وأنا أطالع مسودات مذكراته ذهلت بالفعل لذلك التنبه – الذي كان عليه في بداياته العملية وبذلك الإصرار الذي غلف حركته تلك .. إن ما أطالعه في المذكرات يحكي عن فترة زمنية مضت تقارب السبعين عاماً وهي فترة متقدمة جداً حيث الإمكانات بكل أنواعها غير متوفرة أصلاً وأن ما يحيط بالناس أيامها من قسوة الحياة لتلك الظروف من حرب عالمية وشح في كل الوسائل المادية إن لم تكن المعنوية هي الأخرى تعانى من غياب. أقول رغم كل هذه الظروف كان هو يفكر تفكيراً متقدماً على الرغم ما كان حوله من بيئة لا تتحمل مجرد التفكير في هذا الاستشراف المستقبلي الذي كان عليه .. لكن طموحه الشخصي كان كبيراً كأنه كان يقول لنفسه تلك الحكمة التي تقول لا يمكن لمجتمع أن يكون ناجحاً إذا لم يأكل مما يزرع ولا يلبس مما ينسج وأن لا يكون مكتمل الإرادة إذا لم يكن قادراً على صناعة ما يحتاج إليه فهو لا يريد أن يقف على الشاطئ منتظراً أن يقذف إليه البحر بالسمكة – بل هو من يغوص في البحر لإخراج تلك اللؤلؤة – من تلك الصدفة في أعماق البحر. هذا الاصرار في الوصول إلى النجاح كان خلف ذلك الجهاد في اتقان ما يقوم به من أعمال مبنية على الأبحاث والدرس في كل أعماله وبتلك الصرامة في متابعة تنفيذها. إن عبدالرحمن عبدالقادر فقيه رجل الأعمال الأشهر عندما ينبش ذاكرته عبر البلاد إنه يعطي الدرس البليغ لشباب الوطن كيف يكون انطلاقة الشاب العصامي في تحقيق ما يرنو إليه ويحلم به.