، يتم ويسجل الطلاق . (وليس) بنبث ‘الزوج' بشق شفته , وإطلاق العيار الناري/ الطلاقي.. من جهة واحدة ! فكما كانا قد دخلا بسلام و باتفاق و بشهود و جلسة مع المأذون.. فهكذا يخرجان؛ بلا تسلطٍ أحادي الجانبِ و لا عنفوان! ما مساحة الموسيقى في حياتك، وكيف تنظر لها.. ثم لماذا لا يوجد لدينا معاهد موسيقي وأخرى للتمثيل؟ عن الموسيقى كتبت عدة مرات، و عنها تحدثت في اكثر من مقام و(مجال).. كان منها مقالات تم نشرها منذ سنوات في عدة مواقع على الانترنت، و منها بعنوان،: ‘الموسيقى غذاء الروح'؛ كما و لقد حرصت على تمكين ابنتي وهي في سن الخامسة من تعلم الموسيقى و التدرب على مهارة العزف على البيانو، و مع تعلمها الباليه. و اعتب على القطاع الخاص هنا متمثلة في كبار فنانينا ..و ايضاً اعتب على القطاع العام في عدم تنمية الفرص للتعلم.. كإنشاء معهد للموسيقى: كونسير اتوار ، في كل منطقة و مدينة رئيسة في البلاد. قرأت لك قصيدة تحيي فيها العمال ..ماذا عن تجربتك الشعرية؟ و كيف تنظر للمنتج الأدبي المحلي؟ نعم، و لقد ظهرت عدة قصائد في ديوان منشور لي، وهي تحث على العمل الجاد والاتقان في الأداء؛ و ايضاً تحث على احترام العمال وعلى تكريمهم.. و كذلك ابراز شكرنا و تقديرنا لهم ولإسهاماتهم في بناء و صيانة و خدمة البلاد.. بمختلف المجالات، و مختلف الخلفيات والجنسيات. فكان منذ سنين عديدة ان نشرت قصيدة في وسائل الاعلام والاتصال، بعنوان ‘اعملوا'، و من ثم تم تضمينها في ديواني؛ وكانت بمناسبة عيد العمال في انحاء العالم في غرة مايو من كل عام. وتسألني، يا أستاذ بخيت، عن ‘تجربتي الشعرية'، فجوابي اني شويعر، و لم احرص رسمياً على دراسة بحور النظم، لكني أحب الترنم و اكتب على السَّجية. اما عن تقييم المنتج الأدبي العام، فأتركه للمتخصصين من الأدباء.. ولو ان انطباعي ان المنتج غير غزير و غير عميق .. فعادة ما ينمو و ينضج الأدب بنضج النواحي الاجتماعية و بالتفاعل مع تحديات النواحي الاجتماعية و الحقوقية الوطنية.. و هي هنا محدودة. و غالبا ما نسمع عن امسية شعرية بل أمسيات؛ فإذا بها تركز على مجموعات من شباب الشعراء في الشعر ‘النبطي'؛ او محاضرات مكرورة.. عن نص السرد، ثم سرد النص.. و هلمّ جرا. كما تواتر التفريق الجندري مكاناً و زماناً، في النادي الأدبي فصار للنساء للأسف صالونهن.. رغم ضخامة و سعة و تكلفة قاعة حسن عباس شربتلي. حدثنا عن تجربتك في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن ؟ كنت من رعيل الأوائل، فانضممت الى عضوية هيئة التدريس فيها قبل 40عاماً؛ ثم اصبحت احد عمدائها في السنة الأولى التالية لانضمامي.. فكنت اول دكتور سعودي عميداً لشؤون الطلاب والقبول؛ و كنت ايضاً اول دكتور سعودي في كلية الادارة التي تم انشاؤها في السنة السالفة،؛1975م؛ و ايضاً توليت ادارة البرنامج التحضيري لثلاث سنوات قبل ان تمتعي بسنة التفرغ العلمي بأمريكا. ثم أعرتُ للتدريس بجامعة البحرين وما رأيك في التصنيف العالمي الذي جعل جامعاتنا متأخرة في الترتيب؟ هناك سلسلة من المعايير التي تستعمل عادة في التقييمات الادارية و الاكاديمية للجامعات.. و قد تتفاوت تلك التقييمات من وقت لآخر، لكنها تركز على ابواب ثلاثة: 1. نواحي التدريس.. و ما يتصل به من عناصر؛ 2. البحث العلمي؛ 3. خدمة البلد.. من قريب او بعيد. و جامعاتنا، حتى لو احسنت انتقاء اعضاء هيئة التدريس و الطاقم الاكاديمي المساند، فإن هذا احيانا يترك فجوات؛ و كذلك مقومات وتجهيزات البحث العلمي و طواقم الباحثين من ذوي الانتاج العلمي الزاخر و القيّم؛ و ما يلزم هؤلاء من مصادر المعلومات بما يشمل المكتبات المتخصصة و المعامل و المختبرات الحديثة و المناظرة لمثيلاتها او شبيهاتها في الخارج؛ اما بالنسبة لثالث الثالوث.. فهو يركز على ‘خدمة المجتمع' بصفة مباشرة او غير مباشرة، و منها : تقديم الخدمات الاستشارية المتخصصة.. بما يفيد مؤسسات المجتمع من مواد و ‘كورسات' خاصة و دبلومات، و شهادات .. فضلاً عن تقديم اعضاء هيئة التدريس أحدث خبرات و وسائل حل المشكلات التقنية و التشغيلية و الادارية من ناحية؛ و بما يعود -جرّاء ذلك كله- من معلومات وافكار و تجديد حتى على مستوي تدريس الاستاذ لطلابه.. و بذا يساهم في اثراء عالم البحث بنشر الافكار و الحلول الجديدة نتيجة لذلك التفاعل؛ فيأتي في النتيجة في نشر مقالات او بحوث علمية مُحَكّمة بمختلف الدوريات المتخصصة. وهذه العناصر الثلاثة كلها تُحتسَب في بيانات تقييم الجهات الخارجية لأداء الجامعة المعينة. و مما يميز كثيراً من الجامعات في الخارج حفظها لعضو هيئة التدريس فيها بما يمكن تسميته ب"الحصانة" الأكاديمية.. بما يشمل امانه الوظيفي، و مع انطلاق التعبير الحر. و حبذا لو ‘وسعنا صدرنا' هنا قليلاً.. و لو على وزن مقولتنا: "يجوز للشاعر ما لا يجوز لغيره". بدلاً من تكبيله بمحددات تحد من عطائه، كماً و نوعاً. فالمعلم و الطبيب، كلاهما، لا ينصحان اذا هما لم يُكرما . كنت معاراً للتدريس بجامعة البحرين.. كيف رأيت البحرين، وماذا عن تجربتك التدريسية بجامعتها؟ انطباعي عن البحرين بعامة يمكنني ان اوجزه في وصفي لها وأهلها ب'جزيرة الابتسامة المشرقة .. و لقد سعدت بالتدريس فيها؛ كما انتخبتُ عضواً بالمجلس الاكاديمي فيها؛ و كتبت عدداً من المقالات، و تأليفاتي شملت كتاباً في الادارة المدرسية؛ و شاركت في عدد من المؤتمرات؛ كما شاركت في تقييم بعض ترفيعات أعضاء الهيئة الأكاديمية؛ و في الاشراف على رسالة للدكتوراه، اضافة الى عدد من اللجان؛ و أشرفت على جمعية الطلاب في كلية التربية. أنت خريج جامعة تكساس.. ما الذي تعلمته من الحياة الامريكية غير العلوم الاكاديمية؟ الحياة بعامة خارج الجامعة زاخرة مما تعلمناه كطلبة مبتعثين، مثل : الاعتماد على النفس .. و تنظيم جدولنا اليومي والاسبوعي؛ وانضباط المواظبة الذاتية على حضور المحاضرات و تنظيم ساعات المذاكرة و البحث في مكتبات الجامعة.. اضافة الى ساعات الراحة التي تتخلل هذا وذاك. ثم تنامت علاقات التعامل مع زملائنا في الجامعة.. فتكونت صداقات (بعضها الى اليوم).. وشملت احياناً اصدقاء من جهات مختلفة في العالم، مثلاً في حالتي من البلدان العربية و من اليابان. من التأثيرات الأولى على قراءاتي و دراستي و حياتي بعامة كانت عبارة مكتوبة على اعلى بوابة المبنى الرئيس، تقول : " ستعرف الحقائق ، وعندها ستكون امرءاً حرا "ً ! توفقي الدراسي الجامعي مكنني من مواصلة الدراسة بعد شهادة البكالوريوس الى المواصلة للشهادتين العليين دون انقطاع (دون لزوم عودتي لبدء العمل في البلد، كما حدث لزملائي بعامة.) وخلال سني الدراسة حصلتُ على عضويات التفوق والشرف الأكاديمي؛ كما منحني حاكم ولاية تكساس شهادة ‘مواطن فخري'. كانت مدارس الفلاح ملء السمع و البصر، وانت أحد خريجيها المتفوقين . ماذا تتذكر من المواقف ؟ .. كنت تلميذاً موفقاً في كل مراحل التعليم العام، حتى اذا ما انجزت امتحانات شهادة المرحلة التوجيهية كنت السابع بين العشرة الأوائل على مستوى المملكة. وهناك دائما مختلف العوامل المؤثرة في تفوق التلميذ و نجاح مدرسته، منها التوقعات المنزلية و المجتمعية.. و معهما الطموح الشخصي و الحرص الدائب على حسن الاداء و التحصيل، خاصة و اني كنت المولود الأكبر، اضافة الى محدودية انشغالاتي الخارجية، فكان لديّ ثالوث لا رابع له: البيت، المدرسة، متجر والدي، ثم الحرم. فلم يحدث ان حضرت حتى مباراة كرة مثلاً . و لولا مهرجان شاركت فيه مدرسة الفلاح ذات مرة وانا في المرحلة المتوسطة، (كان ذلك المهرجان امام الملك سعود..) لما حتى (دخلت) ملعب الكرة، ساحة اسلام ! لماذا ضعف التعليم عندنا عموماً في السنوات الأخيرة ؟ هناك العناصر الرئيسة: الدارس؛ المدرس؛ الادارة ومرافق المدرسة .. وباستعراض هذه العناصر الثلاثة.. يمكن تحسس نوعية اداء كل منها .. غير أنني ارى ان هناك عنصراً (رابعاً) يكتسب اهمية قصوى هنا، و هو البيت بخاصة، و المجتمع بعامة. فعن سبب ضعف العملية التربية برمتها يأتي البيت، في تصوري، في المقدمة. ففي العموم، تجد توقعات البيت تأتي مختزلة في تسجيل التلميذ في مدرسة ما؛ ثم وبعد توفير الاساسي من الادوات التعليمية والملابس ونحوها .. يبدأ في الغالب بياتٌ معيّن عند الأبوين. ثم يأخذ البيت والتلميذ في التحرك واحماء الوطيس غالباً في اوقات الاختبارات او قبيلها، و خاصة عند نهاية الفصول الدراسية.. فتتكون ساعتها حملة عامة.. مع قليل من الاشراف و المتابعة (قبيل) فترات الاختبارات. ( وهذا لم / ولن / ولا يكفي ) وتتفاقم المشكلة مع التضخم السكاني في البيوت.. اما اذا تعقدت الأمور بعد ذلك بتعدد الزيجات (..مع نتائجها من تعدد مفرط للأطفال ..) فعندها تتأثر العملية التعليمية سلبياً، جملة وتفصيلاً . لديك مجموعة من الكتب ، اظنها ثمانية … كيف قمت بتأليفها ؟ بدأت تأليف الكتب وانا في جامعة البترول، فكان اولها في علم الادارة ، وكان ذلك اول كتاب لي قبل 35سنة ضمن سلسلة كتب بالعربية لدار النشر العالمية، وايلي، في مركزيها بنيويورك و لندن .. ثم كان كتاب تربوي، ‘افكار تربوية'، نشرته تهامة للنشر فكان ضمن سلسلة الكتاب السعودي، ايام كان أ / محمد سعيد طيب مديرها؛ ثم قمت بنشر 3 كتب وانا في البحرين : احدها عن الادارة المدرسية؛ و الثاني ديوان، ‘مكة الثُّريا؛ وثالثها ‘مكةالمكرمة…' عن لهجة اهل مكة. ثم توالى مؤخراً نشري كتباً كان احدُها – باللغة الإنجليزية – عن (الادارة المحلية في مكة)؛ و كتاب متنوع المحتوى بعنوان : ‘بقلمي' .. ثم كتاب فريد من نوعه و محتواه بالإنجليزية مع تعريفات بالعربية عن المفردات الإنجليزية: ازواج من المفردات تشابهت في مبناها و تفاوتت (جذرياً) في معناها! ما هي مشكلتنا مع التأليف والنشر، ثم مع القراءة .. هل من توصيف ؟ هناك علاقة تبادلية بين الجانبين، التأليف و النشر من ناحية ، والقراءة والقراء من ناحية أخرى. فالتأليف تحدده مساحة التحرك المتاحة ضمن الرقابة، خلا الموضوعات الاعتيادية و التقليدية؛ ثم يدخل عنصرا الطبع والتواجد الفعال في المعارض ومواقع التوزيع. اما القراء، فعدا الحاجة في بعض مجالات الدراسة الجامعية كمراجع اضافية او لإجراء البحوث، فالقراء يبدو انهم مشغولون ونوعاً ما مشدوهون بوسائل الاتصال الاعلامي و الترفيهي والتواصل الاجتماعي و نحوه . ثم ما يجدونه من بحور مراكز و'مواقع' مصادر المعلومات الفورية المقروءة والسمعبصرية في متناول يديهم واصابعهم على حواسيب محمولة وهواتف ذكية .. مما يغنيهم بشكل متزايد عن اقتناء الكتاب الورقي. انت من مواليد مكةالمكرمة .. كيف هي ذكرياتك معها .. ومن هم رفاق الطفولة ؟ كما ذكرت آنفاً ، كانت حياتي بمكةالمكرمة في رباعية البيت والمدرسة ومتجر الوالد في السوق الصغير بقرب الحرم .. والحرم ذاته. ومررتُ بتجربة ‘الكُّتّاب'، وذلك لمدة سنة في كُتّاب الشيخ امين ماحي ، قبل التسجيل بالصف الأول في مدرسة الفلاح بمكة في حي الشبيكة. ومن زملاء السنة الأولى الابتدائية : حسن و علي رمضان؛ وشرف حسن شرف ( بركاتي) ؛ وممن اذكر في الصف الثاني : بكر وهاشم عيدروس ؛ لكنني اذكر بوضوح معرفتي بزميل في هذا الصف اسمه ابراهيم جمعة .. لم التقي به بعد تلك السنة ؛ و كان تعاملي معه وزمالتي له تتركز علي اجتماعنا في وقت ‘الفسحة' ليساعدني على قراءة القرآن ، و كنت اعطيه نصف مصروفي اليومي ، قرش من القرشين ! (اذكر ان عونه كان في ‘الم تر..'؛ و ‘ويل للمطففين..'!) وأذكر من الزملاء في الصف الرابع: محمد احمد مشاط؛ وفي الخامس والسادس: منصور ابراهيم بدر؛ و زميل من نجد افتقده كثيراً منذها : محمد الحمد الطريِّف ؛ و بكر بغدادي . ثم كان ممن تزاملت معهم في المتوسطة و الثانوية : ابراهيم دوكي؛ محمد حسن مصري ؛ احمد باعقيل سقاف ؛ ابراهيم جستنية ؛ فاروق احمد مجاهد ؛ عبدالله جستنية ؛ عدنان سمباوة ؛ وفاروق عبدالمجيد. من ابرز الشخصيات التي اثرت فيك، و كذلك الذين تعاملت معهم؟ هناك اربعة اذكرهم الآن جيداً ممن تأثرت بهم، فكان : 1. جدي لوالدي (بكر) الذي اثّر عليّ بطرائق مباشرة وغير مباشرة ذات تأثيرات طويلة المدى، و ذلك في النواحي السلوكية و المعرفية والاجتماعية، و بعضها عن طريق حكاياته لي؛ 2) ثم (ابراهيم جمعة) في بداية مرحلة التعليم العام، في الصف الثاني، و دوره في تعلمي ‘ويل للمطففين..'، و ‘ويل لكل همزة لمزة..'، مثلاً! 3) و في المرحلة الجامعية، في امريكا، تأثرت بالأخ سعيد بريكي، زميل من الدفعة السابقة لدفعتي، ومن مدينة القطيف.. ومنه تعلمت بدايات ثقافية عن المنطقة الشرقية وعدد من المفاهيم الأخرى، بما فيها الفقهية، حتى ان الاستاذ الفاضل عبدالعزيز المنقور، الملحق التعليمي بأمريكا، سمّانا اثناء لقاء له بنا ب'الشيخين': شيخ الشيعة وشيخ السنة! 4) و بعد بدء الحياة العملية ، منذ 43سنة، كان تعارفي مع عدد من الزملاء في وزارة المعارف، مثل الأخ عبدالعزيز منفوحي ؛ وخارجها ، مثل د .