منذ فترة طويلة تعاني كرة السلة أكثر الألعاب شعبية في المملكة العربية السعودية بعد كرة القدم من عزوف الرعاة والشركاء الاستراتيجيين سواء على مستوى الأندية أو اتحاد السلة السعودي .. فعلاقة كرة السلة بالرعاة والمعلنين قد تكون شبه معدومة بالرغم من الحضور الجماهيري الذي تحظى به اللعبة والاهتمام الإعلامي الجيد إلى حدٍ كبير .. ولاتزال بعض الأندية ذات مصادر الدخل المحدود تحاول بطريقة أو بأخرى السعي لتوفير الدعم المادي سيما وأن بعضها تصب اهتمامها في هذه اللعبة أكثر من الألعاب الأخرى لقلة ميزانيتها .. وفي المقابل نجحت أندية أخرى في استقطاب الرعاة لفرق كرة السلة وتأمين عقود استثمارية لها تستطيع من خلالها الاعتماد على مواردها المالية في تغطية مصاريفها بما يضمن مدخولاً مادياً مهماً لهذه اللعبة .. وعلى مستوى اتحاد السلة السعودي لاشك في أن العقد المبرم مؤخراً بينه وبين شركة كرة السلة السعودية سيلقي بظلاله إيجابياً على منتخبات السلة السعودية وسيجني ثماره مستقبلاً وسيساعد في استقطاب المدربين أكفاء على مستوى عالي وكذلك الاستعانة بالمحترفين الأجانب بالنسبة للأندية .. خاصة وأنه أول عقد من نوعه ونحن بدورنا قمنا بإعداد هذا الاستطلاع الذي يشاركنا فيه مجموعة من الخبراء الرياضيين برأيهم حول هذا العقد الاستراتيجي. فقد أشاد عبدالعزيز عبدالعال رئيس النادي الأهلي السابق بالعقد الاستراتيجي المبرم بين شركة كرة السلة السعودية واتحاد اللعبة .. وقال عبدالعال: "هذه الخطوة ربما تكون هي الأهم في تاريخ كرة السلة السعودية وفكرة ممتازة إذا ما رسم اتحاد اللعبة والشركة منهجية وطريق واضح يسيران عليه حيث ستساهم حتماً بشكل كبير في تطوير وتنمية اللعبة التي تعتبر مسؤولية الجميع .. ويجب علينا أن لا نلقي اللوم على اتحاد كرة السلة أو الإعلام الرياضي لأن الأول مهما كان فميزانيته جداً ضعيفة ولا تتجاوز مليوني ريال وهذه قيمة سنة واحدة يتقاضاها لاعب محترف في كرة القدم فماذا ننتظر أن يقدم اتحاد السلة بميزانية مليوني ريال ؟ بينما الاعلام يبحث عن المادة المثيرة التي يروج لها بسهولة .. وللأمانة جميع الألعاب في السعودية باتحاداتها فقيرة وتتأخر بدلاً من تقدمها رغم ان اتحاداتنا كان لها الأسبقية والأولوية في التأسيس مقارنة بالدول المجاورة وتقدمت علينا في ألعابها المختلفة ونحن منذ إنشائها ونحن نتراجع .. وعلى الجميع إذا ما أرادوا تطوير اللعبة أن يبدأ خطة التطوير من التأسيس فلا اللاعبين ولا الملاعب والبنية التحتية لهذه اللعبة مهيأة للتطوير لأنها بدأت بطريقة غير صحية وملائمة لذا غير مجدي هذا التطوير إن لم يبدأ من الصفر لنستطيع النهوض باللعبة ونضاهي بقية الدول التي تقدمت علينا فيها بما فيهم الدوري الأمريكي لكرة السلة" .. مضيفاً إلى أن الأندية لا توجد فيها ملاعب على مستوى عالي لممارسة اللاعبين لكرة السلة ومخرجاتها جداً ضعيفة فمن النادر أن تجد الأندية تصعد لاعبين من الفئات السنية فاللاعبين نفسهم وينتقلون من نادي إلى آخر فقط لا أكثر .. هذا بخلاف الاحتراف الذي وصل إلى مرحلة ما أقل من الصفر وحاله أسوأ مما يكون .. وبناءً