(جئنا لنختلف عن الآخرين).. هذه العبارة والشعارات الإنشائية المرافقة لها جعلتني أحكم على فشل العمل قبل مشاهدته , لما فيها من تعالي ونظرة فوقية أوفوقية النظرة. وبعد مشاهدتي اقتنعت بأنهم اختلفوا عن الآخرين ولكن ليس في التميز , ولسان حالهم يقول من سبقونا فاشلون . فمن المهنية الإعلامية عدم تلميع الذات وأن لا يروج من قبل فريق العمل قناة كانت أم أي وسيلة إعلامية وهذه تعد سقطة أخرى لهذا المشروع , ألا ترون إن هذا العمل هو أقرب من ديوان صوتي يضم عددا من الشعراء المتميزين والشعر الذي عرفنا الشعراء بهم, منه إلى قناة!. أن تكون شاعراً لا يعني أن تكون إعلامياً، الشعر شيء والإعلام وصناعته شيء آخر وهذا ما أدى إلى تدني الإعلام الشعبي. لفت انتباهي إعلان عن قناة يوتيوبية والزج بأسماء كبيرة وكبيرة جداً لها مكانتها شعرا ونثرا وشعارهم (لم نأت لنقدم شعراً، كالشعر الذي تقدمه الفضائيات والصحف والمنتديات، جئنا لتقديم الشعر الحقيقي في الزمن المزيف، جئنا لنختلف عن الآخرين)، وضربوا بتجارب الآخرين عرض الحائط وأنهم يقدمون الشعر الحقيقي في الزمن المزيف فمن خلال شعارهم , الصحف والمجلات قدمت الكثير والكثير من الشعر وبمهنية عالية, لا تحط من قدر الآخرين أياً كانوا، خاصة الذين يقلون عنك في مستواهم الثقافي فكيف فيما هم أعلى منك ؟.. كان هناك ثلاثة عميان لا يعرفوا ما هو الفيل ولا كيف يبدو..وفي يوم من الأيام ، طلب منهم أن يدخلوا غرفة بها فيل .. كما طلب منهم أن يصفوا ما هو بالضبط.الأول راح يتحسس الخرطوم وقال: الفيل يشبه الثعبان ..! والثاني راح يتحسس الأرجل : يبدوا أنه قصير جداً (!) الفيل عبارة عن أربعة أعمدة! والثالث والذي كان يتحسس الذيل: الفيل شيء يشبه المقشة! وبالطبع لم يصدق أي منهم ما يقوله الآخر .. وكان كل منهم يتهم الآخر بالكذب .. لأنه لم يصدق إلا ما لمسه بيده .. لم يستوعب سوى تجربته هو فقط. إذا شعرت أنك على صواب .. فهذا لا يعني بالضرورة أنك كذلك.