تظل الكتابة هاجساً أثيراً، ومشوقاً لكل صاحب قلم عشقها عن قُرب، وعن بُعد مهما كانت (العقبات ، والعراقيل) .. ومن هنا يكون السؤال الدائم : لماذا نكتب، وتكون الاجابة غير واضحة المعالم ، أو أن هناك من يريدها أن تكون كذلك..؟ لما يكتب الكاتب .. - لكي يعيش .. ولماذا يعيش .. - لكي يكتب .. ولو لم يكتب .. - فإنه لا يعيش .. لم نخرج عن الدائرة .. - تقصد دائرة الكتابة .. والعيش .. نعم .. - قلت لك .. ولكنك لم تقنعني .. - لم أقنعك، أم لم أرضك .. الأمر سيان .. - الأمر ليس سيان على الإطلاق؟ تكتب لتعيش، وتعيش لتكتب، وإذا لم تكتب فإنك لن تعيش، حلقة مفرغة ندور فيها .. - في الكتابة نوع مختلف من العيش، نوع مختلف من الحياة، نوع مختلف من التعبير .. الكتابة هي الكتابة .. - من قال ذلك ، هناك كتابة راقية، كما أن هناك كتابة غير راقية، الكتابة الراقية امتداد للحضارة، والكتابة غير الراقية تعد على حقوق الحضارة .. من يؤكد ذلك، ومن ينفيه .. - عملية القراءة، القراءة مع الكتابة تشكلان بنداً أساسياً في الحضارة الإنسانية والذي يكتب، والذي يقرأ أحق بالانتساب لهذه الحضارة. لأنك تكتب تقول هذا.. - أي كاتب له قضية يقول هذا، أي كاتب له همّ إنساني، حضاري يقول هذا، أي كاتب ينتمي للوردة، والسيف يقول هذا. يكبر الوطن بالكاتب، أم يكبر الكاتب بالوطن - كلاهما يكبر بالآخر، الوطن يكبر بالكاتب إذا كان – هذا الكاتب – جديراً بهذا الشرف، والكاتب يكبر بالوطن إذا كان – هذا الكاتب – أهلا لهذه المسؤولية وجديراً بهذا الانتساب للوطن، وطموحاته.. هل تتصور وطناً بلا كتاب، وكتاباً بلا وطن - مستحيل أن أتصور ذلك الوطن يحنو على كتّابه كما تحنو الأم الرؤوم على أبنائها، والكتّاب يتعلقون بتراب الوطن كما تتعلق الشجرة بموطن غرسها، ولا يوجد وطن يكره كتّابه مثلما لا يوحد كتّاب يخونون وطنهم، الوطن هو كل حروف الكتابة، والكاتب هو جزء من هذه الحروف، ودور الكاتب هو تنسيق هذه الحروف، هو ترتيبها، هو تشكيلها، الحروف تتحول الى اللآلئ تتحول لمصابيح، المصابيح تنير دروب الوطن، الوطن هو الشمس، والقمر، والأرض، والكاتب – ليس أي كاتب – هو العاشق للشمس، العاشق للقمر، والنجوم، العاشق للأرض .