أكد المشاركون في الندوة الثقافية التي نظمها نادي مكة الثقافي الأدبي بعنوان ( الحملات الإعلامية على المملكة وخطاب التصدي لها ) أكدوا أن هذه الحملات تقودها دول عظمى ومخطط لها بكل احترافية تستهدف أمن واستقرار المملكة بعد أن أصبحت المملكة بوصلة العالم الاسلامي ولها ثقل كبير ورفيع على المستوى الاقتصادي والتأثير في القرار السياسي . وكان النادي قد نظم هذه الندوة الثقافية الهامة وشارك فيها كل من الدكتور اللواء م.أنو ماجد عشقي رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والدكتور فائز عبد الله الشهري عضو مجلس الشورى والدكتور عبد الله بن عبد المحسن العساف رئيس قسم الإعلام المتخصص بجامعة الإمام محمد بن سعود الاسلامية بالرياض وقد قام بإدارة الندوة الدكتور محمد هندية رئيس قسم الإعلام بجامعة أم القرى وقد أكدوا من خلال حديثهم أن التصدي لهذه الحملات يجب أن يستند على التاريخ والاستراتيجيات المدروسة والمنظمة للقضاء عليها من خلال الخبراء المتخصصين في هذا المجال . وقالوا أن هذه المرحلة التي نعيشها الأن مرحلة مهمة جداً في تاريخ المملكة ولهذا تتعرض من الغرب إلى حملات معادية في مختلف جوانب الحياة ومسؤولية التصدي لهذه الحملات ليس من مسؤولية الدولة فحسب بل مسؤولية مشتركة بين أفراد الشعب ومؤسسات القطاع الخاص خاصة وانه قد اتضح جلياً أن هذه الحملات المغرضة ضد المملكة هدفها تشويه سمعة بلادنا فهناك جهات ودول يسؤوها الدور الريادي الرفيع الذي قامت وتقوم به المملكة على الساحتين العربية والاسلامية والدول الصديقة وتحول دورها من ضبط النفس كما كان في السابق إلى المبادرة والمواجهة والريادة والقيادة والعزم والحزم . المسؤولية الوطنية وكانت الندوة قد بدأت بكلمة لرئيس اللجنة الثقافية في النادي وعضو مجلس ادارته د/ عبد الله الزهراني . أكد فيها أن تنظيم هذه الندوة يأتي انطلاقاً من واقع رسالة النادي ومسؤوليته الوطنية والمجتمعية ولذلك عمل النادي في مجال فعالياته ونشاطاته الثقافية والمنبرية على إقامة مثل هذه الندوات المهمة خاصة ونحن نعيش مرحلة استثنائية بكل معطياتها وتداخلاتها وتداعياتها ولذلك فالمؤسسات الثقافية والادبية لا بد أن يكون لها دور كبير تدافع من خلاله عن الوطن وتتصدى للحملات المغرضة التي تحاك من دول الغرب ضده افتراءًا وكذباً وزوراً وبهتاناً لأغراض معروفة . ولذلك حرص نادي مكة الأدبي على إقامة هذه الندوة حول هذا الموضوع الهام حيث استضاف هذه الكوكبة المختارة من ارباب الفكر والثقافة والاعلام ليشعلوا هذا المساء بإضاءتهم عن الحملات المغرضة التي تواجه بلادنا . استراتيجيتا الكذب والحقيقة بعد ذلك أعطى مدير الندوة الحديث للواء الدكتور أنور ماجد عشيقي حيث طلب منه التحدث عن المحور الأول للندوة وهو التعريف بالحملات الإعلامية وسبل مواجهتها فقال الدكتور أنور أن هناك استراتيجيتان إعلاميتان الاستراتيجية الأولى هي التي تعرف بالكذبة الكبيرة وهذه كانت شائعه في أيام النازية وكانوا يكذبون في أحاديثهم واقوالهم والآن نجد هذا في إسرائيل وبعض الدول المجاورة فيكذبون ويكذبون حتى يصدقهم الناس . أما الاستراتيجية الثانية فهي استراتيجية الحقيقة وهذه تعرف باستراتيجية المناورة بالمعلومات وهي أنهم يضخمون ما هو في صالحهم ويقللون ما هو ضدهم وهذه أول ما جاءت في دول الغرب والأن سادت الدول العربية والغربية عامة والشاعر العربي سبقهم في توضيح ذلك عندما قال : منك الدقيق ومني النار أشعلها والماء مني ومنك السمن والعسل. حيث افخم هذا الشاعر الحاجة البسيطة واضعف الحاجة الكبيرة