تبقى جدة وناديها غير ..!! في الحديث عن أدبي جدة يتلازم الإبداع والثقافة كمنظومة مترامية الأطراف لكنها مترابطة ومتينة ؛ الثقافة والإبداع يشكلان وجهي عملة واحدة ، إن لم يكن وجهاً واحداً مزدان بهما والوجه الآخر يمثلهما أيضاً .. وهذا أمر قد يكون متفقاً عليه ، ولعلي أرمي هنا بوصفي وأعني به النادي الأدبي .. أدبي جدة طبعاً .. الذي يشكل وعاءً يحوي كل الإبداع .. كل أجناسه .. كل الثقافة ، وكل ما تمثله معنى وعمقا .. الإبداع فن .. فن يلزمه شيء واحد .. شيء يمتع الآخر ويسعده .. ربما يتجاوز الإطار ولا يقف بين أضلاعه محبوساً .. من الصعب جداً تحجيم الإبداع في زوايا محددة وذات مساحة تقاس بآلة قياس مصنوعة .. فالآلة في حد ذاتها نابعة من إبداع فمن يقيس الإبداعَ غير الإبداعِ بل يعطيه إشعالا للشرارة والتوهج ومنها ينطلق .. ينطلق الإبداع .. الإبداع بحر ليس له شواطئ ، وإن كانت فهي أمكنة للتذوق وبسط موجات الضوء على حبيبات رمالها .. مياه البحر ليست بالضرورة كما هي في الحال ، مالحة المذاق وإن ظهرت ذلك فهي نوع يتماشى وطبيعة هذا المذاق ، فهنالك من يقيسه ويتذوقه ويستلذ به .. فلا اعتراض ولا إقصاء.. الإبداع ملكة لا تقاس بمادة حادة ، ولا حتى بأشياء ناعمة كريش النعام .. بل هو أكبر وأعمق وأوسع من آلة قياس .. وهنا يطل علينا من النافذة سؤال .. ربما تتوالد منه كومة ليس لها حدود نهائية من الأسئلة : ما هو الإبداع .؟ من صنع الإبداع ..؟ من هو المبدع ..؟ من أين أتاه الإبداع ..؟ لماذا الإبداع ..؟ والقائمة تطول .. تطول ولكن أين نهاية هذا الطول ..؟ أين تقف حركته ..؟ حركته لا تقف ولا تعطي لوناً معيناً من الوقوف فالإبداع ألوان متغيرة ، وحركة متغايرة .. لا تبدو حركته آنية اليوم ، بل لها جذور لا تقف عند عمق معين ، وإن تجاوزت عمق العمق .. وما هو العمق المتناهي ..؟ إنه الإبداع .. الإبداع لا يُعرف وإن عُرف فمن يُعرفه ..؟ فلسفة تتشكل وترسم في إطارات ليست محددة العدد أو اللون أو الرائحة .. ومن ينكر أن للإبداع رائحة ..؟ فهل حقاً له رائحة ..؟ ولم لا تكون له رائحة ..؟ تغذي غير الجسد المحسوس الموزون ..؟ إنما هي رائحة تغذي وتمد المتعة والانتشاء لعوالم أخرى .. ما هي تلك العوالم ..؟ وهل القول والسؤال يحق أن يترك دون جواب ..؟ ومن يمتلك الجواب ..؟ حلقة طويلة ومزدانة بالنقوش والمطرزات تطاردنا ونحن في ضيافة الإبداع ... طلعت لنا الحداثة وهل هي إبداع ..؟ أم فكر أم عقيدة أم منهج حياة ..؟ ومن قال إنها غير ذلك ..؟ خواطر كثيرة تراودني في هذه اللحظات .. كيف لا ونحن نحتفل بالإبداع والإبداع يحتفل بنا ..؟ ومهما قلت أن الإبداع ليس له حدود فالمكان الذي يحوي الإبداع وإن كان بدون جدران فهو رمز قد تنصب فوقه رايات .. رايات يطلق عليها رايات الإبداع .. إنه أدبي جدة صاحب ال 40 عاماً كلها زاخرة بالإبداع .. فهنيئاً للنوافذ قبل الأبواب والمساحات قبل الجدران دخول هذا الإبداع وخروجه وبقائه وانتشاره .. إنه الكيان .. إنها الوقفة .. وقفة اللامكان .. اللازمان .. وقفة للإبداع ، التي تمثلت كلها في جدة .. جدة الإبداع .. جدة الخيال .. جدة البحر .. جدة الوطن .. جدة العرس .. جدة الإحساس .. جدة التطور .. جدة التغير .. جدة الموروث .. الأصالة .. الأناقة .. ربما بالغت .. وربما تجاوزت ولكن تبقى جدة وناديها غير .!! [email protected]