بدأ الأمر غريباً، ثم أصبحت ظاهرة، وبعدها تحول إلى أمر واقعي، وتطورت مراحل عملية "الدروس الخصوصية" حتى طالت تلاميذ التعليم الابتدائي، وحاليا بات أغلب الطلاب يلجأون إليها، ما جعل الآباء بين مطرقة مستقبل أولادهم وسندان مصاريف التعليم. حيث ارتفعت في الآونة الأخيرة أسعار الدروس الخصوصية لتواكب موجة ارتفاع الأسعار التي تشهدها البلاد، هذا الارتفاع الغير المبرر من قبل مدرسي الدروس الخصوصية والذي وصل إلى 15% عمّا كان عليه السعر سابقاً شكل للكثير من الأسر عبئاً مالياً أثقل كاهلهم. حيث إن الطلاب يدفعون كل عام دراسي طالما بقي هذا الارتفاع ما يقارب (70) مليون ريال استناداً على آخر إحصائية تشير إلى أن 20- 30% من طلاب المدارس والبالغ عددهم خمسة ملايين طالب يحرصون على تطوير مهاراتهم بالدروس الخصوصية وقبل هذا الارتفاع كانت الإحصائية تشير إلى أن ما يدفعه أولياء الأمور مبلغ كبيرة . ولعل طلاب المرحلة الثانوية هم أكثر الحريصين على هذه الدروس يليهم طلاب المرحلة الابتدائية ثم المتوسطة. وتجد أن طلاب الصف الثالث ثانوي يشكلون الأغلبية في الحرص عليها، فتجد طلاب هذه المرحلة سواء متفوقين دراسياً أو عكس ذلك يجلبون هؤلاء المعلمين خوفاً من فقدان الدرجات التي قد تؤثر على معدل درجاتهم ، هذه الأرقام الكبيرة تضع أمامنا تساؤلاً كبيراً لماذا هدر هذه الأموال من قبل الأسر ، وهل الدروس الخصوصية ستجعل المعلم يتهاون في أداء الرسالة المطلوب إيصالها للتلاميذ حتى يجبر الطلاب على الدروس الخصوصية؟ وهل الدروس التي تقدم في مجاميع التقوية. تكدس الفصول يرى عدد من التربويين أن مشكلة تكدس الطلبة في الفصل الواحد سبب رئيسي وإن كان غير مباشر في عملية تفشي الظاهرة بشكل كبير، فأغلب الفصول في مدارسنا لا يقل عدد الطلاب فيها عن 30 طالبا تقريبا، فالمعلم لا يمكن أن يغطي الفصل بأكمله، وأن يسأل الطلاب جميعهم عن إن هم فهموا الدرس أم لا، فالمسألة تحتاج إلى وقت، ما ينتج عنه ضعف في مستوى بعض الطلاب لعدم قدرته على الفهم والاستيعاب، فهناك البعض لا يستوعب إلا بعد أن تكرر عليه الدرس أكثر من مرة وتشرح له بعدة طرق حتى يفهم. فضلا عن أن المعلم في حال تكليفهم لطلابه بواجبات منزلية فإنه يصعب عليها اكتشاف حالات الغش التي ربما تحدث بين بعض الطلاب. المدرس السعودي وتلخيص التلخيص أشار المعلم (محمد بن سعيد) إلى أن المعلم السعودي أحياناً يرغب في خوض مجال الدروس الخصوصية لكنه لا يستطيع بسبب عدم تقبل العائلات لوجود معلم سعودي في المنزل بالإضافة لعدم الثقة بقدرات المعلم السعودي ، مؤكداً أن سبب انتشار الدروس الخصوصية هو غياب برامج التقوية التي كانت تقوم بها وزارة التربية والتعليم في وقت سابق، لأنها كانت تغني الطالب عن الدروس الخصوصية وتتسم بالشكل النظامي ومفيدة كذلك للطالب في جانب التحصيل العلمي. أما المعلم (محمد الدوسري) فأكد أن الإقبال على الدروس الخصوصية زاد بشكل أكبر بعد إلغاء اختبارات الوزارة لأن مسألة نجاح الطالب من عدمها أصبحت في يد المعلم فيلجأ إلى الدروس الخصوصية طامعاً في تلخيص المادة له، وأحياناً لا يحصل على التلخيص فقط بل على (تلخيص التلخيص) إعلانات الخصوصي منتشرة يذكر الطالب فيصل سعد أن هؤلاء المعلمين الذين يخالفون نظام الوزارة بتقديم الدروس الخصوصية اتخذوا بوابات المحلات التجارية للإعلانات عن هذا المجال ولكن بعد محاربة الوزارة لهذه الظاهرة من خلال طمس وإزالة هذه الإعلانات جعلت هؤلاء المعلمين يتوجهون لوسيلة الإعلان عن طريق الإنترنت. دفعت أكثر من 5000ريال اكد الطالب مهند علي من ثانوية انس بن مالك (ثالث ثانوي – علمي) إنه حرص على الدروس الخصوصية في هذه المرحلة كونها تؤثر تأثيراً كبيراً في تحديد المستقبل وخاصة القسم العلمي التي أغلب المواد فيه كالرياضيات واللغة الإنجليزية والكيمياء والفيزياء مؤثرة في المعدل وتحتاج لدراسة جيدة، كاشفاً أنه دفع في هذا الترم مبلغ خمسة آلاف ريال نظير هذه الدروس مؤكداً أن هذا المبلغ قليل جداً بالنسبة لما يدفعه بعض زملائه الآخرين مرجعاً السبب لكون الدروس الخصوصية التي أخذها في أبواب معينة وليست في المنهج كاملاً. الوزارة تحذر لم تقف وزارة التعليم مكتوفة اليدين في مواجهة تفشي هذه الظاهرة بل حرصت على إطلاق تحذيراتها من خطورة "الدروس الخصوصية" بين الفينة والأخرى، من خلال منعها ومحاربتها والتحذير من سلبياتها التربوية والتعليمية، فضلا عن إطلاق عدد من المراكز ومجاميع التقوية التي تقام في المدارس للحد منها وتحت إشراف معلمين متمكنين ذوي كفاءة. وحذرت الوزارة في تصريحات صحافية سابقة لها، أولياء الأمور والطلاب والطالبات من نتائج اللجوء إلى مدرسين خصوصيين غير مؤهلين ولا يفقه بعضهم شيئا في مجال التعليم، مشيرة إلى أنها افتتحت عدداً كبيراً من مراكز الخدمات التربوية لهذا الغرض ولزيادة تحصيل الطلاب الذين يرغبون في ذلك ، وأصدرت الوزارة تعميمات سابقة لجميع إداراتها في كافة المناطق والمحافظات لمتابعة تفعيل منع الدروس الخصوصية والتوعية بسلبياتها.