تقوم حياة الناس على أساس تبادل المنافع فيما بينهم . فكل يقوم بدور مهم وفاعل في هذه الحياة مهما اختلفت الادوار وتباينت الأعمال وتفاوتت الرتب . ويتمايز الناس عن بعضهم لاسيما في هذا الزمن بقدر ما اكتسبوه من علوم ومعارف ومهارات تجعلهم في نظر متلقي الخدمة نقطة وصول وهدفا منشودا . فتجد الناس تتساءل عن الطبيب الحاذق والمعلم المتمكن والمهندس المبدع والمحامي البارع الى غير ذلك من المهن . وهذا حق مشروع ومطلب سائغ يقره العقلاء من الناس . وفي خضم هذه التباينات المعرفية والمهارية يصب كثير من مقدمي الخدمة جهودهم وتركيزهم على ابتكار وسائل تمكنهم من الكسب السريع مهما اختلفت الوسائل مؤثرين هذه المكاسب على الهدف الأسمى والأعلى الموازي وهو خدمة الناس الذين وثقوا بهم حتى أصبحوا كالقشة يتشبث بها الغريق . إن الطبيب مهما بلغ حذقه وتأهيله لا قيمة له إن لم يتوج ذلك باخلاق فهو مستودع سر مرضاه وهو من يقدم لهم الدعم النفسي قبل العلاج الدوائي وهو من يتابعهم عن بعد وليس كما يشاهد من البعض في هذا الزمن مع شديد الأسف من تحايل وابتزاز تحت غطاء الطب . وقس على ذلك المهندس الذي لا يستشعر الأمانة في تنفيذ ما بذمته من أعمال سواء كان ذلك تخطيطا او تنفيذا او متابعة وهو إن لم يقم بعمله على الوجه الأكمل فهو خائن للأمة بأكملها . فالجسور والطرق والمباني والأنفاق كلها إن غاب عن تنفيذها الضمير الحي تعد خطرا محدقا . وهكذا هو الحال مع المعلم والمحامي وغيرهم من الشرائح المختلفة التي تقدم خدمة للناس . إن من أولى أولويات دور العلم المختلفة أن تزرع في نفوس الناشئة قيم العمل وقيم الصدق والوفاء والمراقبة الذاتية التي هي في حقيقتها مخافة الله في السر والعلن وهي الحصن الواقي من كثير من المخالفات التي تنشأ لاحقا . ثم إن على جهات التوظيف والرقابة العناية التامة بأخلاقيات المهنة من خلال البرامج التوعوية والبرامج التدريبية المستمرة التى تعنى بهذا الجانب وكذلك ومن خلال تحفيز المحسنين وتكريمهم وإعلاء شأنهم حتى يتشرب المجتمع بأسره هذه الثقافة الحميدة . hotmail : [email protected] twitter : omarweb1@