على ذلك من المؤكد أن هذه المهمة ليست سهلة بل صعبة جداً على العاملين في الشركة واتحاد السلة. من جانبه أبدى حازم اللحياني رئيس نادي الوحدة السابق والراعي الرسمي لكرة السلة بنادي الاتحاد امتعاضه من قلة الاهتمام الإعلامي بكرة السلة إضافة إلى الإهمال والتقصير المستمر من قبل اتحاد اللعبة وتساءل اللحياني قائلاً: "كيف يمكن تشجيع القطاع الخاص للاستثمار في اللعبة وهي مهمشة ومهملة من قبل اتحاد السلة نفسه ومن المفترض أن يهيئ البيئة الاستثمارية للقطاع الخاص وذلك يكون بالاهتمام والدعم الإعلامي للعبة وتحفيز الجماهير لحضور المباريات لأن المستثمر بطبيعة الحال ينتظر المردود المادي من خلال رعايته للعبة السلة في أي نادي وهذا واحد من أهم الأمور التي تسببت في عزوف المستثمرين .. فلا يمكن للرعاة أن يخوضوا تجربة معرّضة للفشل في أغلب الأحوال .. الأمر الذي جعلهم يتخوفون من رعاية الألعاب المختلفة" .. ملوحاً إلى أن قلة الاهتمام ساهم أيضاً في عدم الحضور الجماهيري للمباريات ولايمكن أن تقاس جماهيرية المباريات من خلال مباراة واحدة في الموسم تمتلئ فيها المدرجات بين الاتحاد والأهلي أو النصر والهلال بينما يكون الحضور في باقي المباريات بأعداد جداً ضئيلة .. وأكد أنه لم يتردد في رعاية السلة بنادي الاتحاد بحكم العلاقة التي تجمعه بأسرة البلوي إضافة إلى خبرته كرئيس سابق لنادي الوحدة وهو ما يسهل عليه الكثير من العقبات وسرعان ما انجزوا مراسم التوقيع فيما بينهم .. متمنياً أن تكون الخطوة التي اتخذها اتحاد السلة بالتوقيع مع شركة كرة السلة السعودية هي نقطة التحوّل للأفضل في هذه اللعبة. أما الدكتور مدني رحيمي قال: "الاستثمار في كرة السلة السعودية تحتاج إلى بنية تحتية في المقام الأول وهو ما تفتقده اللعبة حالياً .. ناهيك عن اتحاد اللعبة الفقير جداً من النواحي المادية وقيس على ذلك باقي اتحادات الألعاب الأخرى .. فالمستثمر في هذه اللعبة سيكلف نفسه جهداً كبيراً لأنه سيبدأ من الصفر لأن مقومات اللعبة الأساسية والبنية التحتية لها غير مهيأة لأي مستثمر .. فكيف تبني لعبة بأساس ضعيف لذا فإن مخرجاتها ستكون ضعيفة سواء على مستوى اللاعبين في الأندية والمدربين العالميين المتخصصين بما في ذلك منتخب السلة السعودي" .. وأضاف رحيمي ان كرة السلة الأمريكية هي الأولى على مستوى العالم متمنياً من اتحاد اللعبة بأن يسير على خطواتNBA ويحذو حذوه فهناك لاعب كرة السلة يحمل درجة البكالوريوس على أقل تقدير بينما لاعب السلة هنا غير محترف وجميعهم غير متفرغين ومرتبطين بأعمال أخرى وهذا يعني أن الاحتراف معدوم تماماً في السعودية والمدارس غير مهتمة لوجود اللعبة بين الطلاب النشء .. ناهيك أن اللاعبين السعوديين لا تتجاوز عقودهم 800 ألف ريال قياساً باللاعب الأمريكي الذي يصل عقده لأكثر من ثلاثة ملايين ريال سعودي .. لذا باختصار ان الاستثمار في كرة السلة السعودية خسارة لكافة رجال الأعمال والقطاعات الخاصة .. سيما وأن قلة الاهتمام الإعلامي بها أصابها بالضمور إضافة إلى تقصير اتحاد اللعبة .. رغم أنها كانت تحظى بحضور جماهيري كبير وكان يتراجع