في كل يوم نفاجأ بجديد في عالم التقنية والمنجزات البشرية يسهم في تقدمها ورخائها . ومعظم هذه المنجزات تأتي من غرب الكرة الأرضية حتى غدت هذه الدول رمزا لجودة المنتج وصرامة المعايير . ولكن بالمقابل تشهد هذه الدول تراجعا مروعا في معايير القيم الأخلاقية للحد الذي يصيب بالدهشة . إذ هل يمكن أن يكون العقل المنتج المبدع هو نفسه العقل المتدهور أخلاقيا ؟! بالأمس طالعتنا الصحف ووكالات الأنباء العالمية بقرار المحكمة العليا الأمريكية إقرار وشرعنة زواج المثليين ومباركة الرئيس باراك اوباما بل واتصاله بأحد رموز هذه الفئة علنا مهنئا بهذا القرار وهو ما يعد في الحقيقة انتكاسة في منظومة القيم الأخلاقية. وكانت عدة دول أوروبية قد سبقت أمريكيا الى هذا المستنقع كأيرلندا وفرنسا وبريطانيا. إن هذا السلوك المشين وأعني به الشذوذ الجنسي مرفوض ومستقبح شرعا وعرفا في كل الأديان والحضارات ففي التوراة وفي سفر التكوين تحديدا إشارة واضحة إلى أن سبب تدمير مملكة سدوم وعمورة (قوم لوط ) هو انتشار الشذوذ الجنسي بين السكان . وفي القرآن الكريم وردت في أكثر من موضع تفاصيل مستفيضة حول سبب إهلاك قوم لوط وأن ذلك بسبب شذوذهم وارتكابهم جرما يخالف الفطرة السوية وصل من الشناعة حدا استوجب سخط الله وعقابه المعجل في الدنيا فضلا عن عذاب الآخرة السرمدي . وبالمقابل فقد خرجت بعض الاصوات المعارضة ولكنها ضعيفة لا تقوى على مقارعة التيار الأقوى المنحرف وكان من بين هذه الأصوات بعض الأحزاب الدينية النصرانية التي قاومت هذا القرار في عدد من الدول التي أيدت هذا الأمر . بل لقد تعدى الاستنكار الى جهات ليبرالية وعلمانية فجريدة القارديان كتبت عنوانا رئيسا تعقيبا على هذا القرار نصه : زواج المثليين قد يدمر الحضارة الإنسانية . ولكن لا حياة لمن تنادي . لقد أسهم الإعلام بشكل كبير في تسهيل استصدار مثل هذا القرار عبر تمييع هذا الجرم الأخلاقي عبر سنين متلاحقة . فقد اعتاد الناس مشاهدة برامج وأفلاما يظهر فيها الشاذ مثل أي إنسان طبيعي آخر يتسم باللطف والمودة والمرح والعمل الجاد والشهرة ويمكن التعامل معه بشكل عادي ثم تنامى دور الاعلام فبدأ في تسليط الضوء على شخصيات مشهورة في الفن أو الرياضة مع الالماح إلى أنها من فئة الشواذ ويوما تلو آخر أصبح من المألوف جدا سماع هذا الشيء ومشاهدته وعدم استنكاره وما إن بدأت المطالبات بمشروعية هذا الزواج إلا وقد أصاب الناس تبلد أتاح تقبل الأمر واعتباره حرية شخصية. ومن الواضح أن الأمر لن يتوقف على دول بعينها وإنما سيستمر في التمدد والانتشار وممارسة مزيد من الضغوط لنقل هذه الخطوة الدنيئة الى بلاد المسلمين وبالتالي فإن على الجهات الرسمية سواء كانت شرعية أو حقوقية وكذلك الجمعيات التي تعنى بالمجتمع أن تعد العدة من الآن لمجابهة هذا الخطر وردعه قبل أن يصل الينا من خلال تحصين المجتمع وترسيخ قيم وضوابط الشرع الحنيف في النفوس وكذلك سن قوانين واضحة وقوية ترتبط بسيادة الدول. @omarweb1 [email protected]