محمد آل فيه اعتاد سكان المناطق التي تشهد انخفاضاً كبيراً في درجات الحرارة خلال فصل الشتاء في المملكة، الاستفادة من الطبيعة وتفاصيلها لابتكار طرق للتدفئة، ويبرز "المشب" كوسيلة مثالية لمواجهة البرد، وهو بناء يقوم الإنسان بصنعه في زاوية إحدى الغرف داخل منزله أو في أحد أركان خيمته، وينقسم إلى قسمين داخلي معروف ب"الوجار، وهو عبارة عن مربع تقدر مساحته بمتر مربع، وتحدده زوائد طينية أو اسمنتية يبلغ ارتفاعها 100 سم تقريباً، يوضع فيه الحطب وتوقد به النار، وله جزء خارج حائط الغرفة أو الخيمة يكون موصولاً بالقسم الخارجي المعروف ب "المدخنة" التي تبنى عادةً خارج الغرفة أو الخيمة وبمحاذاتها، وترتفع حتى تتجاوز السقف، بحيث تسمح للأدخنة بالخروج لخارج المكان المراد تدفئته، وهي من الطين أيضاً ذات مساحة تقدر ب (300سم2). يقول المواطن سويلم بن جمعان العنزي, الذي استقبل محرر ومصور "واس" في مشبه ورائح القهوة العربية والشاي والزنجبيل تفوح منه: المشبات إرث توارثه الأجيال في المملكة, وتعد رمزاً ثقافياً نفخر به، حيث يستأنس الجميع بالجلسة حولها من أجل الدفء والاستمتاع بتناول القهوة العربية وغيرها من المشروبات الساخنة. وأوضح العم سويلم أن "المشب" قديماً كان يبنى من الطين أو الحجر, وتختلف مساحة بناءه بحسب مساحة "الوجار" الذي يشمل هيكل الوجار ورخامه والمجمار والسحابة والشبك وجميعها تكون داخل الغرفة أو الخيمة, يأتي بعدها قاعدة المدخنة وهي على شكل زاوية طرفها الأسفل يربط بالوجار والأعلى بالمدخنة وارتفاع القاعدة قرابة ال100 سم للحجم العادي وتزيد قليلا أو تنقص حسب رغبة صاحب البناء, يأتي بعدها حديد المجمار والذي يتراوح من 2.5 مل إلى 3 وهناك زوايا أسفل منه لتمثل مزيدا من العزل والحماية وكذلك سماكة حديد الأرضية ,وفي آخر البناء يأتي الدهان الناري الذي تتم صناعته في فرن مخصص لضمان ثبات الألوان ,بعدها يتم تغطية السطح العلوي للوجار برخام محدد. ومن جانبه، أفاد فهد بن متعب العطوي أن لكل مشب سمات تعرف من تميز موقده الذي يقوم بتخليص الدخان, وكذلك الرفوف التي تحمل معاميل القهوة والشاي والمحماس، مبيناً أن الحطب هو وقود "المشبات" ويتنوع باختلاف أنواعه، وتباين أسعاره، التي تتفاوت تبعا لحجمه وجودته. وقال: "هذا المشب يستطيع أن يجمع العائلة والأصدقاء، فالدفء عادةً ما يكوّن أجواء اجتماعية جميلة، لاسيما جلسات السمر وتبادل الأحاديث والذكريات والأشعار"، مؤكداً أنه يحرص على إعداد قهوته على ألسنة نيران المشب، كذلك الحليب الذي يستخدم معه الزنجبيل والهيل. ويحرص فادي أحمد المتخصص في بناء المشبات على زيارة المباني الجديدة والالتقاء باصحابها، وعرض بعض تصاميم المشبات التي يبرع في صنعها، ويبين أن الطلب على بناء المشبات يتزايد قبيل وخلال فصل الشتاء. وأكد بأن الناس تفضل الطوب الأحمر في بناء المشب، حيث يستخدم الطوب الأبيض أحياناً، موضحاً أن بناء المشب شهد تطوراً كبيراً، فالزبائن باتت تبحث عن رفاهية أكثر في هذا الجانب، فأحيان يفضلون أن يكون داخل الوجار حامل من الحديد للحطب تحمله عجلات لتسهيل إدخاله داخل الوجار عند إشعال النار بحيث يسمح للأدخنة الخروج، ويضمن عدم دخولها للمكان المراد تدفئته ، ومن ثم إرجاعه بعد أن يخف الدخان، كما يفضل آخرون وضع مروحة في أعلى المدخنة تسحب الدخان للأعلى. وأشار إلى أن الزبائن تهتم كثيراً بشكل الركن المخصص لحفظ المعاميل، وقال نوفر الكثير من الخيارات في هذا الشأن، ونقوم بعمل أكثر من تصميم وبأطوال ومساحات مختلفة، كي تتناسب مع المساحة المطلوب تركيبها فيه.