عافى الله وشفى كل مرضى المسلمين.. فالمرض يدخل الإنسان في الأسر.. ويجعله أسيرا محبوسا احتياطيا في ذمة مرضه حتى يمن الله عليه بالشفاء فيتحرر من أسره ويخرج من محبسه إلى رحاب الحرية وينقذه من الألم. ولأنني مررت بتجربة المرض والحجز في غرفة مغلقة فان الوصف لهذه الحالة وما شابهها سيكون صادقاً وواقعياً.. يشعر خلالها المريض أنه معزول عن الحياة مهما وفرت له كل عناصر ومقومات الرعاية والعناية والراحة فانه في النهاية ينعزل عن الأهل والأصدقاء والأحباء حتى ولو كانوا يزورونه اثناء فترة مرضه.. لأنه في النهاية يشعر بقساوة المرض وألمه وأحيانا عذابه.. فالمرض من الابتلاءات التي يصيب الله بها عباده واختبار من الله تعالى لعبده المؤمن أيصبر ويتحمل أم أنه يقصر بحق ربه وبالمرض يتعلل فيقول المولى عز وجل في كتابه الحكيم في سورة البقرة (ولنبلوكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا اصتبهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) وهذا يؤكد لنا أن الصبر على المرض هو باب من أبواب الجنة للصابرين. كما أن البلاء يشتد بالمؤمنين بحسب ايمانهم فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح الترمذي" إن اعظم الجزاء من عظم البلاء وأن الله يعفو لهم عن الذنوب ,كما أن الدين الإسلامي ينظر إلى المريض نظرة الرحمة والعناية لأنه دين الرحمة والإنسانية. ولذلك فان على المريض أن يقوم بواجباته الدينية قدر المستطاع من تلاوة القرآن والذكر الحكيم فان ذلك يشرح الصدر ويطمئن القلب فيقول الله تعالى في سورة الرعد "ألا بذكر الله تطمئن القلوب" وفي سورة الشعراء "وإذا مرضت فهو يشفين" فكم من مريض توجه إلى الله ودعاه في أوقات يستجاب فيها الدعاء فشفاه الله تعالى فيقول الله عز وجل في سورة النمل "أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء".. فالمؤمن يصبر على ما ابتلاه ويحتسب أجره عند الله فيقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم "ما من مسلم يصيبه تعب ولا هم حتى الشوكة يشاكها إلا كتب له بها أجر" ولذلك أقول إن المرض ابتلاء.. وان المريض المؤمن هو الذي يتذكر ربه ويدعو لنفسه ولمرضى المسلمين بالشفاء حتى يمن الله عليه بالشفاء فيشكر ربه على نعمته مهما كانت شدة المرض وقساوته وعدم قدرة الإنسان أحيانا على تحمله فهو في النهاية مرض له آلامه وغربته وعذابه. وللمريض حقوق بزيارته والدعاء له بالشفاء فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "حق المسلم على المسلم خمس.. وذكر منها عيادة المريض" وقد روى مسلم في الحديث القدسي "إن الله تعالى يقول لعبده: مرضت فلم تعدني فيقول العبد: يارب كيف أعودك وأنت رب العالمين.. فيقول الله تعالى: أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده.. أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده".ولقد حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على زيارة المرضى وتفقد أحوالهم بل جعل ذلك من حقوق المسلمين المكفولة في الشرع وعمل صلى الله عليه وسلم على ترسيخ ذلك في نفوس أصحابه. وفي النهاية أؤكد على أن المرض يشعر الإنسان بالوحشة وبالخوف والانزعاج والتوتر.. أحياناً من العزلة وأحيانا أخرى من الآلام.. ولذلك فإن على المؤمن أن يكثر من الدعاء وذكر الله حتى يمن عليه بالشفاء.. اللهم اشف كل مرضانا ومرضى المسلمين. للتواصل 6930973