شاكر عبدالعزيز تحدث ابن حارة المظلوم في جدة المؤرخ الاستاذ احمد باديب عاشق جدة والباحث المدقق في تاريخها وهو الذي تخرج من المدرسة السعودية الابتدائية.من اهم ما حدث في القرن القبل الماضي حادثة مقتل القنصل الفرنساوي والقنصل الانجليزي وغيرهما وقد أفتى من افتى وتباينت الروايات والحقيقة انني قرأت عن هذه الحادثة في أكثر من كتاب حتى وقعت على كتاب "نجد والحجاز في الوثائق العثمانية" الاحوال السياسية والاجتماعية في نجد والحجاز خلال العهد العثماني للكاتب سنان معروف اغلو فوقفت على اكثر من وثيقة تتحدث عن هذه الحادثة وهي تتلخص فيما يلي: * توفى الشريف محد عون في شعبان 1274ه وعين ابنه الشريف عبدالله بن محمد عون عام 1275ه غير انه تأخر في التعيين لحين ورود الأمر من الاستانة. * ان الحادثة وقعت ليلة السادس من شهر ذي القعدة عام 1274ه بعد المغرب. * قتل القنصل الانجليزي والفرنساوي وثمانية عشر نفراً من الكرستيان (النصارى) ونهبت أموالهم. * ارسلت الدولة العلية (الحكومة العثمانية) مندوباً منها كما ارسلت كل من انجلترا وفرنسا مندوبا للتحقيق. * نتج عن التحقيق إقرار عبدالله محتسب بانه هو الذي اوفد الى الحضارم رجل اسمه سعيد العمودي الذي اقنعم باهانة السابق ذكرهم من القناصل والخرستيان للدولة العلية والعلم العثماني فحضروا باسلحتهم وهجموا على المذكورين وقتلوهم ونهبوا اموالهم وقد اعترف الاثنان بفعلتهم وحكم عليهما بالقتل وارسل من ساعدهم الى اسطنبول لتأديبهم. * مأمور الدولة العلية ميراليو عزتلوا (صاحب العزة) السيد حمدي باشا وامير عزتللو خليل باشا قائم مقانم جدة (قائمقام) ونائب الشرع القاضي بجدة مروتلو (صاحب المرؤة) الشيخ عبدالله السني افندي كانوا في لجان التحقيق في الحادث. * صدرت الأوامر بقتل المذكورين. * في يوم الثالث عشر من ذي الحجة حضر الى ميناء جدة مركب انجليزي في طلب القصاص وألح في الطلب ثم انه صار يرمي بالمدفع على بندر جدة نتيجة لذلك جاء من مكة شريف الحجاز الذي تفاهم مع قبطان السفينة وابلغ ان القاتلين في السجن وانهم ينتظرون ورود أوامر السلطان وقد اعطاهم مهلة لذلك. * بعد توسع التحقيق تبين ان قاتل القصنل البريطاني هو السيد عبدالله سمكري وان سليم باكروس وسليمان قهوجي قد قتلا شخصين من المسيحيين كما ان محمد البيومي ومبارك قارورو وامان عبد علي افندي قاتلين القنصل الفرنساوي وزوجته، اما علي تركي فقد قتل ثلاثة انفار من جماعة الخواجة صاوة وقد مات القاتل في السجن اما السيد فضل الله ابو ناب فقد قتل شخص مسيحي واحد وكذلك فان صالح مراد وعبدالعزيز غوصا وفرج حداد اشتركوا في قتل شخص مسيحي آخر اما عيد الخير باخريبة فقد قتل الخوجة صاوه. * كذلك فان محمد نوار وبلال عبد باناجة قد اشتركوا في القتل ولكن لا يوجد عليهم شهود الا شاهد واحد. اما في المخطوطة المسماة الجواهر المعدة في فضائل جدة تأليف احمد بن محمد احمد الحضراوي والتي حققها الدكتور علي عمر فقد جاء فيها عن هذه الحادثة ما ملخصه التالي: * إن قنصل وصل لجدة هو القنصل الانجليزي عام 1252ه وكان لقنصليته علم وفي عام 1272ه ان ابناء ابراهيم جوهر تخاصموا مع صالح جوهر وابناء ابراهيم جوهر من رعايا انجلترا فهم هنود واراد صالح جوهر بعد ان اختلف معهم ان يغير رعيته ليصبح من رعايا الدولة العثمانية فقام فانزل العلم الانجليزي من