التفجير الارهابي الذي حدث في مصر في شهر فبراير اعاد الي الاذهان رواية «حجرة في منزل للحرب» للكاتب الالماني «كريستوف بيترز» التي ظهرت في المكتبة الالمانية عام 2006 الا ان الاقبال زاد عليها مباشرة بعد هذا التفجير الذي اسفر عن مقتل سائحة فرنسية،في نفس الاطار حولتها الاذاعة الالمانية الي دراما اذاعية نظرا لاهميتها. تصور الرواية المناخ الذي ساد مصر في عام 1993 وما تلاها من اعوام عندما تعرضت مصر الى سلسلة من التفجيرات التي شنتها عدة جماعات من الاوصوليين المتشددين، تأثرت مصر أن ذاك وبشكل كبير بهذه الهجمات التي وجهت ضربة قاصمة الي السياحة هناك، فأحداث الرواية تدور في وسط مجموعة من الاوصوليين الذين يخططون لتفجير انتحاري في معبد الاقصر الفرعوني في جنوب مصر بهدف الإضرار بالسياحة ومحاربة الكفار والانتقام من الحكومة المصرية التي لاتتوقف عن مطاردتهم، لكن العملية تفشل عندما تقع المجموعة الارهابية في كمين للشرطة اثناء عبورهم ضفة نهر النيل للقيام بخطتهم وبعد تبادل اطلاق النار وقتل عدد منهم تفاجأ الشرطة بأن احد المقبوض عليهم في الخلية هو شاب الماني الجنسية يدعي» يواخن سافاتسكي « اعتنق الاسلام ولقب بعبد الله وفي التحقيقات تتكشف قصته فقد مر بظروف عصيبة إثر ضلوعه في احدى الجرائم في المانيا اضافة الى ادمانه المخدرات، لكن السفير الالماني في القاهرة يتدخل لدى السلطات المصرية لمحاولة منع التعذيب عنه واعادته الى بلاده لمحاكمته هناك ويدور حوار بين الشاب والسفير اثناء زيارته له في السجن وهو احد اهم نقاط الرواية القوية اذ يكشف تللك الحدود التي عندها قد يتحول الانسان الى الأصولية ويكشف هذا الحوار ايضا شيئا عن حقيقة الدين الاسلامي. جدير بالذكر ان الكاتب وقف بشكل حيادي في طرحه لمسألة الدين وقد وجه علي لسان بطل روايته سفاتسكي اسئلة صعبة للسفير الالماني تتمحور حول دور الغرب في كثير من مشاكل الشرق، مثلا كيف يفسر له احتلال العراق، وما يحدث في فلسطين والصراع علي السيطرة علي منابع النفط. ويعجز السفير عن الدفع بحجج قوية تدعم اجابته امام محاوره وتستبد به الحيرة ويبدأ في محاولة شخصية لفهم هذا الصراع الذي ينحصر بين المنطق التدميري الصارم للاصولي والمنطق العقلاني المستنير للدبلوماسي..ومن ثم يتطرق الي البحث عن اسباب انتشار الجهاد ويري ان احتلال الغرب طويل الامد لبلدان اسلامية اضافة الي الدعم المستمر لانظمة الحكم المستبدة في تلك البلدان وعدم العدالة الاقتصادية والسياسية قد ساهم في خلق البيئة المناسبة لتطور الفكر الاصولي المعقد الذي يعادي الغرب. وهو الذي يجعله يتسائل عنالسر الذي يجعل شبانا اذكياء يعتقدون نهم قديسين بانتهاجهم اسلوب التصفية الجسدية وهذ الشئ وهو الذي يعيد سيسمار الى تخبطه الشخصي يوم كان مناضلا ضمن الفصائل الحمراء المسلحة في المانياالغربية آنذاك. وفي سجن سمير تتدفق الذكريات ويقرأ المؤلف هذا الجزء عن سافاتسكي في السجن ويقول تقفز صور الماضي لتمر امامي عيني اتذكر امي واختي وذكرياتي التي لاتنقطع في المانيا وهنا يحاو ل المؤلف ان يجعل سفاتسكي ان يقيم تجربته مع الاصولية بتلك الذكريات التي راحت تدفق عليه من الوطن الأم... وفي موضع اخر من الرواية يركز الكاتب علي وجهة النظر المتباعدة بين العلمانين والمتدينين في نظرتهم للعالم ومن خلال ابطال روايته يحاول الوصول الي حقيقة هذا التباعد لهذا نجد ان السفير الالماني سيسمار يبدأ في التوغل في المجتمع المصري والالتقاء بشيوخ متمرسين في الدين ويكتشف السفير ان بعض من يمثلون الاسلام المستنير علي خلاف حاد مع الاصوليين الذين يرون انهم يعبرون عن ماترغب الحكومة في تمريره للناس وهو ما يتسق مع الرؤية الغربية. حاول الكاتب ايضا تقديم فهم للاسلام وروح الدين الاسلامي كبديل ممكن للراسمالية وقد وصل ايضا الى نتيجة مفادها ان الانطوائية والانكفاء علي الذات هما اضافة الى التعصب والأوضاع السياسية في مصر هي من العوامل التي تخلق بيئة صالحة للإرهاب. [email protected]