يبث الأغاني كل صباح غير عابئ بأحزانك، ونشرات الأخبار تحمل عبر الأثير كوارث العالم .. السيارات تسير وتطلق أبواقها إن تباطأت، والناس يسألونك كل يوم الأسئلة نفسها عن حالك وحال جوك ولونك بدون حتى أن ينتظروا إجابتك! فالعالم لم ولن يتوقف! عقارب الساعة مازالت تسير، تتسابق الدقائق والساعات لتمر الأيام ويمر الوقت ساحبا يدك معه. ورويدا رويدا، تبدأ بالاستمتاع برائحة قهوتك الصباحية وجريدتك المفضلة من جديد، وترد ابتسامة الجار والجارة بلهفة، تركب سيارتك لتبحث عن محطتك المفضلة. يصفو العقل قليلا قليلا، ويعانق الروح بصفائها اشتياقا، ويهدأ القلب. حينئذ تبدأ مرحلة محاسبة النفس بصدق واحتواء، مراجعا دروس محنتك، وتبدأ بأخذ قرارات أجلتها، أجلتها لخوفك ألا بديل لما بين يديك غير ما تملك. وتبدأ مرحلة التغيير بكل مخاوفها. تبدأ بالنظر حولك، لترى أبوابا فتحت، وفرصا منحت كأن غيوم أمانيك أمطرت واقعا، لتلتفت وتقول: «هذا ما استحقه، وما سبقه أهلني له». وقتها فقط، ترجع لك نفسك التي عرفتها، تحبها أكثر، تفخر بها أكثر وتحترمها أكثر. تهمس بينك وبين نفسك «شكرا يا الهي أن المصائب لا تأتي فرادى. نعم! فعندما تحتدم المحن حولك، تبرز احداها لتكون الأقوى والأهم معلنة أولويات حياتك، واضعة ما تلاها في موقعه الملائم الذي قد يكون في آخر القائمة وكنت ظانا أنه الأهم! وهذه من «إحدى حكم الحياة» وجمال الأقدار التي نغفل عنها: مرض، فقد عزيز، تحديات وحروب في العمل، قلب جرح، خذلان من تظن أنه السند والكتف، ديون، الخ، سمها ما تسمها..لو أتت فرادى، لتفتت قلبك قطعة قطعة، وتساقطت وريقات زهرة روحك واحدة تلو الأخرى، لكنها اجتمعت لتضع لك كل شيء في مكانه الحقيقي. فشكرا يا إلهي لأن المصائب لا تأتي فرادى، وشكرا لنفس أبية كريمة، تأبى التمتع بما لا يرضيك وتسعى لما تستحق ويرضيك. جربها معي: حدد موعدا مع نفسك واذهب للقائها بأبهى حلة حاملا ورقة وقلما. اكتب أجمل عشرة دروس وهدايا حصلت عليها من محنتك وابتسم، فلا تسمح للمحن حولك أن تحواك لما لا تحب وتهوى.