باستمرار بسبب الإهمال حتى الآن .. وأختتم رحيمي حديثه آملا ً ومتفائلاً بأن عقد الشراكة الاستراتيجية بين اتحاد اللعبة وشركة كرة السلة السعودية ستطور اللعبة على المستوى المحلي والإقليمي ولإيمانه بفكر الشيخ أسعد أبو الجدايل (الرئيس التنفيذي للشركة) الذي سيثري اللعبة وستحصد وتستفيد من نجاحات هذه الشراكة مستقبلاً. من جهته بارك المحامي والمستشار القانوني خالد أبو راشد هذه الخطوة بين اتحاد السلة السعودي وشركة كرة السلة السعودية بتوقيع عقد الشراكة الاستراتيجية بينهما .. موضحاً ان مثل هذا الشراكات مع اتحادات الألعاب المختلفة تساهم في تطويرها والرقي بها وتكون لها مصادر دخل ثابتة تصرف منها الأندية واتحاد اللعبة .. خاصة وأن كرة السلة في المملكة تحظى باهتمام بالغ من قبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب .. وستستفيد الأندية من هذه الشراكة خاصة التي تعاني من قلة مصادر الدخل ومواردها المالية لأن ذلك سيعود بالنفع عليها. وقال مسؤول الاستثمار بالنادي الأهلي عبدالله بترجي أن كرة السلة في السعودية لا تحظى باهتمام كبير من قبل المسؤولين الرياضيين بالرغم من إقبال الشباب الملحوظ على ممارسة هذه اللعبة في بعض الحدائق العامة والأندية الخاصة ولكن لا يجدون الاهتمام والتشجيع من قبل المسؤولين لتطوير مهاراتهم وصقل مواهبهم .. وعن سبب عزوف المستثمرين قال: "الأندية حالياً تعتبر منشآت حكومية بطبيعة الحال فالمستثمر الذي يتقدم لرعاية أي لعبة يجد الكثير من العوائق والعقبات ولا يجد أي محفز أو ما يشجعه لذلك من الجهة المسؤولة بما في ذلك العقود والتناقض فيما بينها من نادي إلى آخر .. وهذا يعود إلى طريقة التعامل في الأندية وإداراتها والتوجهات التي تسير عليها وفي كلا الحالتين الجميع يبحث عن مصلحته وما يكفل حقوقه ويعود بالنفع عليه في المقام الأول فمن النادر ما يسعى القطاع الخاص لرعاية الألعاب المختلفة في الأندية أو اتحاداتها .. وبالنسبة لاتحاد اللعبة فهو ضعيف مادياً ولا يستطيع تغطية مصاريفه السنوية ومن الصعب أن نطالبه بأشياء لا يستطيع تأمينها إلا بالمادة .. وبالنسبة لنا في الأهلي أسعفتنا عقود رعايات الألعاب المختلفة التي وقعناها مؤخراً وخففت من ثقلها على ميزانية النادي .. وأنا لدي قناعة شخصية بأن الفكر أهم من المال فإن توفر المال بدون فكر لا فائدة منه" .. وكشف بترجي عن تقصيرهم كإدارة أهلاوية في حضورهم وتواجدهم الدائم ومرافقة فريق السلة .. ووعد أنه سيبدأ بنفسه أولاً والإدارة ثانياً بالاهتمام ومتابعة احتياجات فريق السلة الأول مع العلم أن الفئات السنية في الألعاب المختلفة مسيطرة في تحقيق البطولات .. وتحدث بترجي عن العقد الاستراتيجي الذي يجمع اتحاد كرة السلة بشركة كرة السلة السعودية قائلاً: " الاستثمار في الأمور النائية يحتاج للصبر لفترة على الأقل ثلاثة سنوات حتى نرى حصاد هذا العقد على أرض الواقع لأن الاستعجال في أمور كهذه قد تؤدي للفشل .. ومن ناحيتي متأكد تماماً بأن هذه الشراكة ستشكل نقلة نوعية في لعبة كرة السلة كما أنها ستفتح المجال أمام الشركات الأخرى للدخول في بقية الألعاب".