(محمد) مختلف عن (صالح)، و(عبير) ليست ك (مريم)، الفروق الفردية موجودة بيننا، ولا أحد منا ينكر ذلك، وهذا الاختلاف هو الذي يدفع بتكامل الأدوار والمهام والوظائف، لتتحرك عجلة الحياة وتستمر، فليس من المعقول ولا المنطقي أن نكون جميعاً أطباء، أو كلنا معلمات في المدارس، فلابد من أن يكون من بيننا فنان، وموسيقي، وآخر مخترع، أو محاسب، وحتى الزبال، فلا مهنة في الحياة عيب ولا إهانة، وكل من يبدع في مجاله! رغم تسليمنا لهذه الحقيقة إلا أننا في واقع الحياة نمارس تجاهلاً وإنكارا لها بشكل متناقض!. طالب في المدرسة تجده مبدعاً في الرسم والفنون، ولكنه ضعيف في المواد الحسابية الرياضية، وبدلاً من أن نطور الملكة والموهبة التي منها الله عليه، نمارس عليه قهراً وجبراً وضغوطاً نفسية في إرغامه على التفوق في الرياضيات، وقد نستميت في إدخاله في برامج للتقوية، ونقارنه بطلبة آخرين متفوقين رياضياً، فنحطمه معنوياً ونفسياً، ولا نشجعه فيما هو فيه متميز، بل ونحاول بكثرة دروس التقوية أن نبعده تدريجياً عن ما هو متفوق فيه، وتغيب عن بالنا مرة أخرى حقيقة أننا (مختلفون)، وأننا نكمل بعضنا، وأن ليس بالضرورة أن نتفوق في المواد كلها، فما حباني الله به، حبا آخر بشيء لا أملكه، فقط علينا أن ننمي ونطور ما نملكه لنتفوق فيه. فبدلاً من إضاعة وقت ذاك الطالب في برامج التقوية، علينا فتح برامج لتطوير ما هو متفوق ومبدع فيه أصلاً، لنخرج في النهاية بموهوب متميز في مجال هو يرغب فيه وقادر على العطاء فيه أكثر، كالرياضة، والموسيقى وحتى في المواد العلمية الأخرى، لنخرج في النهاية ليس فقط بطلبة مبدعين، وإنما بطلبة عباقرة، نراهن عليهم في المنافسات العالمية، أو نعول عليهم في اكتشافات واختراعات ترفع اسم البلد وتجعله في مصاف الدول المتقدمة، التي التفتت إلى تلك الفروقات وأخذت تستغلها بطريقة صحيحة، والدليل أن مع نهاية العام الدراسي لا توزع الشهادات ليقال إن فلاناً الأول على الصف، والآخر الأخير، وإنما توزع الشهادات مصنفة بأن فلاناً الأول في مادة الفيزياء، والآخر الأول في مادة الكيمياء وثالثة الأولى في مادة الرياضيات. للأسف الكثير من المواهب لم يتم استغلالها بالشكل الصحيح في مدارسنا، وكأن من لا يتفوق فيهم "نكرة" وعار على المجتمع متناسين أنه قد يبدع ويتفوق حتى عليهم فيما يملك من مواهب.