بين فترة وأخرى نشاهد مقاطع يوتيوب لأشخاص يعرضون أنفسهم للخطر دونما داعٍ لذلك ! حيث ترى أحدهم يقف مع الآخرين بسيارته على حافة الوادي عند هطول الأمطار الغزيرة وجريان السيول الجارفة، وعندما تشتد تدفعه روح المغامرة و حب الظهور أو بالأصح الحماقة إلى ركوب الخطر . فيحرك سيارته ليقطع السيل رغم تحذير من هم حوله ، فيقدم دون مبالاة مغترا بقيادته معتزا بقوة مركبته متحديا قوة السيل في تصوره ، ليفعل ما لم يقدر عليه غيره . وما أن تندفع سيارته قليلا حتى يجرفه السيل العاتي وتصبح مركبته كعلبة صغيرة تحت المياه المتدفقة بقوة ! وقد يطلق صيحات الاستغاثة أو يلجمه الماء المتدفق والطين حتى يلفظ أنفاسه . وتأتي الصرخات والاستنجاد وربما تعرض آخرون لنفس المصير عندما يهرعون لمحاولة إنقاذهم وقد يتم الاتصال بالدفاع المدني، والعتب عليه إن تأخر قليلا وكأنه الملام على ذلك ، دون النظر إلى ذلك المتهور الذي ألقى بنفسه إلى التهلكة . وماذا يصنع رجال الدفاع المدني عند استحالة الإنقاذ سوى سحب المركبات والعمل على انتشال الجثث التي قد يجدها بعد عدة أميال ، خاصة في الأودية الكبيرة وربما أمضوا وقتا طويلا في عملية البحث يتعرضون خلالها لخطر مداهمة السيول في أية لحظة . ولأن هذه المشاهد المؤسفة تتكرر بين فترة وأخرى وفي عدد من المواقع يوثقها هواة التصوير من الحاضرين بأجهزتهم المحمولة ! وهي في الواقع عملية توثيق فعلية للتهور والحماقة والاستخفاف بالنفس التي أمر الله عز وجل بصونها والمحافظة عليها ونهى عن تعريضها للهلاك لقوله تعالى (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) لكن تعريضها للخطر والإلقاء بها إلى التهلكة يكشف قلة العقل ونقص الوعي وضعف الدين . وهو أمر يستحق الوقوف لتأثيمهم بفعلهم الانتحاري كونه أمرامنهيا عنه بالنصوص الدينية .. وكذلك محاسبتهم في حال نجاتهم وتطبيق العقوبات عليهم وعدم التعاطف معهم أو المساهمة في تعويضهم عن مركباتهم .. لسبب واحد أن ذلك لقبح فعلهم وسوء اختيارهم ، ومن لم يحرص على سلامة نفسه وحياته فلا أسف عليه . فهم يرتكبون الأخطاء ويقتحمون الأخطار ويزعجون السلطات ويشغلون الأجهزة ويعرضون حياة المنقذين لنفس الأخطار . ومثلهم مثل من يرتقى المواقع الخطرة في الجبال أو يتأرجح في أعمدة الكهرباء العالية بالقرب من أسلاك الضغط العالي ونحو ذلك. وعندما نسوق هذا الكلام فإننا نعلم أن هناك أشخاصا قد يتعرضون لبعض الأخطار فجأة وليس بفعل المجازفة والتهور ، وهؤلاء يستحقون الوقوف إلى جانبهم ومساعدتهم والتعاطف معهم. والموضوع إجمالا يتطلب المزيد من التوعية والتحذير عبر القنوات التربوية والإعلامية وحتى على منابر المساجد . فقد كثرت وتكررت تلك الحوادث مع الأسف نتيجة لغياب الوعي عند بعض أفراد المجتمع .