غازي القصيبي، وذلك قبل قصيدة "بَيني وبينَك الفُ واشٍ…" ، وما بعدها في البحرين ، حيث شكّل تلاقينا الاسبوعي تأثيراً واضحاً على نمو محاولاتي في النظم ؛ وقام بنشر مقالة عني في "المجلة العربية" التي كانت تصدر في الرياض، وكذلك نوَّه عني وعن مجموعة قصائدي بهامش في كتابه، "حياة في الادارة." انت تتقن عدة لغات.. ما هي ؟ .. و كيف تعلمتها ؟ اضافة الى اللغة الأم العربية ، فلقد بدأت كغيري، تعلم الإنجليزية في بدء الدراسة المتوسطة في مدرسة الفلاح؛ ثم كان مقرراً علينا دراسة الفرنسية في الصف الثاني والثالث الثانوي . ثم في الجامعة في امريكا، كان من الاختيارات في اللغات : الفرنسية والإسبانية والبرتغالية والعبرية ، فاخترت الأخيرة ، و حصلت على درجات عالية فيها . ثم اثناء تدريسي بجامعة البحرين، كانت مؤسسة نومورا قد قدّمت دروساً في اليابانية لمنسوبي الجامعة فوضعت اسمي ؛ وبدأت مجموعة المسجلين ب 14، و لكنها سرعان ما انتهت بي ! و بذا صارت اللغات عندي اربعاً ونصف ! لو عادت بك الدنيا من جديد ، ماذا كنت تتمنى ان تكون؟ هذا سؤال مفاجئ ، سي بخيت ؛ لكني لو اني بدأت من جديد , فأتصور انني اتمنى لو تخصصت كطبيب اطفال معاقين , او كخبير في التلوث البيئي ، او لو اخذت دروساً في العزف على البيانو . لمن تقرأ ومن يشدك من الشخصيات .. ولماذا ؟ اقرأ لخلف الحربي علي شارعين لصراحته وجمال تحليله وتعبيره وفي الكتابة لا ينبغي ان تكون جافاً. واتابع المذيع د. سليمان الهتلان من قناة الحرة في برنامج " حديث الخليج " وهو الذي انتقل الى " سكاي نيوز العربية " في برنامج " حديث العرب " وذلك لطريقة واسلوب حواره وفكره التنوير. وهناك د. عبدالعزيز محمد الدخيل الخبير اقتصادي المعروف , والوكيل السابق لوزارة المالية , وذلك لواقعية وامانة تحليلاته. وايضا هناك د. تركي الحمد الكاتب المعروف , وذلك لنوعية تحليله للقضايا الاجتماعية والسياسية وعمقه في كتابة الرواية . وانا اسميه نجيب محفوظ السعودية . ويعجبني من الكاتبات والاديبات والشخصيات النسائية السعودية , الكاتبة سمر القرن ، وسهيلة زين العابدين، وبدرية البشر، ود. هناء حجازي .. وذلك لصدق وواقعية كتاباتهم وابداعهم وعملهم اليومي الاجتماعي التنموي التنويري. كما لفت انتباهي ايضا الكاتب نجيب الخنيزي .. وايضا لفت انتباهي صالون الاديب والمثقف جعفر الشايب في مدينة القطيف , لما يدور فيه من نقاشات ثقافية وفكرية. وانا في الواقع كنت سافرت الى امريكا وعمري 18 سنة ودرست هناك بالطبع البكالوريوس والماجستير والدكتوراه لعشر سنوات متواصلة. وقد تزوجت وانا في امريكا خلال فترة ابتعاثي للدراسة , وتم ذلك الزواج بطريقة الاختيار التقليدي من الابوين لعروسة ابنهم , لكننا فيما بعد انفصلنا بعد ثلاثة من الابناء , ثم تزوجت ايضا من طالبة كانت عندي في الجامعة , ثم أخرى زوجتي الحالية السيدة منيرة حسن عابد , ولي منها طفل واحد " منير " ، وهكذا أكون قد تزوجت ثلاثا , وانجبت منهن اربعة , بمعدل 1.3 طفل من كل واحدة . ثم أنه قد رزق الله ابني منير بتوأم – طفلين جميلين – جعلا مني " جدودي " لأول مرة في حياتي .