مداخل عديدة تتبع هذه الايام لاحداث تطوير الادارة تلجأ اليها حكومات العالم لاحداث طفرة حقيقية لجودة الادارة الحكومية لذلك نجد ان العالم كله مشغول هذه الايام برسم صورة مستقبل جودة الاداء الاداري للحكومة مركزة على استخدام تقارير الكفاية. في ضوء ذلك فان ما يشبه الاجماع بين الخبراء والمحللين على ان عصب اي تقدم هو الادارة وان الادارة ليست مجرد علوم نظرية او وسائل تطبيقية، وانما هي في المقام الاول كوادر بشرية تملك الافق الواسع والقدرة على اتخاذ القرار الصحيح في التوقيت الصحيح ، وان هذا هو الفارق بين الدول المتقدمة التي تعوض نقص الامكانات والموارد فيها بحسن الادارة السليمة وبين الدول النامية. وهنا يثور سؤال مهم هو : هل وضع معايير ثابتة لاستخدامها في كتابة تقارير الكفاية ام ان المعايير معروفة ومحفوظة عن ظهر قلب ولكن تغييب هذه المعايير آفة المجالات من الموروث الاداري القائم الذي مازال يمثل مرجعه البيروقراطية في تكوين اداء الموظف باعتبار انها المرجعية الاكثر امانة. ان المسألة غاية في البساطة كما نرى ان المعايير في كتابة تقارير الكفاية تستطيع ان تفرز الغث من السمين، وان تضع خطوطاً فاصلة بين الموظف المؤهل وغير المؤهل ، وهذه المعايير المتعارف عليها دولياً تشمل الكفاءة المهنية وعمق الخبرة والسن والمؤهل العلمي والشخصية المتكاملة التي تجمع بين المظهر الحسن ووفرة الشفافية وفن التعامل مع الاخرين وهو ما يعرف علمياً باسم "فن الادارة" ، ولكل معيار من هذه المعايير قيمة نسبية يجوز ان تختلف من موقع الى اخر ، ولكنها حزمة واحدة هي العامل الاهم الذي ينفي عن كاتب تقراير الكفاية شبهة الغرض والهوى من ناحية ويجنب عملية تقويم الاداء اية ملاحظات تتعلق بالعشوائية او غياب المصداقية من ناحية اخرى. وطبقاً لهذه الرؤية نتساءل: هل من المنطقي ان يحصل معظم موظفي الجهاز الاداري للدولة على تقدير امتياز او جيد جداً؟ ونحن بدورنا نقول انه لو صح ذلك فعلا فلماذا لا تكون الخدمات الادارية على مرتبة الامتياز الجيد جداً ايضا؟ وهو ما نتمناه للمساهمة في تحقيق اهداف التنمية الشاملة. إذن هل يستحق معظم الموظفين امتيازاً او جيد جداً في تقارير الكفاية؟ ان قياس اداء الموظفين او امر في منتهى الاهمية حتى يعلم الموظف مستوى ادائه ويتعين ان يتم اعداد كتابة تقرير الكفاية بموضوعية كاملة وحيادية وتجرد ، فعليه يتوقف، اتخاذ قرارات مهمة بشأن مستقبل الموظفين ومساراتهم الوظيفية ، مثل تحفيزهم بالحوافز الايجابية والسلبية والمالية والمعنوية وتحديد اتيجاتهم التدريبية واتخاذ قرارات النقل والترقية ، وهي قرارات يجب ان تكون عادلة والا شاع القنوط واليأس بين من ظلموا وشاعت اللامبالاة والتكاسل بين من حصلوا على تقويم بأعلى ما يستحقون ، فهذه اهم نتائج المسواة بين من يعملون ومن لا يعملون. هنا يتطلب نظرة موضوعية الى ان هدف تقارير الكفاية هو جودة الادارة يحقق تميز الموظف في نوعية وكم الاداء الناجم عن تميز في المعارف والمهارات وليس مجرد الاداء العادي ودون تأخير أو اخطاء او محاولة اصلاح لها.