هذه القصة التي ارويها حدثت بالتمام والكمال قبل حوالي اربعين عاما من الان وبطلها الحقيقي الشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري وعلى الجانب الاخر من القصة الشاب الصحفي الذي يحاول ان يقدم لمجلته المحبوبة (اليمامة السعودية) رسالة فيها شيء مهم. لا اعرف شيئاً عن هذا الشاعر وانا في هذه السن المبكرة ولم اكن قرأت له حرفاً واحداً من الشعر ونسيت من ذاكرتي انه موجود بالقاهرة.واتصلت به وعرفته بنفسي وانني اريد ان القاه ولكنه فضل ان يكون اللقاء حوله داخل احياء مصر التاريخية في (حي سيدنا الحسين) الشهير بالقاهرة وقهوة الفيشاوي وخان الخليلي فوافقت على الفور واوعدت زميلا مصورا ليرافقنا في هذه الرحلة التي استغرقت اكثر من ساعتين طفنا فيها باحياء الازهر – وسيدنا الحسين وقهوة الفيشاوي الشهيرة وخان الخليلي ووجدت هذا الشاعر الفحل يتأمل كل هذه الاحياء والمباني ويعرب لي عن اعجابه بكلمات عراقية افهم بعضها ولا افهم البعض الآخر وهو يلبس (طاقية مثلثة على راسه) واحسست انني غريب امام اديب وشاعر لا اعرف عنه شيئاً ومرت السنوات وجاء الشاعر الجواهري الى جدة ضيفا على الشيخ عبدالمقصود خوجة في اثنينيته الادبية المعروفة وكنت اول الحاضرين لهذه الامسية التي ضمت كل علامات الادباء والشعراء والمفكرين والمثقفين في جدة عندها فقط عرفت (قيمة هذا الشاعر العراقي الكبير) محمد مهدي الجواهري وان واحدا من اهم شعراء العرب في العصر الحديث والذي ولد في عام 1899م في يوم 26 يوليو وتوفي في يوم 27 يوليو 1997م وقد لقب بشاعر العرب وكان ابوه عبدالحسين عالماً من علماء النجف وقد قرأ القرآن الكريم في سن مبكرة وكانت اول مجموعته الشعرية التي نشرها عام 1924 تحت عنوان (خواطر الشعر في الحب والوطن). لقد كتب الشاعر الجواهري الكثير من القصائد وبعضها سجن بسببها ومن اجمل ما كتبه من القصائد في الحنين الى بلده قصيدة بعنوان : يا دجلة الخير يقول فيها. حييت سفحك عن بعد فحيني يا دجلة الخير يا أم البساتين حبيت سفحك ظمآنا ألو ذبه لوذ الحمائم بين الماء والطين ومن اجمل ابيات هذه القصيدة: اني وردت عيون الماء صافية نبعاً فنبعاً فما كانت لترويني وانتا يا قارباً تلوي الرياح به ليّ النسائم اطراف الافانين ونشرت في اليمامة لقائي مع الشاعر محمد مهدي الجواهري على صفحتين وقد عرف المسؤولون في المجلة قيمة الشاعر الذي كنت "أجهله".