لوهلة، اعتقد بعض القراء أن شخصية بلقيس الملحم هي شخصية وهمية مختلقة أو اسماً مستعاراً يتقنع داخل الفضاء العنكوبتي؛ من كم الشائعات التي أحيطت بها وبشخصيتها الثقافية والأدبية. ورغم تكذيب الكاتبة بلقيس الملحم لهذه الشائعات إلا أنها لا تزال تتداول إلى اليوم، وهو ما تنفيه وتوضح ملابساته مجدداً من هذا المنبر؛ غير أن هذا ليس الموضوع الرئيس لحوارنا مع بلقيس، فالكاتبة السعودية التي نشرت عشرات المقالات والقصص والروايات، تشكل بلا شك حالة ملتبسة أمام المتلقي، كون بلقيس تكتب قصصا وروايات تدورها أحداثها بين المدن العراقية، كما في روايتها (حريق الممالك المشتهاة) وهي التي لم تزر العراق يوما!. ما السر إذاً؟، هل هو التضامن والتأثر بمأساة الشعب العراقي كما اعتادت أن تجيب؟. هذا هو الحقيقي والمعلن. ولكن في حديثنا الصحفي هذا، غصنا داخل نفس وفكر بلقيس لنعرف أبعد مما هو مألوف، لتكشف لنا السر الكامن وراء التحامها بجسد الأدب والثقافة العراقي، إنه ذلك الأخ الأصغر عبد الرحيم والذي ذهب إلى العراق عام 2004 ولم يعد حتى اليوم. في هذا الحوار الذي أجري في مدينة الدمام حيث تعيش الكاتبة بلقيس الملحم، طفنا أيضاً مع صاحبة مجموعة (ما قاله الماء للقصب) في حدائق كتاباتها الأدبية، بين الشعر والقصة والرواية، لنتعرف عن قرب على بلقيس وأوراقها المتناثرة: * كاتبة سعودية تكتب نصوصاً أدبية عراقية.. كيف حدث ذلك؟ - هذا السؤال يجعلني غائبة عن الوعي، يربط حروفي ويجعها مقيدة تحت الإنشاء، مثل امرأة تكبرني بخمسين عاما، أهداها عابر وطن، سنبلة كي لا تموت ذاكرة الحب فيها. ولكن دعني أحيلك إلى قصيدتي(مُبشَّرة بالعراق )، ربما يكون فيها، جوابا يشبع شغف سؤال لم تطرحه أنت فحسب، بل العراق نفسه من يُلِّح علي به، والتي أقول في مطلعها: رأيتني في المنام/ انعطف يمينا مع صوت بعيد/ بات مني قريبا كالوريد/ همس / بينما كنت/ أفتح شبابيك الدنيا/ لحظة عرس/ سوف تدخلين الجنة/ سترينها بأم عينك الآن/ انسكبت دفعة واحدة/ بين يدي نهر طويل/ شاسع/ أزرق/ عميق جدا جدا. * كيف تولدت علاقتك بالثقافة والأدب العراقي؟ - في الأساس أنا ابنة الشاعر محمد الملحم، وهو الذي نظم أطول ملحمة في تاريخ الأدب العربي، ملحمة تتكون من "13" ألف بيت، بعنوان (الدر المكنون في شتى الفنون). هذا العلاقة ونشأتي في هذا البيت، كوَّن لدي موهبة التذوق الأدبي الذي بدأ يحول نظرتي للأشياء وما يحيط بي بطريقة مختلفة، لأجد كلماتي تساب على الورق منذ أن كنت في العاشرة من عمري. ولأن الموهبة لا تكفي، فإن أدوات التغذية كانت تتوفر لدي ما بين فترة وأخرى وأقصد بها الكتب التي كانت في بدايتها قراءات دينية منوعة، ومن ثم أدبية متخصصة جعلتني أنفتح أكثر ليس على العالم فحسب بل على نفسي التي اكتشفتها بنفسي عبر القصيدة والقصة القصيرة.. * على الأدب العراقي؟ - وهل خلق الله أجمل من بغداد؟ وأجمل من المتنبي والسياب، أنت تتحدث عن غابة من نخيل الإبداع الإنساني ورقيم الكتابة الأولى والملحمة الأولى (جلجامش) والإنسان الأول. ومثل غيري من الكتاب، قرأت الكثير من المنشورات العربية، غير أن الأدب العراقي، شعرا وقصة ورواية ونقدا، كان له نصيب الأسد من تشبث روح القراءة الممتعة لدي حيث تُشبع مواطن العطش فيَّ، ولعلي أترك الإجابة على هذا السؤال لأفتح نافذة للقراء، ينظرون من خلالها إلى شمس الكلمة العراقية. لنرى إن كانت ستقودهم لسرير النوم مبكرا ! أم أنها ستمارس دور الفاتنة التي لا تنام ويقعون في نفس الفخ الذي وقعت فيه. ثمة سؤال أبحث عن جوابه بالكتابة عن العراق.. وحتى لو عاد أخي لن أتوقف عن الكتابة ! * في قصصك العراقية (أرملة زرياب) وكذلك روايتك (حريق الممالك المُشتهاة ).. ثمة تماهٍ مع المأساة العراقية.. لماذا العراقية وليست الفلسطينية مثلاً؟ - يدي على قلبي وعيني على العراق، ولو فتشت عن العراق بداخلي فستجده جرحا مفتوحا باتساع حفرة كبيرة لا يقف جانبها قاطع تذاكر ولا حارس، بل ينعق حولها الغربان، ستوقن معي بأنها كانت مقبرة جماعية. وإذا ما اتجهت جنوبا فستسمع نايا مخنوقا لا يطرب حتى الشياطين! لكنه حتما يشجُّ الأرواح النقية. في (أرملة زرياب) كتبت 36 قصة جميعها من وحي الحرب التي توزع أمراؤها فسوَّروها بالديناميت والأجساد المفخخة، وأنا بطبيعتي لا أقوى أمام مشهد النخلة حين يقطع رأسها فتموت. 28 مليون نخلة عراقية نزفت بما فيه الكفاية، لذا لم يكن قلمي بمنأى عما يحدث ليصمت أو ليكتب عن الوردة أو عن قصص اجتماعية استهلكت من قبل معظم الأقلام. ثمة سؤال أبحث عن جوابه بالكتابة عن العراق. ثمة وجع أداويه وثمة فقد أبحث عنه وأتعمَّد في تضييع فرصه وجوده، لأني أخشى لو انتهى الحزن أن يجف قلمي ويبرد قلبي، لذا جاءت روايتي تابعة وليست استكمالا للغوص في دلمون، جلجامش بحث عن الحياة هناك ولم يجدها، أنا أيضا أشبهه، أبحث عنها ولن أجدها مادام تجَّار الموت يبيعون الدموع للأمهات العراقيات كل يوم بلا ثمن!. لا أدري إن كان الحب يُدرَّس. أم لا. لذا فصنوان الحب لدي هو بين فلسطين والعراق، بين القدس وبغداد. فلسطين التي أوجعتني فكتبت عنها الكثير أيضا، لكن ربما لم ينشر ولم يتداول، لأن أغلب ما كتبته عنها كان ورقيا غير مطبوع، غير أن بعض النصوص وجدت طريقها للنشر عبر الإنترنيت وهي لا تقل جمالا عمَّا كتبته في العراق. ولعلي أكشف لقرائي خبر إصداري الجديد وهو مجموعة قصصية، مضمونها فلسطين وهي بعنوان " الصليب الأبيض " وأنا هنا انتهز الفرصة، نيابة عن وَجدي. لأقبل جبين كل أم فلسطينية وعراقية ناضلت من أجل كرامتنا العرببة،لا من أجل كرامتها فقط. ولا أنسى المرأة البوسنية أيضا والتي بدأت في تجسيد مأساتها عبر رواية جديدة أعكف عليها حاليا. رواية يطلب فيها قتلى المجازر الجماعية، ممن يريد النظر في وجه البوسنة أن يضع حجرا في فمه. سأظل أكتب وأكتب، لأن الروح تشيخ والحقول تجف حين يتوقف مطر الكتابة. آه ألمي يزيد كلما تعالى شخير الإنسانية، وهذا على ذمة " حسن مطلَك". * كتبتِ عن مأساة العراق وتخبريني عن فلسطين والبوسنة.. هل أنتِ كاتبة مآس؟ - تقريبا، فكل كتاباتي استلهمها من الحزن والمآسي وأجمل المقطوعات في أدبنا العربي، مستلهمة من الحزن. أو كما يقول مظفر النواب. الحزن جميلٌ جداً. وربما تجد جوابي مفصلاً أكثر في قصيدتي: غفر الله لها. * عرفت أن لديك أخا فقد في العراق.. هل هذا السبب الروحي والسر، وراء تشبثك، بالكتابة داخل المكان العراقي؟ - (صمت) أجل وربما يكون السبب الأقوى.. والذي أفصح عنه لأول مرة. أجل، وجود أخي في العراق، هو بمثابة حبل سري ما بين جسد وروح. الجسد (أنا) موجود في السعودية والروح (أخي) في العراق. ولأنه مفقود ومجهول المصير فإني ابحث عنه وعن مصيره من خلال الكتابة، فتارة تجدني أفتش عنه مع شخوصي الروائية في الكرادة أو الأعظمية ببغداد.. مروراً بالموصل حتى البصرة وبقية المدن والقرى العراقية. * وكيف فقد أخيك في العراق؟ - حدث ذلك عام 2004، عندما اتجه إلى العراق، مع مجموعة شبان سعوديين، انصياعاً لفتوى وخطاب ال"الثلاثة وعشرين شيخاً" دعوا الشباب السعودي، للذهاب للعراق من أجل الجهاد، فيما أصحاب الفتوى، وغيرهم تمسكوا بمناصبهم ومتنعمين برغد العيش والأمان، بينما لا تزال قلوب الأمهات السعوديات تكتوي بنار فراق أبنائهم الذين ذهبوا نحو المصير المجهول. وكان أخي (عبد الرحيم 22 سنة) ذهب دون علم العائلة، إلى العراق بعد أن أخبرنا بأنه ينوي الذهاب إلى رحلة برية (مخيم) برفقة أصحابه. وبعد أسبوعين، أغلق جواله. ثم تلقينا اتصالا هاتفيا من عنده من الموصل، اخبرنا فيه بأنه لم يجد أي مظهر من مظاهر الجهاد وأنه تعرض لابتزاز من قبل مجموعة إرهابية عراقية، استقبلتهم، وهو لا يستطيع معارضة أوامر هذه المجموعة للعودة للسعودية. * ثم ماذا حدث؟ - بعد شهرين بالضبط، تخللها ثلاثة أو أربعة اتصالات هاتفية متقطعة من عنده، كان يطمئننا فيها على صحته؛ ظهر على الفضائية العراقية في برنامج، الإرهاب في قبضة الأمن، في تمام السابعة والنصف مساءً وقد ظهر مقبوضا عليه مع ثلاثة شبان سعوديين، عرضوا فيها اعترافاتهم، بندمهم دخول العراق. واعترافهم بأن دخولهم العراق تحت تأثير الفتاوى التي تحث الشباب على الجهاد في العراق. ناصحين الشباب السعودي أن يلتفتوا إلى طلب العلم وبناء وطنهم. * إذاً سجن في العراق؟ - أجل، وبين عام 2004 إلى 2007 تنقل بين السجون العراقية. أرسل رسالة يتيمة عن طريق الصليب الأحمر، وفي العام 2007 حدثت حادثة اقتحام سجن بادوش في الموصل، وكان قبل الحادثة حدثنا هاتفيا قبل ساعة من الاقتحام، واستطاعت المجموعة المقتحمة أن تهرب جزءا من المساجين ومن بينهم أخي. ثم أذيع خبر اقتحام السجن على قناة الجزيرة. وبعد شهر تلقينا منه اتصالا أكد فيها حادثة الاقتحام وفي مثل هذا الشهر قبل 6 سنوات كان هذا آخر اتصال بيننا وبينه لتنقطع أخباره نهائياً ولا نعرف عنه شيئا إلى الآن. * هذا هو إذن، سر مواساتك وانضمامك لمأساة الشعب العراقي من ضفة أخرى (فقدك الأخ)؟ - حقاً. * ماذا لو عاد أخيك.. هل ستكفين عن الكتابة عن الحزن العراقي؟ - أتمنى أن يكون سالما ويعود. ولكن لن أتوقف لأنها أصبحت هوية ووجودية بالنسبة لي في الكتابة، وحتى لو حلت قضية عودة أخي، فهناك أمهات وأخوات سعوديات لا يزلن يعانين بجوار معاناة الأم والأخت العراقية. *أفهم أن معرفتك ودخولك عوالم الكتابة الأدبية عن العراق، جاء بعد فقد الأخ؟ - أجل، بالتزامن، أو لنقل كان بعد هذه القضية التي قربتني أكثر من الثقافة والأدب العراقي. * ثمة شائعات انتشرت ولا تزال تتداول، إلكترونياً حول مقتلك..الخ: ما قصة هذه الشائعة بالضبط؟ - لأن أعدائي هم الظلام والديناميت والطائفية والنفس الأمارة بالكراهية والهدم والتضليل .. وأنا سلاحي السلام الإنساني والتسامح. كان لا بد من شائعة قتلي وتشيُّعي وظلام فكري!. هذا ما يريده مروجو الشائعة، عفوا بائعو غاز الكلور. سأختصر عليهم الطريق لأقول لهم : لتتهامسوا مع شياطينكم في المرآة، فيما أنا أصلح من هندامي. * جربتِ كتابة الشعر والقصة والرواية والمقال.. هل كانت رحلة بحث عن الذات داخل الكتابة أم عن نوع أدبي تستقرين عليه؟ - هو بحث عن الأسئلة الموجودة داخلي. ربما أجد جواباً في قصيدة أكتبها أو قصة أو رواية؛ إلا أني أجد أن الشعر أقرب للتعبير عن ذاتي وإشباع حاجاتي وأسئلتي النفسية والروحية. عودة للأدب * لاحظت في بعض قصصك أن التركيز على المآسي (المشاعر) رفع من حالة الشعورية على حساب السرد القصصي، والدرامي؟ - صحيح، كلامك وهو يتفق مع ما قاله بعض من دارسي نصوصي من النقاد. فأي ناقد أو قارئ متمكن، سيلاحظ ما لاحظت لأن اللغة الشعرية حاضرة في النص بوضوح. من هنا يكون الشعر هو الأقرب لي من بين كل الأنواع الكتابية الأخرى. * حسنا.. ومتى سنوطنك..أدبياً؟ ألا تفكرين بكتابة عمل أدبي داخل الجغرافيا السعودية؟ - لا نبوءات في الكتابة. كما أن الشاعر والكاتب، ليس نجار موبيليا يملي عليه زبونه مقاسات وديكور الطاولة. لذا لن أمنع قلمي من أن يكتب قصة أو رواية تدور أحداثها في السعودية، شريطة أن يجد ما يلمس حاجة في نفس يعقوب. * تكتبين، نصاً أدبياً يدور في الجغرافيا العراقية وأنت لم تزوري العراق.. كيف تحضرين وتشتغلين على هذا النص الذي تعيشين داخله؟ - الكتابة عن مكان لم تطأه قدمك أمر ليس في غاية السهولة، لأنك تحتاج إلى أدوات غير مادية لتستلهم المكان بكل تفاصيله، وهذا ما وجدُّتني معه أثناء كتابتي عن العراق سواء في المجموعة القصصية أو في الرواية أو حتى النصوص المفتوحة. لذا عشت عالما خاصا دقيقا حتى في مشاعره وأسلوب لغته، فخلقت لي جناحين لأطير، نعم طرت إلى بغداد وكركوك والبصرة وكربلاء. استعرت عباءة فضفاضة وحجبت ثلاثة أرباع وجهي وتلصصت على سرادقات العزاء، حاولت أن أتحول ذات مرة إلى شيطان يغمس الأجساد في أحماض لا يقوى عليها الحديد. بحثت عن المعلومة الواحدة في عشرات الكتب. قرأت عن العراق أكثر مما كتبت، وأضعاف ما كتبت. فرشت الخرائط واستعنت بوسائل التواصل والأصدقاء. وعلى سبيل المثال حين عرجت على ذكر مدينة " الثورة " أو ما تسمى بمدينة الصدر حاليا، قرأت عنها ما يزيد على سبعين مادة وخرجت منها بثلاث صفحات. إنها الأحلام حين تكون برتقالية، فلا تشحب حينها الوردة في دمي. * الخيال والإقناع عنصران مهمان لأي عمل فني.. كيف استطعتِ إقناع القارئ العراقي والعربي بتجسيدك الأدبي للمأساة العراقية؟ - أقنعته حين تناولني ثلاث مرات في اليوم، فتأكد من سلامته من شُبهة النص. لا أقول ذلك غرورا بل اعترافا بما يردني من رسائل يومية وتفاعل من قبل القراء حول ما اكتبه خصوصا من النقاد العراقيين أنفسهم. ومع هذا كله فإني أنحني خجلا وأطرق رأسي أمام المأساة العراقية فعلا، فمجد كتاباتنا عنها نحن الكتاب، كان استحياءًً من آلامهن التي نتمنى أن لو كان خبر موت أبنائهن وأزواجهن كاذبا. * وماذا عن علاقتك بالمشهد الثقافي المحلي.. أنتِ شبه مغيبة عن الساحة المحلية؟ - التقصير في العلاقة بين الكاتب والمثقف والمؤسسات الثقافية، يقع على الاثنين. فالعلاقة تكاملية ولا يمكن أن تنهض إلا بوجود الاثنين فعلا وحِراكا لا أسماء فقط. يسعدني أن أمد يدي لكل مؤسسة ثقافية تدعم الكاتب وقد تشرفت باستضافة مهرجان الجنادرية لي في دورته السابعة والعشرين والثامنة والعشرين على التوالي، والتي من خلاله بدأ المشهد الثقافي باكتشافي متأخرا والتواصل معي. لن يكون المشهد الثقافي حاضرا دون أبناءه. وليعذرني الكتَّاب السعوديون المهمشون لو تكلمت نيابة عنهم، فأنا أتمنى أن يلتفت إلينا أرباب المؤسسات الثقافية وسنكون حينها حاضرين بلا شك. * تعجبت من كم ما كتب عنك عربياً، في المقابل لم أجد قراءة نقدية محلية عن تجربتك.. هل أنت حقاً مهمشة سعودياً ؟ - يقول الشاعر الكبير يحيى السماوي في تعليقه على أحد نصوصي: أقول - وأنا بكامل عافية ذائقتي الأدبية : لابد وأن ينصفك التاريخ يوما كشاعرة أضافت دما جديدا لقصيدة النثر- أو النثر الفني / فالتسمية سيّان - ولقد أحسنت مؤسسة النعمان الإبداعية باختيارك سفيرة للإبداع في منطقة الخليج العربي بعد حيازتك جائزتها الأولى لأفضل ديوان شعر في دورتها الماضية. أصدقك القول بأن تناول الكتاب العرب لكتابتي دون السعوديين كان سلاحا ذا حدين، فهو عرفني على ثقافات أخرى وفتح لي نافذة ضوئية مرة تشرق علي من أستراليا ومرة من بيروت ومرة من لندن وأخرى من العراق والقاهرة والدار البيضاء. نافذة لم تُعرِّف ببلقيس فقط!. بل بالمرأة السعودية الكاتبة، المرأة التي تناضل بالقلم والقرطاس لدرء الظلام ونشر روح التسامح والمحبة. ولعل هذا اللقاء يكون نافذة ضوئية أخرى تضيف لي أكثر مما أضافه لي الآخرون. * فزتِ بجائزة ناجي نعمان الدولية للثقافة.. حدثيني عنها؟ - جميل أن يُحتفى بنبوغ أي موهبة فنية أو أدبية تخدم أدبنا وثقافتنا وحراكنا نحو تثبيت تموضعنا بقوة بين لغات العالم، وهذا ما حصل لي تحديدا حين فاز ديواني الشعري " وطني بلا نبي " بجائزة الإبداع ضمن جوائز ناجي نعمان الأدبيَّة لعام 2012 حيث تتوِّجُ أربعةً وأربعين فائزًا جديدًا، بلغَ عددُ المرَشَّحين المُتقدِّمين لنَيل جوائز ناجي نعمان الأدبيَّة 1341 مشتركًا ومشتركة، جاؤوا من أربعٍ وخمسين دولة، وكتبوا في ثلاث وعشرين لغةً ولهجة، هي: العربيَّة (الفصحى والمَحكيَّة في أكثر من لهجة)، والفرنسيَّة، الإنكليزيَّة، الإسبانيَّة، الإيطاليَّة، البولونيَّة، الرُّومانيَّة، السلوفينيَّة، الصِّربيَّة، الرُّوسيَّة، الصِّينيَّة، الألمانيَّة، المَقدونيَّة، المُنغوليَّة، الكرواتيَّة، الدِّنمركيَّة، التَّيوانيَّة، لغة الباسك (الأُسكارا)، لغة القبائل. وأمَّا قِطافُ هذا الموسم (الموسم العاشر) فجاءَ جوائزَ نالَها أربعةٌ وأربعون فائزًا وفائزة وكنت واحدة منهم ولله الحمد. *سفيرة للثقافة بالمجان في الخليج العربي.. ما الذي ستقدمينه لوطنك في هذا الصدد؟ - بناء على فوزي بالجائزة تم اختياري مع مجموعة من الفائزين كسفراء للمؤسسة في بلدانهم ومحيطهم الجغرافي، وهذه مسؤولية بلا شك أكثر من كونها وساما، وأنا مع زميلاتي وزملائي السفراء ومن يعمل في المؤسسة نعمل جانبا لجنب لتفعيل دور المؤسسة في نشر رسالتها التي تتمحور في نشر الثقافة بالمجان عبر طبع الكتب وتوزيعها مجانا، والتعريف بأنشطة المؤسسة التي تكاد عالمية بفضل تواجد سفراءها في كل أنحاء العالم، الأنشطة التي تتنوع بين توزيع الكتاب والصالونات الأدبية والسياحة الثقافية والجوائز السنوية التي تقيمها دعما للثقافة بكل ألوانها. وقد بدأت فعلا ببعض الأنشطة التي بدأت من المدرسة " بيئة عملي" وستتوسع بإذن الله لتشمل أكشاكا لتوزيع الكتب بالمجان داخل المجمعات والفعاليات الثقافية المختلفة، وهنا أغتنم الفرصة لتمد وزارة الثقافة والإعلام وجميع النوادي الأدبية والمؤسسات الثقافية في السعودية، لتمد جسور التواصل والتعاون مع مؤسستنا لتتبنى مشاريعها الخيرية في نشر الكلمة البيضاء والسلام والمحبة التي نتمنى أن تكون عرضًا معديا كما يطيب لصاحب المؤسسة السيد الأنسي " ناجي نعمان " بقوله : الثقافة أيضا تُعدِي!. * أخيراً.. ماذا سنقرأ لك من نصوص أدبية في الأيام قادمة؟ - رواية (بيجمان: الذي رأى نصف وجهها) وهي رواية تدور أحداثها في البوسنة أعوام التسعينيات. وهنالك مجموعة قصصية بعنوان: (لذة واحدة وثلاث شهوات) وأيضا مجموعة نصوص مفتوحة بعنوان: (قناديل القديسة) ستصدر نهاية العام أو بداية العام القادم.