أما آن لليل الحوادث المرورية أن ينجلي؟! أرقام مفزعة لحوادث أكثر فزعا في مآسيها على الطرق، والنصيب الأكبر منها ينال من منسوبي قطاع التعليم وطالباته وطلابه، وما أكثر الدراسات التي تناولت ذلك دون أن يكون لها صدى من الحلول ، وما أكثر مآسي الحوادث وأقساها إيلاماً عندما تتعلق بالضحايا الذين تحصدهم الحوادث ، وماتخلفه من إعاقات لمعلمات ومعلمين وطالبات وطلاب في عمر الزهور ، باعتبار معظمهم يتنقلون بباصات جماعياً ذهاباً وإياباً يومياً ، وعلى طرق وعرة ومسافات نائية تكون فيها قيادة السيارة أقرب إلى المغامرة والعبث بالأرواح !. وحتى نقف على حجم حوادث الطرق ، نقرأ جيداً أرقام الدراسة التي أعدها الدكتور عصام حسن كوثر والدكتور خالد منصور الشعيبي والدكتور ياسر عبد الحميد الخطيب بجامعة الملك عبد العزيز ، فقد أوضحت أن المعلمين والمعلمات يشكلون 35% من نسبة ضحايا الحوادث المرورية، فيما يشكل الطلاب 22%. وطبقاً لتقديرات حملة (يعطيك خيرها)، التي تقودها جمعية الأطفال المعوقين بالتعاون مع العديد من الوزارات، فإن 35 إعاقة تسجل يومياً بالمملكة نتيجة الحوادث المرورية، بمعدل إعاقة كل 40 دقيقة، فيما تسجل يومياً نحو 20 حالة وفاة، أي بمعدل وفاة واحدة كل ساعة و20 دقيقة ، وأكثر من خمسة أشخاص يتحولون يومياً إلى معاقين من مجموع المصابين سنوياً، الذين يتجاوز عددهم 25 ألف مصاب. قطعاً ليس هناك أغلى من الأرواح وسلامة الأبدان ومع ذلك هناك أيضاً خسائر وفاتورة اقتصادية باهظة تقدرها احصاءات بمليارات الريالات ، كتكاليف علاج الإصابات البسيطة بحوالي 170 مليوناً، والإصابات البليغة نحو 135 مليوناً، وتكاليف الإضرار بالممتلكات (السيارات) بأكثر من 6 مليارات ريال. فلماذا تستمر تلك النسبة الأعلى عالمياً من الحوادث دون وضع حلول عملية تحد منها ، والمرور وإن كان ليس الطرف الوحيد المعني بالقضية ، إلا أن لديه الأرقام والتقارير والدراسات عن الأسباب، من أخطاء السائقين والسرعة ووبال استخدام الجوالات أثناء القيادة وإهمال صيانة السيارات وطبيعة الطرق وغيرها من أسباب وأخطاء شائعة. قبل سنوات كانت حوادث الطرق ومآسيها تهز المجتمع، لكن يبدو أن تكرارها واختزالها في مجرد خبر بالصحف ومواقع إلكترونية جعل تلك الحوادث أمراً اعتيادياً في زحام الحياة واعتياد السمع والبصر على أخبار مآسي كثيرة في عالم اليوم وهذا في حد ذاته خطر أكبر . فإذا كانت الخسائر في الأرواح والإصابات بهذا الحجم وفي الاقتصاد بالمليارات، ألا يستحق شبكة أمان أوسع وأشمل على الطرق ، وقبل ذلك حملات مكثفة لثقافة السلامة وأخلاق وضوابط القيادة على الطرق تقول إن (في التأني السلامة) وفي العجلة ألف حسرة وندامة ، وحتى الندم لايفيد بعدما تزهق أرواح وتعاق أبدان ، فالتوعية مع عصا العقوبة أمر أكثر إلحاحاً للحد من أخطاء وأخطار مخالفات على مدار الثانية ، وهذا مايؤسف لأسبابها ونتائجها المأساوية. حفظ الله الجميع. كاتب وباحث أكاديمي [email protected]