تظل روسيا رغم انهيار منظومة الاتحاد السوفييتي تعيش على أنقاض ذلك التاريخ من التصنيف كقوة عظمى كانت ثانية قبل "بيروسترويكا" جورباتشوف وحملة رونالد ريجان من "هلسنكي" في 6 خطابات تمهيدية للشعب الروسي قبل وصوله الى موسكو لتدشين بداية تفكك أوصال "الدب" الذي كان يمتلك القدرة على المعادلة في المسرح الدولي. إلا أنه وبعد كل مراحل التغيير من خلال انفصال الجمهوريات مازال بوتين الرئيس ورجل المخابرات الأول يلعب على محاور الأحداث في مناطق الصراع وذلك بأوراق المواقف والسلاح والدعم اللوجستي للأطراف التي يمكن استثمارها ثمناً للاتجاه المعاكس.وذلك بخلاف القادة الذين سبقوه بعد تفكك الاتحاد السوفييتي القديم في العام 1990م. وفي سلسلة المزايدات والتكسب الروسي قام الرئيس بوتين باخراج صفقة جديدة وهي تزويد طهران بالصواريخ الاستراتيجية بعيدة المدى المعروفة ب"اس 330″ وذلك في استغلال للوضع المتوتر في المنطقة. الذي عملت عليه روسيا بدعمها للنظام السوري ومازالت ترعى جرائمه على مدى 4 سنوات ضد شعبه. ومن ثم يتضح ان كل ما تقوم به موسكو بوتين هو من أجل تعويض ما فقدته بلاده من منظومة الجمهوريات المستقلة في حجم القوة الثانية من ناحية. ومن الناحية الاخرى تعويض مداخيل الاقتصاد بعد فرض الحظر الذي نتج عن الأزمة الاوكرانية التي رفع جيشها علم السعودية وصور خادم الحرمين على الحدود مع الأراضي الروسية مؤيدين لعاصفة "حزم" أعقبه وصول عدد كبير من الخبراء العسكريين الامريكيين الى كييف خلال اليومين الماضيين لمواجهة أي رد انتقامي من الرئيس الروسي. وبالتالي فان كل هذه التحركات تنطلق من ملفات قديمة وجديدة اختلطت فيها الأوراق الداخلية والخارجية لدى زعيم المخابرات "بوتين" الذي لم يستوعب بعد ان الخارطة الروسية في المنطقة قد انهارت.. ولم يبق في نفوذها سوى ايران ونظام دمشق. وكلاهما سيخرجان من الخارطة المتبقية. وذلك بعد السقوط النهائي لنظام بشار الأسد.. واحتضان أمريكالايران بعد الوصول الى اتفاقية حل القضية النووية. وهناك في الساحة الحمراء أمام "الكرملين" ستجد موسكو انها أصبحت أكثر عزلة دولية. وأكثر كراهية من الجمهوريات المستقلة التي ستعيد الى الأذهان الصراع المسلح مع جورجيا قبل أوكرانيا.. وهو "الفايروس" الذي قد ينتقل الى بقية دول البلقان من خلال تهور الرئيس الذي لن تنقذه ملفات "الجاسوسية" في مرحلة مختلفة أطاحت به التجربة واسقطته في "وحل" الممارسة. وهنا يؤكد التحول ان حجم المفارقات بين امبراطورية كانت تمثل قوة عظمى ساهمت في التوازن مع واشنطن وكانت تشكل ضمانات لامن الشرق الاوسط.رغم كل المخاوف العربية التي كانت سائدة آنذاك. وبين الوضع القائم في الإدارة الروسية ليؤكد الحاضر أنه أصبح مصدر شر يعوض ضعفه بالسموم السياسية وتسويق أدوات الموت على المارقين لتغذية التوترات.. ودعم المجرمين.