والمملكة العربية السعودية كما هو معروف كان قيامها في أعقاب سقوط الخلافة العثمانية – أبو صقر العثماني – فحينما سقطت هذه الخلافة كما قال الشيخ أبو بكر الجزائري أن باب الروما قال ( خفقي يا روما وأندبي حظك يا مكة فلم يبقى أي مسلم على وجه الارض ). ولكن الله عز وجل تحداهم بأن جاء برجل من عمق الصحراء لم يسبق له أن دخل مدرسة أو جامعة أو كلية وقام بتوحيد هذه الجزيرة كاملة أقصد المملكة العربية السعودية التي أصبحت اليوم الدولة ال 18 في التقدير على الاقتصاد العالمي كما أصبحت هي الدولة السابعة في التأثير على السياسة العالمية وأصبح ملكها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله الرجل الأول المؤثر في الأمة العربية فهذا كله من نعم الله عز وجل علينا وعلى هذا البلاد المباركة . ولكن أخوف ما أخافه هو أن لا نشكر الله تعالى على هذه النعمة الكبيرة لذا فعلينا أن نشكر الله عز وجل على ما حبانا الله به وحبا به الله بلادنا من نعم عديدة لا تعد ولا تحصى . ولكن كما قيل ( كل ذي نعمة محسود) والله عز وجل يقول في كتابة الكريم( الم. أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ) فالله عز وجل فتن الذين من قبلنا ولكن الانبياء صمدوا وصبروا فإذن فإن علينا نحن أن نصمت أيضاً . الأمر الثاني هناك مقولة سبق وأن قالها معالى وزير الاعلام السابق الاستاذ علي بن حسن الشاعر : حيث قال ( جاتنا ريح من الخلف ودفعت بنا إلى المسرح فإما أن نجيد الدور أو أن نخسر ) في الحقيقة لدينا إيمان قوي وعلم قوي لذا فلا بد لنا أن نجيد هذا الدور فالعالم كله أصبح اليوم في رقابنا ونحن مسؤولون عن نشر النور بين العالم أجمع فنحن نعرف أن سلاح العصر في هذه الأيام هو الإعلام حيث أصبح الإعلام مرتبطاً ارتباطاً كاملاً بالحرب النفسية كما أن الاعلام أصبح اليوم أمضى من السيوف وأمضى من الصواريخ ولهذا كان التركيز في هذا النادي الأدبي الذي نحن الليلة في ضيافته على تنظيم هذه الندوة الهامة التي تتحدث عن الحملات الإعلامية . ما هي الحملات؟ الحملات الاعلامية في تعريفها هي عبارة عن الاستخدام المخطط لمجموعة متنوعة من وسائل الاتصال لحث المجتمع أو بعض فئاته لقبول فكرة ما مطلوبة باستخدام استراتيجية تنطيط بإطار زمني محدد أو ممتد غير محدود . كما أن هناك حملات تغيير التي تهدف إلى التأثير على منظمة بتوصيل اصوات المواطنين نحو المشاركة في صناعة تغيير القرارات والسياسات العامة وغيرها من الأمور كما أن الحملات الاعلامية قد تكون حملات خير وقد تكون حملات شر فخيراً إذا قامت بها الدول وخططت تخطيطاً طيباً لنهضتها وتطويرها وعلاقاتها الطيبة مع الدول الأخرى وحملات شراً إذا جاءت من الخارج وهذه الحملات التي تأتي من الخارج لا بد لنا أن نخطط حول كيفية مقاومتها . عصر التخطيط نحن اليوم في عصر التخطيط الاستراتيجي وليس في عصر الارتجال أو عصر ردود الفعل فالدول التي تخطط جيداً هي الدول التي تستطيع أن تواجه بقوة . فعلى سبيل المثال هناك دول كبيرة اهتمت بالتخطيط الاستراتيجي فقد كنت في زيارة للولايات المتحدةالأمريكية منذ سنوات قليلة ووجدت فيها (2500) مركز دراسات استراتيجية وعندما زرتها مؤخراً وجدت أنه يوجد في شارع واحد بمدينة ( واشنطن ) لوحدها ستة آلاف مركز للدراسات الاستراتيجية يخطط للعام أجمع وهذا يعني ويوضح أهمية مراكز التخطيط في الدول في مواجهة الحملات الاعلامية المعادية والوقاية منها والتصدي لها بافضل الطرق والأساليب المدروسة والمخطط لها تخطيطاً استراتيجياً جيداً . والحملات الاعلامية دائماً ما تكون ناجحة