هناك مثل نردده دون التوقف أمامه بصدق يقول المثل "نأكله لحم وترميه عظم" نعم هذا ما نفعله مع الكثير من رموزنا "الفكرية" والادبية والفنية فلو اردت ان أضرب امثلة بأولئك الذين نسيناهم وهم على قيد الحياة لسودت كثيرا من بياض الصفحات لكن استوقفتني الآن تلك الصورة التي بعث بها أحد الاصدقاء الزملاء على "الوات ساب" قائلا لي هل تعرف من هذا؟ تأملت الصورة جيداً فقلت له الوجه ليس غريباً عليّ لكنني لم اعرفه بالضبط.. فكانت اجابته الصادمة لي والفاجعة لنفسيتي.. وللومها على تقصيري تجاهه ليعيد الى ذهني ذلك الشريط من الذكريات عنه والتي تمتد لأكثر من اربعين عاما قضيناها في المدينةالمنورة التي لم يكن يغيب عنها شهراً وتلك الامسيات التي امضيناها في صحبة من اهل الادب والفن.. فهذه اشجار الورد والفاغية في بستان الاخوين بصحبة ذلك الفنان الحاذق السيد الكبير ابراهيم رفاعي تحيط بنا أريجها الاخاذ مع صوت النقاري المختلط يصوت – مكنة – البستان في ذلك الليل التليد. ياه .. هل معقول هذا هو الفنان الذي امتعنا بعذب الحانه وذوب نفسه..؟ هل نحن الى هذه الدرجة من العقوق والنسيان حتى نتركه هكذا "شبحاً" انظر ماذا يفعل الاخرون مع رموزهم الفنية ناهيك عن الادبية ابتداء من محمد عبدالوهاب في مصر مروراً بناظم الغزالي في العراق والدوكالي في المغرب وعبدالله فضالة في الكويت وفيروز في لبنان وصباح فخري في سوريا الى ايوب طارش في اليمن. انهم يعطونهم ذلك الاهتمام وتلك المكانة وتلك الرعاية المستحقة أعود الى ذلك الفنان بقامته الفارهة وبريشته الناعمة والقادرة على الدخول الى مسام جلدك كمستمع اسمعه وهو يطلق ذلك اللحن المذاب ولاءاً في عشق هذا الوطن من كلمات الشاعر سعيد فياض: بلادي بلادي منار الهدى ومهد البطولة عبر المدى عليها ومنها السلام ابتدا وفيها تألق فجر الندى حياتي لمجدِ بلادي فدِا بلادي بلاد الإبا والشمم ومغنى المروءة منذ القدم يعانق فيها السماح الهمم وفيها تصون العهود الذمم ستبقى بلادي منار الأمم لتمنع عنها دياجي الظلم باسم المهيمن حامي العلم وعزم السيوف وهدي القلم وعزم السيوف وهدي القلم او اسمعه وهو يترنم بتلك الكلمات لحناً على صوت الفنان الكبير طلال مداح رحمه الله وكلمات بدر بن عبد المحسن: مري علي قبل الرحيل .. مري علي مثل الوفاء مثل الجميل .. مري علي مري علي ردي حياتي .. وارحلي مري علي من بعد شوفك .. ما علي مري لو الفرقا قدر قولي قدر قولي زماني بك غدر يمكن غدر اما اغنيته التي كتب كلماتها مهندس الاغنية الشاعرة لدينا ابراهيم خفاجي بذلك اللحن الفخيم عندما غناها فنان العرب محمد عبده. يا حبيبي انستنا .. ربي تمم لنا انسنا بالسعادة والهنا .. لما شرفتوا هنا يا حبيبي .. انستنا والله ما اخبي عليكم .. إني عايش في جحيم الانتظار والفؤاد مشتاق اليكم .. والثواني والدقايق بتزيده نار بالسعادة والهنا .. لما شرفتوا هنا يا حبيبي .. انستنا كل تلك الاعمال التي سادت ذلك الوسط بكل ما فيه من بهجة وغيرها من اعمال فنية.. فكان نجمها.. كيف نسيناه لتأخذه هذه – الظروف السيئة لتوصله الى هذه الحالة المزعجة. اين جمعية الثقافة والفنون والتي كان أحد مسؤوليها عند انشائها.. اين وزارات الثقافة والاعلام.. بل اين اولئك الفنانين رفقاه في المسيرة الفنية على مدى كل هذه السنوات.. لقد آلمتني تلك الجملة من ذلك الفنان الكبير الذي عندما طالع صورته قال لو شعبان عبدالرحيم سعودي.. وفنانا هذا مصري لأخذ كل واحد مكان الآخر. هذه الجملة جعلتني اتوقف امامها بمرارة وأنا استعرض ذلك – السراج – الذي كان متوهجاً فيما حوله من الفنانين – سراج الذي اشبع وجداننا فناً راقياً صاحب لحن النشيد الوطني الرسمي الاخاذ .. إنه الفنان المهذب سراج عمر.