احتضنت جامعة بيرزيت الفلسطينية مؤتمرا علميا أكاديميا عن "شاعر فلسطين والقضية" الكبير الراحل محمود درويش بعنوان "محمود درويش بين الرؤية والأداة"، وافتتحه نائب رئيس الجامعة للشئون الأكاديمية د.عبد اللطيف أبو حجلة. أبو حجلة أكد أن درويش جسد بشعره وبحياته قصة الفلسطيني الذي عاش في وطنه، وهاجر عنه وعاش الوطن فيه، وأشار إلى العلاقة المميزة والصداقة العميقة التي ربطت الجامعة بدرويش، مذكرا بأن الجامعة قدمت لدرويش في حفل التخريج السنوي 1996 الدكتوراه الفخرية في الآداب، عرفانا منها بدوره القومي والإبداعي. د.أحمد حرب استعرض صورة القدس في أدب درويش، مشيرا إلى أن المكونات الأساسية لصورة القدس تتشكل من خلال وعي الشاعر المسبق بالقدس "الأسطورة" وبالقدس "المدينة" تحت الاحتلال، خاصة أن صورة القدس لدى درويش تتأرجح بين قطبي الثنائية المتضادة، حيث يسعى إلى تقديم صورة للمدينة "كواقع معيش" من خلال الصورة الأسطورة والتي يقصد فيها إلى حد كبير الصورة التوراتية للقدس. بدوره أكد د.مهدي عرار -رئيس دائرة اللغة العربية- أهمية هذا المؤتمر العلمي لما فيه من إضافة معرفية وثقافية؛ فهو يتناول الرؤى والمفاهيم التي جسدها محمود درويش بشعره، بالإضافة إلى كونه تكريما لشاعر قضى حياته وفيا لبلده ووطنه. كما قدم الشاعر د.فاروق مواسي في الجلسة الأولى -التي أدارها د.محمود العطشان- ورقة بحثية حول "قصيدة إلى أمي وتفاعل اللغة فيها"، حيث عمل فيها على دراسة بناء القصيدة التي تتوقف على تركيب النص بما يتضمنه من عناصر صوتية ودلالية لاكتشاف العلاقات الرابطة بينها، فيما قدم د.قسطندي الشوملي من جامعة بيت لحم -خلال جلسة الافتتاح- عرضا مرئيا حول مراحل حياة الشاعر منذ طفولته حتى وفاته بالإضافة إلى إنجازاته وإبداعاته ومؤلفاته والجوائز التي حصل عليها. وقدمت الأكاديمية "زين عسقلان" ورقة بعنوان: "ذاكرتي وهمي.. معالجة الذاكرة في شعر محمود درويش"، والتي عالجت موضوع الذاكرة الفلسطينية وكيف بدت هذه الذاكرة ضمن شعر محمود درويش عبر تسلسل زمني عبثت فيه الأحداث وحددت تفاصيله مجريات التطورات السياسية على المنطقة الفلسطينية وهي فترة ما قبل أوسلو أي ما قبل 1993 وما بعدها. وتناول الناقد د.عادل الأسطة من جامعة النجاح بنابلس -في الجلسة الثانية التي أدارها د.عمر مسلم- التناص الأدبي في أشعار درويش وتداخل النصوص مع أشعار بعض الشعراء العرب، مقارنا بين تجاربه التي مر بها وعبر عنها من خلال تجارب هؤلاء الشعراء، اتفاقا واختلافا، موضحا أن نصه الشعري تشكل لغويا أيضا من نصوصهم. في حين أوضح د.إبراهيم موسى أن ظهور التناص بصورته الأولية كان في كتابات ميخائيل باختين، مبينا أن العلاقات الحوارية في النص تعد من مكوناته الأساسية بشرط أن يصطدم فيها صوتان اصطداما حواريا، وهذان الصوتان يدخلان في علاقة لإنتاج دلالة جديدة، مشيرا إلى استحضار محمود درويش شخصيات أدبية عربية وأجنبية في شعره كالمتنبي ولوركا. وتناول د.حسين الدراويش التناص الديني في شعر محمود درويش، حيث كشفت الدراسة التي أعدها الدور المتميز لتناص رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في شعر درويش من خلال تلك الرموز السامية التي توحي بها تلك الرسالة المقدسة. وأشار د.ياسر أبو عليان المحاضر -في جامعة الخليل في الجلسة الثالثة التي ترأسها الأستاذ نصر الله الشاعر- إلى موضوع التماهي بين الأرض والمرأة في شعر درويش، والذي يؤكد على العلاقة بين الفلسطيني وأرضه وهي علاقة سرمدية تأكدت بمرور الزمن وتعاقب الأجيال، فالناظر إلى التعبيرات الشعرية الجمالية العربية المرتبطة بالجمال الإنساني الذي تكاد تستحوذ عليه المرأة المحبوبة يلحظ الصلة القوية بين المرأة والطبيعة. من ناحيته قدم رئيس دائرة اللغة العربية في بيرزيت د.مهدي عرار ورقة بحثية حول "كان ما سوف يكون من منظور تفكيكي"، والتي تعكس النظرة التفكيكية والتناص وتعايشات المعاني والرمزية والأرجاء والدال العائم والمدلول المنزلق، وتميز الشاعر بالعلاقات الدلالية غير المأنوسة، كما قدم د.نادر القاسم ورقة بحثية حول التناص الديني متخذا من جدارية درويش نموذجا على ذلك. وفي ختام جلسات المؤتمر قدم أستاذ اللغة العربية في جامعة بيرزيت د.عبد الكريم أبو خشان ورقة بحثية وهي عبارة عن مقاربة لقصيدة "عابرون في كلام عابر"، ودراسة لأسلوب الكتابة وتحليل للدلالات، ودراسة صدى هذه القصيدة في قصيدة "مأساة النرجس وملهاة الفضة" عبر محور رؤية الأنا والآخر في النصين، مقدما مقاربة لعلاقة اللغة بالواقع وتأثير ذلك في البناء الفني في القصيدتين. إسلام أون لاين