** إن المراقب الذي تابع ولازال يتابع مسيرته طوال تقلده للمسؤولية ليعجز عن ملاحقة كل تلك الانجازات التي – أنجزها – رحمه الله. فعبدالله بن عبدالعزيز قبل أن يكون – ملكاً له سلطة الملك هو إنسان تحركه إنسانية قبل أي شيء – وله – رؤيته التي تصب في كل ما من شأنه في صالح المواطن .. والوطن .. وتذهب رؤاه بعيداً إلى عالمه العربي الإسلامي والانساني لهذا وجد ذلك الحوار الداخلي حيث أتت بصوابية نظرته مركز الحوار الوطني لكونه لابد من تلاقح الافكار الوطنية لتجاوز أي عنعنات داخلية .. ثم امتد نظره الى العالم العربي فكانت قضية فلسطين التي هي الشغل الشاغل للعالم العربي فقدم مبادرته في قمة لبنان للخلاص من هذه المشكلة بحل يضمن للفلسطينيين حقوقهم ثم امتدت نظرته الى العالم الاسلامي فراح لإصدار ذلك القرار بضرورة الاعتراف بالمذاهب الاسلامية وهي نظرة لها صوابيتها البعيدة لتنظيف الارضية التي يتحرك عليها العالم الاسلامي واخراجه من عنعنات المذهبية المقيتة ثم امتدت رؤاه الى ابعد من ذلك فأوجد مركزاً لحوار الاديان كأنه يقول ان الخالق واحد وعلى كل واحد ان يعيش مع الاخر في سلام. هذا في رؤاه الفكرية التي تنطوي عليها مسيرة الامة. ثم انظر ماذا فعل في ادخال البلاد في مسيرة التحدي بأخذه العلم منهجاً لهذا راح رحمه الله بدفع هؤلاء الطلاب والطالبات الى خارج المملكة في بعثات دراسية ليأتوا الى وطنهم مسلحين بسلاح العلم ليبنوا ويشاركوا في بناء وطنهم. ثانياً: هذه التوسعة الكبيرة للحرمين الشريفين وهي نابعة من اهتمامه رحمه الله بهما كمرتكز ايماني عميق.. فهاتين المدينتين المقدستين هما درة العالم فهذه توسعة المطاف والاحداثيات في المشاعر المقدسة وقطار الحرمين كلها تدل على رؤيته المستقبلية .. وكان اصراره ان تكون ايضا عمرانياً ذرة المدن العالمية .. تنظيما وجمالا. ولم ينس رحمه الله – شباب الوطن – فهذه "جوهرة جدة" وتلك الاستادات الاحدى عشر على مساحة الوطن واحدة من اهتمامه بشباب الوطن. اما في الناحية التعليمية فهذه الجامعات على طول الوطن وعرضه.. ولعل مشروع جامعة الاميرة نورة اكبر مثال على اهتمامه بتعليم المرأة .. هذه المرأة التي فرش طريقها بكل الثقة فادخلها الى مجلس الشورى لتكون عنصراً خلاقاً له رؤيته ومشورته التي تحترم. ان رحيل هذا القائد الذي احتوى الكل بقلبه السليم وبعفويته الطاغية كان وفياً وصادقاً مع اننا نعرف انه يمر بمرحلة صحية حرجة وان الموت هو نهاية كل حي الا ان انتقاله الى جوار ربه كان صادماً لنا وللعالم من حولنا. رحم الله عبدالله بن عبدالعزيز ذلك القائد الانسان الذي ملأ قلوبنا حباً له بخطواته التي رسمها لمستقبل هذا الوطن .. ولأبناء هذا الوطن فلا نقول الا ما قاله صلوات الله عليه في وفاة ابنه ابراهيم ان العين لتدمع وان القلب ليحزن وانا لفراقك – يا عبدالله – لمحزونون "إنا لله وإنا إليه راجعون".