قد يتساءل البعض عن السر في ندرة المواهب الرياضية لكرة القدم في أنديتنا وفي الوطن العربي بشكل عام وهذا مرده عدم الاهتمام بالمواهب منذ الصغر فالأندية والمدارس الرياضية تريد لاعباً جاهزاً فقط فلا نجد سعيها للاهتمام بالمواهب وصقلها للاستفادة منها لاحقاً، وعند تصفحي لأحد المواقع الرياضية على الانترنت وجدت دراسة لطبيب نفسي يدعى مايكل هاو من جامعة اكستر بإنجلترا وقد أظهرت هذه الدراسة أن التفوق في رياضة كرة القدم لا يعود إلى مواهب يولد بها اللاعبون، وانما لمهارات يكتسبها الأطفال في الصغر. وذكر الدكتور مايكل هاو الذي قام بالدراسة انه عندما يبدأ الأطفال في ممارسة رياضة كرة القدم في سنوات الدراسة الأولى، فإن بعضهم يتم اختياره لعضوية الفرق المدرسية فيحصلون على التدريب والاهتمام، وبالتالي فرصهم أكبر في التفوق. وقال إن من يقع الاختيار عليهم لعضوية الفرق المدرسية ليسوا بالضرورة الأفضل وانما هم الأقوى بدنياً، أي الأكبر عمراً. وقد توصلت الدراسة التي شملت 543 من لاعبي كرة القدم في بريطانيا إلى نتيجة غريبة، وهي أن مواليد شهر أكتوبر تكون فرصتهم أكبر من التفوق في رياضة كرة القدم. وفي نظام التعليم في بريطانيا والكثير من الدول الأخرى يكون مواليد أشهر سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر عادة أكبر من أقرانهم في نفس العام الدراسي، وبالتالي يكونون أقوى بدنياً. ولذا يتفوق هؤلاء في القدرات الرياضية وتزداد فرصهم في الانضمام للفرق المدرسية فيحصلون بعد ذلك على قدر أكبر من التدريب. وعلى العكس فإن مواليد أشهر مايو ويونيو ويوليو يكونون عادة الأصغر في العام الدراسي فتقل فرص تفوقهم. وقال إن أغلب مشاهير لاعبي كرة القدم يؤكدون أنهم تلقوا الكثير من التشجيع في الصغر وخاصة من الأبوين. وذكر الدراسة أنه لا يشترط أن يكون الآباء لاعبين ماهرين، لكن المهم أن يكونوا من محبي رياضة كرة القدم وأن يشجعوا أبناءهم على ممارستها، إلى هنا انتهت الدراسة.. ونحن إذا أردنا أن نطور من أنفسنا ونبني جيلاً مستقبلياً في كرة القدم علينا أن نركز الاهتمام الكبير على المواهب منذ الصغر وذلك يكون عن طريق المدارس، ففي مدارسنا تجد الاهتمام بجميع المواد والسعي لتطويرها إلا مادة التربية الرياضية فهي مهملة أشد الاهمال ولا يتم أبداً الالتفات لها والسعي لتطويرها، فالطفل في بداية تعليمه في المرحلة الابتدائية إذا كان هذا الطفل يعشق ويحب كرة القدم فيكون في نظر المعلمين والمشرفين طالباً مهملاً، فهواية كرة القدم في نظرهم لا يهتم فيها إلا أطفال الشوارع الذين يكون معظم وقتهم خارج المنزل، فكيف لنا أن نصل لما نسعى للوصول له من بروز المواهب الجيدة إذا كان المستوى الفكري قد وصل عند البعض لهذا الحد، وكل ما أتمناه من القيادات العليا في مجال التعليم أن تزيد من الاهتمام بهذا الجانب وتسعى لتطوير الرياضة في المدارس.. وعلى دروب الخير نلتقي. طارق الحميد