لفت نظري خبر نشرته احدى الزميلات قبل ايام تضمن فشل مساعي الصلح لاعتاق رقبة رجل مسن اقترب من ال75 عاماً ويعاني من جلطة اصيب بها خلال فترة سجنه والتي امتدت ل34 عاماً حسب الخبر وهي المحاولة الثالثة لاقناع اهل الدم بالتنازل عن القاتل على الرغم من توافد شيوخ واعيان من نحو ثمانية قبائل سعودية كبيرة ومشهورة ولها مكانتها. وحقيقة شعرت بالاسى والحزن على اصرار ابناء وذوي اهل الدم على القصاص من القاتل وكنت اتمنى ولازلت العفو عن القاتل وقبول شفاعة القبائل خاصة وان القاتل السجين رجل كبير في السن وامضى فترة طويلة في السجن قاربت على 34 عاما اضافة الى مرضه واحتمالية مضاعفة تردي حالته الصحية مما يصعب مهمة تنفيذ الحكم الشرعي. واذكر هنا حالة مماثلة شهدت تفاصيل جزء كبير منها وسأسرد ما اتذكره عنها. في العام 1416ه تقريبا طلب مني مدرس كتابة خبر او تقرير عن حادثة قتل وقعت في مستورة تبعد نحو 200 كم من جدة بين مواطنين احدهما في الثمانين من عمره والآخر في الستين اختلفا على دخول الانعام لمزارعهم وكل واحد منهما اتهم الآخر بالاهمال وتشابكا بالايدي وعندما شعر الكبير بالهزيمة استعان بمسدس كان بحوزته وهدفه ابعاد جاره واستقرت رصاصة طائشة في رأسه وصرعته على الفور قام بتسليم نفسه للجهات الامنية وشرح لهم ملابسات الحادث مع تأكيده على ان هدفه لم يكن بقصد القتل ولكن اخافة خصمه وابعاده عنه. وامضى الرجل الثمانيني سنوات في السجن وقام ابناؤه بمحاولة الصلح مع اهل الدم وسعت شخصيات عامة لكسب الاجر لاعتاق رقبة القاتل وفي مقدمتهم صاحب السمو الملكي الامير ممدوح بن عبدالعزيز آل سعود وكان في ذلك الوقت رئيسا لمكتب الدراسات الاستراتيجية بالديوان الملكي اضافة لعدد من شيوخ القبائل ودعاة ومحبين للخير جميعهم وكنت مع بعض الوفود التي زارت اسرة المقتول في محافظة الجموم وعرضت هذه الشخصيات عليها التنازل لوجه الله او الحصول على التعويض المادي ان رغبوا.. ولكن رفض اولياء الدم كل العروض وردوا كل الشفاعات وتمسكوا بالقصاص. وعندما علم السجين بالخبر ساءت حالته الصحية ودخل في غيبوبة مما تعذر معه تنفيذ الحكم الشرعي وظل على هذه الحالة نحو عام او اكثر حتى توفاه الله في المستشفى واستلمه ابناؤه وقاموا بدفنه.. ولم تستفد اسرة المقتول مادياً ولا معنوياً. فالقصاص لم ينفذ وشفاعة اهل الخير رفضت؟ واخشى ان يتكرر المشهد نفسه مع سجين نجران القابع في السجن من نحو 34 عاما واقول لابناء واهل الدم اقبلوا بالشفاعة ففيها اجر كبير واتركوا ما سواها. فلن يفيدكم شيء قتل رجل تجاوز ال75 من عمره وبدأ المرض ينهش جسده فالاجر الذي وعد به الرب جلت قدرته افضل الف مرة والعفو من شيم الكرام يا اهل نجران.