إذا كانت ذات مصداقية وتكون خاسرة إذا كانت تحمل الاكاذيب والافتراءات حيث سرعان ما ينكشف أمرها . أحدث 11 سبتمبر فالحملات الاعلامية المعادية واجهتنا بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م عندما ادعوا أن معظم منفذي حادث الابراج الأمريكية سعوديين بينما أوضح لنا وللعام أجمع سمو الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية آنذاك رحمه الله أنه لم يثبت وجود سعودي واحد في تلك العملية وإنما كانت جوازاتهم مزورة بعد سرقتها منهم لهذا الغرض فعلى سبيل المثال كان أحد أبنائي يدرس في أمريكا أيام أحدث 11 سبتمبر فبعث لي رسالة وقال أنه يوجد هناك أشخاص يساومونهم على جوازات سفرهم بمبالغ مالية كبيرة وصلت إلى (60) الف دولار فعلمت وقتها أن هناك مؤامرة تحاك ضدنا . المثال الثاني أثناء أحداث سبتمبر وفي يوم الحادث كان الجار الاستاذ عبد العزيز العمري بيننا وقد أذاعوا أنه من ضمن الأشخاص الذين قتلوا في الحادث فتأثر والده وجمع رجال الحي يستشيرهم فمنهم من قال له أذهب للسفارة الأمريكية وأوضح لهم الأمر ومنهم من قال له لا تذهب ومنهم من أشار عليه بالاتصال بصحيفة (الشرق الأوسط) لعمل مقابلة مع ابنه ينفي ذلك وفعلاً هذا ما حصل حيث أجرت الصحيفة المقابلة مع العمري المفترى عليه كذباً وبهتاناً . أرأيتم كيف تحاك المؤامرات والافتراءات ضدنا . فبعد حادثة سبتمبر ابتدى الاعلام الامريكي في تنظيم حملات ضدنا لذا فالمملكة الآن لم تصل إلى ما وصلت إليه من تطور وحصولها على الريادة في العالم وتأثيرها القوي سياسياً واقتصاديا إلا بتوفيق من الله عز وجل ثم بالتخطيط الدقيق المدروس ولم يأت الأمر عفوياً أو أنها ريحاً جاءت ودفعت بنا إلى المسرح لذا فعلينا أن نتضامن كأبناء لهذه الأمة وأن نقف معاً وأن يكون هدفنا الأعلى هو إعلاء كلمة لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله . أثر الحملات الاعلامية بعد ذلك أعطى الحديث للدكتور فائز الشهري الذي طلب منه مدير الأمسية أن يتحدث عن أثر هذه الحملات الاعلامية ضد المملكة . فقال : قبل أن أجيب على هذا السؤال أريد أن أعرج قليلاً على كلام الدكتور أنور عشيقي وهو كلام مهم جداً وإعطاء تعريفاً شاملاً ومتكاملاً بالحملات الاعلامية وكيف تكون حملات مخطط لها ولكن أحب أن أقول أنه عندما نتعامل مع الغرب يجب أن نعرف ونفرق بين الحملة المخططة والهادفة سواء في الاعلام وبين الموقف الفكري والتعريفي ولا اسميه الموقف الحضري فالمملكة العربية السعودية قدرها التاريخي الشريف أن حباها الله عز وجل بفضله الكبير وأن خصها بوجود بيت الله الحرام ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشاعر المقدسة فيها وأن تهفوا إليها أفئدة المسلمين من مشارق الأرض ومغاربها ويتجهوا إليها في صلواتهم الخمس وفي أداء مناسكهم من حج وعمرة وزيارة وهذا فضل عميم نحمد الله عليه كثيراً ولدى المملكة ثوابت دينية لا تتغير ودستورها قائم على كتاب الله الكريم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . وهناك دول تستطيع أن تغير من اشتراكية إلى رأسمالية حتى تراعي مصالحها لأن السياسة تدور مع المصلحة ولذا فهذا البلد لديه ثوابت فكل من حاول المزايدة على هذا البلد في موضوع الاسلام والعروبة لا يمكن له ذلك حتى من أبناء جلدتنا ومن اشقائنا العرب في مراحل تاريخية قبل الموجه القومية والناصرية والبحثية لم يستطيعوا عمل شيء حتى جاءت اليوم الموجات الاسلامية السياسية فالمزايدات لا تنفع هنا . فكل من زايد على هوية المملكة الاسلامية وعروبتها يفشل فشلاً ذريعاً . فالمرحلة الحالية مهمة جداً في تاريخ بلادنا حيث تتعرض فيه إلى موجات معادية في مختلف جوانب الحياه وتتطلب من كل أفراد الشعب الوقوف بجانب ولاة الأمر خصوصاً في ظل ما تواجهه من حملات إعلامية مغرضة ومعادية وهي حملات معروفة ومكشوفة أهدافها وغايتها فالحريات الفردية التي يطالب بها أعداء المملكة من خلال هذه الحملات المشبوهة والمعروفة وأحذر هنا من الانجراف خلف هذه الحريات الفردية المزعومة والاغراءات التي يدعون إليها من خلال بعض المؤثرات الاعلامية وذلك بهدف توريط أبناء المملكة بالوقوع في وحلها الممتلئ بالشتات والضياع وحيث أن التزام المملكة بقضية فلسطين ومناصرتها في المحافل الإقليمية والدولية أخرج نوعاً جديداً من الحملات ضد أمن المملكة واستقرارها وهذا ليس من الخارج فحسب بل من داخل المملكة ظهر الذين يسمون أنفسهم بعنصر المقاومة والجهاد وهم بعيدين كل البعد عن ذلك . والمهم أن مثل هذه الحملات الاعلامية المغرضة على المملكة استطعنا أن نكتشف أهدافها ودورنا الأساسي تجاه هذه الحملات تجاهلها وان لا تحدث مثل هذه الحملات ارتباكاً في تعاملنا مع القضايا الأخرى الهامة ولا تشغلنا بردة فعل وفي المقابل لا بد من مواجهة الشعوب بعضها ببعض لتقديم النموذج الاجتماعي الحقيقي مع المحافظة على القيم الدينية والاخلاقية وهذه الحملات تحمل أسباباً فكرية ومواقف تاريخية عن العربي المسلم. جلد الذات وتعريتها بعد ذلك تحدث الدكتور عبد الله بن عبد المحسن العساف الذي بدأ حديثه قائلاً سأتحدث هنا ولن أجلد ذاتنا وسوف أقوم بتعريتها قليلاً فأقول أننا نحن السبب الحقيقي والرئيسي في قيام هذه الحملات وكل ما يجري حولنا لقصورنا في التعريف بمنجزات بلادنا وتطوراتها في مختلف المجالات فعلي سبيل المثال قبل ايام احتفلنا بذكرى ال (85) عاماً ليومنا الوطني المجيد فهل استطعنا أن نبني مع الوفود الاعلامية التي تأتي إلى المملكة في مناسبات عدة خطط استراتيجية دائمة لنطلعهم على منجزات بلادنا ماذا قدمنا ونقدم لمشاريع الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة والمدينة المنورة وغيرها من مدن بلادنا عندنا طلاب منح من الخارج هل دعوناهم لمنازلنا للتحدث إليهم عن منجزات بلادنا وتعريفهم بثقافتنا وتطورها ومعرفة تطور بلدانهم وثقافاتهم وحضارتهم قبل ايام دعوت مجموعة من طلاب المنح الدراسية في منزلي وتحدثت لهم عن إنجازات بلادنا وتطورها واستغربوا ذلك وقالوا لنا أكثر من خمس سنوات لا نعرف عن السعودي إلا اللون الأحمر الذى يعتمره على رأسه يقصدون ( الشماغ الأحمر ) ولم يسبق أن دعانا أحدهم لمنزله فهذا لا يعني عدم كرمكم فأنتم أناس كرماء وأصحاب خلق وتعامل رفيع وشعب طيب ومعطاء وقلوبكم رقيقة وتحبون الوافدين إليكم كثيراً ولكن نجلس سنوات ولا نعرف عنكم شيئاً . أيضاً وعلى سبيل المثال جمعتني الصدفة مع استاذتان من بريطانيا في جامعة الأميره نوره فقالا لي فوجئنا عند وصولنا إلى الرياض لأول مرة بتطورها الكبير وابراجها الشاهقة وشوارعها المنظمة العتيقة وكنا نعتقد أنها صحراء قاحلة يعيش أهلها في البادية ويسيرون خلف جمالهم ومواشيهم . وقبل أسبوع كنت في فرنسا في مقهى واتت إلي أمراءه فرنسية وقالت من أي بلد أنت قلت لها من المملكة العربية السعودية فقالت أول مرة أسمع هذا الاسم أين يقع هذا البلد عن دولة الإمارات انتهى كلامها . فإذا كانت امرأتان متعلمتان اكاديميتان لا تعلمان شيئاً عن موقع بلادنا فهذا يعود لقصور لدينا وفي إعلامنا وامرأءة من قلب فرنسا وليس من أدغال افريقيا لا تعرف شيئاً عن المملكة فهذه مسؤولية إعلامنا .