سفينة لهم ورفع مكانه العلم العثماني وذلك ضدا لابناء ابراهيم جوهر وحليفهم الحاج فرج يسر ولما علم القنصل الانلجيزي بذلك ارسل بمن جاء بصالح جوهر وحبسه عنده وعنفه دون عمل لحساب دولة او غيرها الشيء الذي اغاظ قائم مقام جحدة ولما كان ليس لدى القائم مقام اي عساكر فارسل في طلب كبير الحضارم ليرسل له عددا من المسلحين ليمروا على بيت القنصل بغرض اخافته غير ان القنصل قام وبحماقة وقلع العلم العثماني وانزله من على السفينة وداس عليه فاحتزم اهل جدة والحضارم وبعض المولدين وثاروا قتلا ونهبا في كل جنس يخالف الاسلام وخلت جدة من الفرنج فمنهم من اسلم ومنهم من اسر ومنهم من قتل فجاءت بعد شهر سفينة انجليزية وضربت بالقتل على جدة فهرب اكثر اهلها الى مكة. أمر السلطان العثماني عبدالمجيد برد الاموال المنهوبة والقصاص من الفاعلين فقطع رأس شيخ الحضارم سعيد العمودي كما قطع راس المحتسب السيد عبدالله اغار فران، وكان القصاص في البنط ثم اخذ حوالى اربعين من اهل المدينة وارسلوا الى الاستانة في تركيا وقد اطلق بعضهم ورجعوا سالمين ثم اخذ تجار جدة وشيخ السادة وسفروا الى خارج البلاد وبعد سبع سنين عاد القاضي وبعض التجار اما الآخرون فقد ماتوا في الخارج. اما في كتاب خلاصة الكلام في تبيان امراء البلدي الحرام للسيد احمد دحلان فقد جاء ما ملخصه ما يلي: ان الفتنة كانت في السادس من ذي القعدة عام 1274ه وبدأت عندما اراد التاجر صالح الجوهر تغيير علم احدى مراكبه من العلم الانجليزي للعلم التركي وعندما علم القنصل الانجليزي بذلك حاول اقناعه بعدم فعل ذلك فلم يمتنع وقام برفع العلم فذهب القنصل شخصيا وانزل العلم من على المركب، ويدعوا انه عندما انزل العلم التركي فانه وطأه بقدمه وتكلم بكلام غير لائق في حق الدولة والمسلمين مما اهاج المواطنين وقصدوا داره فقتلوه وكذا فعلوا بالقنصل الفرنسي وغيرهم من غير المسلمين في جدة كما هموا ان يقتلوا التاجر فرج يسر والذي كان من رعايا بريطانيا حيث انه كان يدافع عن القنصل وفعلته وقد حاولوا ان ينهبوا داره قمنعهم الشيخ عبدالله نصيف وكان وكلا لشريف محمد بن عون في جدة وكان حاكم جدة نامق باشا في مكة فلما علم جاء لجدة واسكن الفتنة وقبض على بعض الناس وسجنهم وارسل للدولة في اسطنبول طالبا التوجيه فلما كانت ايام التشريق جاء مركب انجليزي حربي الى جدة مع الشريف رئيس العلماء جمال شيخ عمر ومعه الشيخ صديق كمال والشيخ ابراهيم فته والشيخ محمد جارالله وشيخ السادة السيد محمد بن اسحاق بن عقيل وتمت التحقيق بمشاركة اشخاص جاءوا من بريطانيا وفرنسا لهذه المهمة. هذا مختصر ما قرأته عن حادث ضرب القارب الحربي الانجليزي لمدينة جدة وهو وان كان ما فعله شريحة من اهل جدة خطأ الا انه الناس متحمسة لدينها وبلدها كما يدل على ان الحضارم كانوا يشكلون جملة من التجار المهمين في تاريخ هذه المدينة العظيمة. رحم الله اهل جدة غيرتهم على دينهم واعز الله دولتهم وملوكنا الذين لا يستعجلون فعل امر قبل التثبت من جميع حقائقه واسبابه، هذا الجزء من تاريخ الحضارم في جدة وهو تحقيق لحادثة يتكلم فيها الكثيرون دون ذكر المصادر ولكن ولأهميتها في تاريخ اسرتي فقد حرصت على ايضاحها سائلا الله ان يتمم علينا رمضان ويتقبل منا صيامه وقيامه واخر دعوانا ان الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسولنا الامين.