يسعى (مجلس الأحزاب السياسية الأفريقية)، كجسم وليد فى الساحة الإقليمية، الى تعبئة القدرات السياسية للقارة الأفريقية، بما يحقق طموحات شعوبها في التحرر السياسي والرفاه والازدهار والاستقرار والأمن المستدام، وليكون رافداً لمؤسسات القارة الأخرى. والعالم اليوم يقوم بشكل متزايد على التكتلات القارية والدولية العملاقة، وذلك من أجل تحقيق الأهداف الجماعية للأمم والشعوب والقارات ويعتبر تأسيس مجلس للأحزاب الأفريقية خطوة مهمة، على الرغم من أن الأحزاب الأفريقية قد تأخرت كثيراً، في تأسيس مظلة إقليمية تجمعها، على غرار التجمعات التي تضم الأحزاب اللاتينية والأحزاب العربية والأحزاب الآسيوية والأوروبية، فضلاً عن الكيانات الآيديولوجية بين الأحزاب، كالأحزاب الشيوعية والليبرالية والديموقراطية في العالم. إعلان الخرطوم: تأسس المجلس في أبريل من العام 2013 م، ويضم في عضويته، الأحزاب السياسية الرئيسة في القارة، حيث شارك فى المؤتمر التأسيسى،الذى انعقد بالخرطوم في الفترة ما بين27-28 أبريل 2013م، زهاء ال500 حزب سياسي، أنطبقت عليها الشروط والمعايير التى جاءت فى لائحة التأسيس، وكان أبرزها المشاركة في حكوماتها بنسبة 10%، وصدر عن المؤتمر ما عُرف ب(إعلان الخرطوم) حول إنشاء مجلس الأحزاب السياسية. وأبان "إعلان الخرطوم" رؤية المجلس لقضايا القارة وإصلاح المؤسسات الدولية، فيما يتصل ب"مجلس الأمن الدولى"، الديون، العقوبات المفروضة على بعض دول القارة،أجندة التنمية الدولية..ألخ. واختير السودان بالإجماع فى المؤتمر التأسيسى للمجلس، ليكون دولة المقر، وفى 20 نوفمبر 2013م تم التوقيع بصفة رسمية بين المجلس والحكومة السودانية على إتفاق المقر، تنفيذا لتوصية المؤتمر التأسيسي فى هذا الصدد، وهذه الإتفاقية هى التى تُقنّن وضع المقرّ والصفة الإعتبارية للمجلس، والقانونية والديبلوماسية، فضلاً عن الإمتيازات والشروط العامة التى تمنح للمنظمات الإقليمية والقارية المماثلة. بناء الهياكل: على قصر مدة تأسيس مجلس الأحزاب السياسية الأفريقية، إلا أن بناءه المؤسسي مضى بخطى حثيثة الى الأمام، فالمؤتمر العام للمجلس يعقد مرة كل أربع سنوات، حيث ينتخب رئيس جديد للمجلس وكذلك الأمين العام، ويتكون المكتب التنفيذي للمجلس من 30 عضوا، يمثلون أقاليم القارة الستة، ويمكن القول أن المجلس، وهو في طور التأسيس قد شارف على إكمال بناء مؤسساته وهياكله حيث أُسس الجناح الشبابي للمجلس بالعاصمة التشادية أنجمينا فى سبتمبر الماضى، إنفاذاً لتوجيهات سابقة صدرت عن مؤسسات المجلس بتأسيس أجنحة للشباب، والمتوقع أن يُؤسس جناحٌ المرأة بالمجلس فى مؤتمرٍ سيعقد بالعاصمة النيجيرية أبوجا، فى ديسمبر المقبل. ويعتبر التنامى المطرد لمؤسسات وهياكل مجلس الأحزاب السياسية الأفريقية، دليلٌ على النجاح الذى بلغه المجلس، كذلك يعدُ مؤشراً على الإمكانات والقدرات التى يمكن أن تتشكل له مستقبلاً. النزعات الداخلية: لعبت الحروب والنزاعات التي شهدتها القارة دوراً كبيراً في إبطاء وتيرة تحقيق الاستقرار السياسي، ولمّا كانت الدول الأفريقية منشغلة بالنزاعات والإضطرابات السياسية داخلها، كان من الطبيعي أن تتأخر خطوة إعلان تكوين "مجلس للأحزاب الأفريقية"، والذي يشغل الدكتور نافع علي نافع فيه منصب الأمين العام، وما يزال من المبكر الزعم بأن"المجلس" وهو في طور إجراءات التأسيس الأولية، قد تحول الى منظمة إقليمية فاعلة ومؤثرة على مجريات الأحداث بالقارة، إذ لا يزال الطريق شاقاً وطويلاً لإنجاز تلك المهام، والتى تعتبر إرث لعقود من التهميش والإستغلال لأبناء وشعوب القارة فى السياسة الدولية. إن تأسيس "مجلس الأحزاب الأفريقية"، وأن تكون الخرطوم مقراً له، دلالة رمزية فى حدِ ذاتها، كما أنها خطوة تساعد كذلك إيجاد قناة توصل دائم مع الأحزاب والقيادات السياسية الأفريقية، وهو ما يُعزّز من إمكانيات توثيق عُري التواصل مع البلدان الأفريقية، ويتيح الفرصة للسودان لتقديم سياساته ومواقفه الرسمية، بعيداً عن تأثيرات الأطراف الخارجية، خاصة الدول الغربية التي تشوش عليه، في إطار المحيط الافريقي. إن تأسيس كيان إقليمي فعال، كمجلس الأحزاب السياسية الأفريقية، يضمن توحيد مواقف القارة في السياسات والإستراتيجيات التي تتعلق بمصالح شعوبها، وللدفاع عن تلك المصالح وتمثيلها بفاعلية.