بداية في هذه الصحيفة وعبر هذه الزاوية وبتاريخ 13 شعبان 1434 ه كتبت مقالا تحت عنوان (وجوب تمرير المرور في شوارع جدة ) ولم يكن ذلك المقال ردة فعل على حال غير مرضي بقدر ما هو تواصل على مدار ثلاثة عقود ، ونحن نتناول الهم المروري مرحلة مرحلة نعترف ان هنالك تطوراً ملحوظاً في تطوير معاملات المراجعين وفي اعداد الصالات وتطوير الكوادر والدعم المالي والمفتوح ، ومنذ مقالة كتبتها قبل ثلاثة عقود تقريبا ارى ان المرور لازالوا يقومون بدور (فزاعة)ولعل آخرها مقالة (المرور بين فزاعة وتقارير مرتاعة ) قبل عامين تقريبا ومع كل ذلك ارى اليوم اننا لازلنا نعاني و حقيقة ان لي فترة طويلة لم اتحدث عن مرور جدة إلا فيما ندر بعد أن كان الهاجس المروري من اهم ما اتناوله ، وما كان التوقف نتاج ان الحال كان حسنا لكن لسبب ان الإدارات الثلاث الأخيرة المتعاقبة من سعادة اللواء صالح العليان مرورا بسعادة العميد عبدالعزيز العبيلان انتهاء بسعادة اللواء محمد حسن القحطاني كانت قد أتت على محافظة مهمة لم يستحدث فيها آنذاك أي شارع جديد او نفق او جسر او ما يساعد في انسياب الحركة المرورية طيلة عقدين كاملين وخلال فترة اولئك المدراء بدأت المشاريع تباعا من انفاق وجسور وشوارع جديدة وتعديلات مسارات موفقة . لذلك وكما اشرت فيما مضى كنت أختلق لهم العذر، خصوصا وانهم نجحوا في اصطياد العديد من المشاريع المهمة خلال تلك الفترة لكن ما دعاني للعودة للحديث عن مرور جدة هو حالة السير المتردية، حقيقة (عك) مروري غير مسبوق لم يعد يعترف بأوقات ذروة بل على مدار الساعة ولم يعد ذلك حصرا على شوارع معينة بل حتى اطراف المدينة. المشكلة اننا لا نلاحظ تواجد رجل المرور في الشارع إطلاقا وإن تواجد فتواجد سلبي وكم اتمنى وكما دعوت مرارا من ادارة المرور منع التحدث بالجوالات لرجال الميدان والإكتفاء بأجهزتهم الرسمية للتفرغ فعلا للعمل الميداني ، وكم نتمنى ان يراعى ذلك مستقبلا حتى لا تنحصر مهام المرور فيما تركز عليه التصاريح وكأنه تحرش بالسائقين ، فالحريص يريد حركة سير ذات بعد مستقبلي يساعد على تحسن السير ككل ، صحيح هنالك مشاريع لكن لابد ان يكون هنالك طرق وشوارع بديلة وفق دراسات هندسية تأخذ في الحسبان حجم الحركة كثافة ووقتا ومكانا،لأن مانراه في كافة احياء وشوارع واطراف جدة يوحي بأن الشركات المنفذة لها الحرية في توسعة الطريق مبدئيا ثم تضييقه فيما بعد والشواهد اكثر من ان تحصى ، ثم الاهم لايوجد دوريات مرورية تساهم في فك الاختناقات التي تشهدها جدة هذه الأيام , وأي عاقل مدرك يستشرف الأفضل لا أعتقد أنه يوافق على مثل تلك الحلول العقيمة التي اكل عليها الدهر وشرب وكأنه يريد أن يعود بنا إلى بدايات القرن الماضي وانه يجب أن يكون لنا نظام مروري وطرق خاصة بنا تختلف عن هذا العالم الذي أصبح قرية واحدة .أو ترك السير تحت معيار الوعي المروري لدى السائقين وانه الحل الحضاري الامثل إذا كان السائق لم يتقيد بالاشارة المرورية أو بالتعليمات التي تفرض الافضلية، فكيف نستجمع افكارنا وخططنا ودراساتنا لكي تتمخض عن حلول وبدائل تخفف من هذا العك المروري . فهل ياترى توقفت الافكار وعقمت الادمغة واقفلت المدارس المرورية والخطط الهندسية ؟ لتلد بمثل هذه الافكار وهذه الرؤى التي يجب ان نتجاوزها كنت أتمنى أن ننزل من التصور العام قليلاً إلى محدودية التصور الخاص ولنعتبر ان هنالك عربة اسعاف تحمل مريضا ذا صلة بأي منا وعليه ان يعكس تلك الصورة ليتصور معها كم من مئات الحالات على مدار الساعة تنقل عبر شوارعنا ونحن نعممها بحلول هي اشبه بمتاريس هي الى الانتحار اقرب من ان تكون حلاً واقعياً يقبله الإنسان بل هو الجنون بعينه وهذا تصور تقليدي تقريبا للصورة ولا أكثر وكم نحن بحاجة إلى استشراف مروري بناء وتمرير رجال المرور .. هذا وبالله التوفيق. جدة. ص ب 8894 فاكس 6917993