لا أحد ينكر أن بين اللهجة العامية والفصحى صراعا أزليا .. وأنا اعتقد أن هذا الصراع سيستمر الى ماشاء الله ..ولن ينتهي لوجود الأحقية للطرفين في التواجد ..فيحق للعامية التواجد بحكم أنها لهجة العامة التي يتحدثون بها ويتواصلون بها مع الغير سواء كان هذا التواصل شعرا أو غناء .. وكذلك يحق للفصحى الوجود كلغة رسمية لغة خطاب سياسي واجتماعي ولغة شعر له متذوقوه وأهمية بالغة في قراءة الماضي واستشراف المستقبل ..وبالنسبة لي لا أرى أي تعارض في الحياة من وجود الطرفين في أية منطقة تحاول أن تضيف لمجتمعها كثيرا من الحب والسلام ..واستغرب حقيقة من الأقلام التي تنادي ببتر اللهجة العامية من جذورها واصفة اللهجة العامية بالسرطان الذي يجب استئصاله ! وكأن اللغة العربية التي تكفل الله بحفظها هشّة وأن اللهجة العامية سوف تذيبها مع استمرار..الوقت ناسين أن اللغة العربية هي لغة قوية وضعت لتستمر وستبقى ما أبقانا الزمان .. فإن الذي قد تكفل بحفظها هو الله جل جلاله وليس البشر ولو اجتمع البشر على أن يضروها بشيء لما استطاعوا .. فقدرة الله فوق كل قدرة وإن المطالبين باستئصال اللهجة العامية بمبررات الخوف على اللغة لهم واهمون!! .. وبعيدون عن هذه الحقيقة والتي لايراها الا المؤمن بقول الله ( وإنا له لحافظون) .. والقرآن هو اللغة ومادام الله قد تكفل بحفظه فمعناه أنه تكفل في حفظها.. لذلك فاللهجة العامية كلهجة تواصل هي لهجة مهمة وضرورية في مجتمعنا ونحن لسنا مطالبين الا بوضع طرق ووسائل للاتصال مابيننا البين ... وبعيد عن هذا التطرف الفكري نحن مستمرون في زرع الورود وقطف الثمر بينما المطالبون بالبتر واقفون لاهم لهم سوى بناء السدود والعقبات في وجه القافلة التي تسير . أنا لا انكر أن الساحة ( العامية ) يوجد بها من الأخطاء مايجعلها ترتبك أحيانا لأن الذي يحركها هو مشاعر العامة.. فقد تحدث بعض الأمور التي تربك سيرها لكنها لاتتوقف ومتطورة ومن يراقب الساحة العامية الآن يراها ترتقي بالذوق العام فانظروا أين كانت اللهجة العامية في السابق وأين اصبحت .. ومن يراقب المفردة العامة يجدها بدأت تعود الى شكلها الفصيح .. لأن الفكر العامي هو في الاساس ليس ضد الفصيح ..بل إن المفردة العامية تستقي ثقافتها من الفصحى لتستمر فوجود الفصحى ضروري لاستمرارها .. العاميون ضد اللهجة العامية كخطاب رسمي ولا يتمنون أن تتخذ اللهجة العامية الصفة الرسمية ...كما يحدث في بعض البلدان العربية .. فاللهجة العامية هي لهجة تواصل ( اقليمية ) ومتطورة وتختلف اللهجة من منطقة الى أخرى بينما اللغة العربية لغة ثابتة وضعت لها القواعد والأسس الثابتة ودخول أو إضافة جديدة لها .. هو تعريب لمصطلحات قد تكون ضرورية ونريد التعامل معها .. الغريب في الأمر أن المطالبين ببتر اللهجة العامية هم أنفسهم يتحدثون اللهجة العامية ابناؤهم كذلك .. عشيرتهم .. جيرانهم.. فكيف يطالبون بشيء هم أنفسهم لم يستطيعوا تلبيته.. وفاقد الشيء لايعطيه..فاللهجة العامية لهجة تواصل إن ارادوا أن يستمروا مع الأحياء.