لو قابلت أحد الأصدقاء الحميمين , ووجدته يشكو لك من جفاف عواطف زوجته مثلا , فإنك لكي تقرب المسافة بينهما لابد أن تقول له شيئا قريبا من هذه العبارة : " يا أخي خليك - رومانسي معاها " .. والعكس يحدث كذلك ,لو شكت زوجة إلى صديقة لها مشكلة ابتعاد زوجها عنها - خطوتين للوراء!. ويبدو أن حكاية " الرومانسية " هذه صارت سرّاً من أسرار بناء البيوت , وأظنها في الواقع كذلك , خصوصا في هذا الزمن الذي طغت فيه الماديات , وتسارعت فيه وتيرة الحياة , فصارت " الرومانسية " مطلبا مُلحا لكل من المرأة والرجل , وأصبح عالم الزوجية يحلم بلحظات من الحنان والدفء العاطفي يظلل عشهما الزوجي . السؤال الذي يخطر في بالي الآن , مَن مِن الرجال أكثر قدرة على " إنتاج " الرومانسية - إذا صح التعبير - أهم الأزواج الشباب .. أم الأزواج الذين تعدوا الأربعين أو مَن هم على مشارف الخمسين أو أكبر ؟ .. وهل انصراف عدد من البنات – كما رأينا هذه الأيام - عن الاقتران بأزواج شباب , واختيار رجال كبار في السن بدلا منهم , هل له علاقة بهذا الموضوع ؟ قبل أن أجيب , أترككم مع ما أظهرته نتائج دراسة مسحية بريطانية , تقول أن الرجال يبلغون ذروة الرومانسية , في سن الثالثة والخمسين ، بحسب صحيفة " الديلي تلغراف " المحافظة ، التي نشرت تفاصيل الدراسة ، وفيها أن الرجال في هذه السن « يكونون أكثر إلماماً بالإيماءات , التي تنال إعجاب النساء , مقارنة بأقرانهم من الشبان » .. وكشفت الدراسة التي شملت رجالا تتراوح أعمارهم بين 51 و55 سنة ، أن ثلث المشاركين في الاستطلاع فاجأوا زوجاتهم بهدية خلال الفترة الأخيرة ، في حين كتب 28% من الرجال قصائد شعرية لزوجاتهم ، واصطحب 48% منهم نصفهم " الناعم " في رحلة أو في مشوار ترويحي خارج البيت . فتاة علقت غاضبة على نتائج هذه الدراسة بقولها : هل يجب علينا ألا نتزوج إلا رجالا في الخمسينات ؟ .. أم نقضي أعمارنا في عناء إلى أن يصل الأزواج للخمسين ؟ .. وتساءلت : لماذا لا يتعلم الشبان بشكل جدي قائم على أسس بعض العادات التي من شأنها الإسهام في الارتقاء بمستوى الذوق في الحياة الزوجية , حتى يوفرون على أنفسهم هذا التخبط ؟! . شاب يقول معارضا : هناك من البنات من ترى الزواج من الرجل الأكبر منها في السن بسنوات كثيرة , يؤدى إلى عدم التفاهم , والى انعدام الراحة والاستقرار ، وستشعر الفتاة أنها سجينة للحكمة والنضج والخبرة , التي يتمتع بها عادة الرجال الأكبر سنا . آخر يرد باعتدال : لا يمكننا في الواقع أن نعمم الأحكام أو التجارب ، فكل حالة ظروفها الخاصة ، وبالتالي يمكن أن تنجح بعض الزيجات رغم فارق السن الكبير ، ويمكن أن تفشل زيجات أخرى لنفس السبب , المهم هو مدى التوافق بين الطرفين ، ومدى " حاجة " كل منهما للآخر . وهناك من يقول : لا أعتقد بأن من تتزوج برجل كبير في العمر تبحث عن حنان مفقود , بل ربما هي تبحث عن شخص ناضج , بعيد عن طيش الشباب ومغامراتهم . أكاديمية متخصصة تقول : قد تكون الفتاة فقدت أباها وهي صغيرة , فتختار الرجل الذي يماثل والدها في العمر , ليملأ هذا الفراغ الذي خلفه فقدان والدها , وقد يكون الأب موجودا ولكنها تكون متعلقة به أكثر من اللزوم , لذا تفضل الارتباط بمن يشابه والدها عمرا وشخصية , وربما تريد زوجا ناضجا وجاهزا , يملك البيت والسيارة , والمكانة الاجتماعية والنضج الثقافي , مما لا يتوافر في الزوج الشاب . وتضيف : بعض الرجال يزداد جمالا ورونقا مع تقدم العمر , حيث تضيف لهم الشعيرات البيضاء لمسة جمالية , ويزداد إعجاب البنات بهم , وخصوصا إذا كان ذا مكانة اجتماعية مرموقة , أو شخصية معروفة سواء أكان فنانا أو سياسيا أو رياضيا أو رجل أعمال . وكثيرا ما تكللت هذه الزيجات بالنجاح , ولكنني أعتقد بأن الفارق إذا كان أكثر من 15 عاما , فانه سيؤثر علي الزواج . وبقى لي أن أقول شيئين , الأول : إن الرومانسية بمعناها التقليدي الشائع , تعني الاجتهاد في صناعة مناخ شاعري حميمي داخل البيت , ركيزته الرئيسة الأدب التعاملي الذي علمنا إياه ديننا , ضمن محورين مهمين , هما " الحقوق " و " الواجبات " بين الزوجين بما يرضي الله . أما الشيء الثاني فهو : يتعين أن يكون منطلق اختيار الزواج : ( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ) .. كما أنني ازعم أن تقارب السن مهم كذلك , بحيث لا يكون الفارق العمري واسعا , لأنني لا أتصور توافقا حسيا وفكريا بين رجل في خريف العمر له أحفاد , وفي ذات الوقت تحته زوجة صغيرة في العشرين مثلا , مع عدم إغفال حقيقة أن هناك رجالا في الأربعين والخمسين نجحوا في كسر فارق السن هذا مع زوجاتهم الصغيرات , عندما جعلوا الحب والإخلاص شعارهم . يا شباب .. لا تجعلوا كبار السن , يسحبون البساط ... من تحت - أقدامكم ؟