مشهدان متناقضان تماما تناقلهما الكثيرون عبر وسائل الاتّصال خلال هذا الأسبوع , أحدهما يبعث على الارتياح ويدعو للفخر والاعتزاز لما قام به أحد شباب هذا الوطن الغالي , تجلّت فيه الإنسانيّة بأجمل معانيها وأروع صورها .. وهو يخاطر بحياته لإنقاذ طفل صغير كاد أن يُدهس تحت عجلات السّيارات المسرعة العابرة لأحد الشّوارع بمنطقة الباحة . دون أن يراه سائقوها لصغر جسمه ومفاجأتهم بوجوده أمامهم . فما كان من ذلك الشّاب الشّهم إلا أن هبّ مسرعا ليحمل الطفل ويبعده عن الخطر , بعد أن أوصله إلى أحضان والده أو قريبه الذي كان يلهث على طرف الطريق , مترجما معنى الرّجولة والنّخوة والشّجاعة . مجسّدا مفهوم العون والعطف ومساعدة المحتاجين التي يأمر بها الدّين الحنيف . وهو بهذا العمل الرّفيع يعطي بعداً لما يجب أن يكون عليه الشّاب السّعودي العربي المسلم , ويقدم صورة مضيئة لعمل الخير والإحسان بدافعيّة من الذّات النّابهة التي تغذّيها المشاعر الإنسانيّة والعمق الإيماني . فتحرُكه السّريع ساعد على إنقاذ نفسٍ بشريّة , أوشكت أن تزهق تحت العجلات , وكأنّما أحياها .. وبفعله الجميل أحيى في نفوسنا جميعا البهجة والسّعادة والارتياح . مما يجعلنا نثمّن هذا التصرّف البطولي الرائع الذي يسجل له . وبالمقابل رأينا بألم ذلك الشاب المجرم وهو ينهال بطعناته الحمقاء على صدر أحد العمّال الآسيويين وسط أحد شوارع العاصمة دون رحمة أو هوادة وهو يغرز سكينه حتى النّصل مرّات ومرّات بكل قسوة وغلاظة . فلا دين يمنعه ولا إنسانيّة تردعه ولا خلق يبعده . لأنه تشرّب الجريمة - وفق ما ثبت - مع تشرّبه للمخدّرات والحشيش التي أوصلته إلى هذه المرحلة المنحطّة الموغلة في الدّناءة , وهو يرتكب جريمته البشعة أمام الجميع , لأنه في الأصل فاقدٌ للعقل والصّواب والمروءة والشّرف . والمؤسف اكتفاء بعض الشّباب بتصوير المشهد دون محاولة لصدّه ومنعه من مواصلة جريمته الموجعة في حقّ الفرد والمجتمع . لدرجة أن عددأ من الذين شاهدوا المقطع يحسبونه مشهدا تمثيليا لعدم تحرّك الناس هناك لمنع هذا المجرم الخطير والقبض عليه .هذا المشهد المقزز الذي تشمئزُ منه النفوس لبشاعته والذي حدث في مدينة الرّياض , يتنافى تماما مع المشهد السابق الجميل الذي رصدته كامرات (متاجر أوفرلي) للموقف المشرّف الذي قام به الشاب المهندس فهد مجحود الغامدي من أهالي بلدة رغدان بمنطقة الباحة في مخاطرته بنفسه لإنقاذ غيره مما يستحق معه التّحية. فهذا الشاب النبيل يستحقُ التّقدير فعلاً لهذا الموقف البطوليّ . وهو ما دفع أهالي قريته للاستعداد لإقامة حفل تكريمي له كأنموذج مشرّف يحتذى به.وندعو المؤسسات الأخرى للمبادرة بتكريمه أيضاً , فهو حقيق بذلك .. لما قدّمه من أجل الطّفولة والإنسانيّة على وجه العموم. [email protected]