العمل في المنزل ومن المنزل حقيقة كبرى راسخة ظاهرة شاهدتها في المجتمع الامريكي وايضا في مجتمعات الدول المتقدمة. وقد اكدت هذه التجارب على ان فكرة العمل من المنزل ليست حكما وليست محض خيال وصدق او لا تصدق، بل اكدت تجارب السيدات للعمل في المنزل في امريكا واوروبا انه من الممكن ان تجني المال من عملك بدون ان تكون وراء مكتب من التاسعة الى الخامسة، حيث اليوم ملايين سيدات من منازلهن تماما وكأنهن في وظائفهن، وهذا في نظرهن وظائف حقيقية لكنها ببساطة تركز على مضمون الوطنية، ومخرجاتها بغض النظر عن التواجد الجغرافي في حيز معين خلال فترة معينة، بالاضافة انهن من منازلهن ويدرن امور عائلاتهن واطفالهن وهن بهذا المفهوم يضربن (عصفورين بحجر) كما يقول المثل. حقاً انها تجربة متميزة تحمل او تهدي فكرة جميلة لسيدات مجتمعنا السعودي بعد تحرير السوق السعودي من العمالة الوافدة في جميع الميادين والتي منها العمل الاداري.. لذلك نرى ان هناك ارتباطاً بين التقدم التكنولوجي وتطوير الادارة فلا تذكر احداهما الا اذا ذكرت الاخرى واصبحت كمنطلق اساس لبلوغ فاعلية الاداء الاداري في اطار تحرير التجارة الدولية من القيود الزمانية والمكانية. وفي اطار هذا البعد الايجابي لثورة التكنولوجية الحديثة (ثورة المعلومات) كمنطلق اساس لبلوغ فاعلية الاداء الاداري العصري.. وايضا انطلق منها مصطلحات جديدة مثل التعليم عن بعد التجارة عند بعد، والادارة عن بعد وغيرها من المفاهيم الجديدة التي تعج بها نشاطات المجتمعات حول العالم. والادارة عن بُعد هو نموذج متميز للتعامل مع النشاطات المالية والتسويقية والانتاجية والمعلوماتية اضافة الى ادارة اسواق السلع والخدمات، نموذج يعتمد على استخدام ثورة التكنولوجيا في الاتصالات والمعلومات وتفادي الزيادات المتتالية في الموظفين في النموذج الاداري التقليدي. اذن فان الادارة عن بُعد تفتح ابواب سوق العمل الجديد في بلادنا على مصراعيها للمرأة السعودية لتصبح موظفة من المنزل مرتاحة منتجة باستخدام عالم ثورة المعلومات كمنطلق اساسي لاداء رسالتها كموظفة من المنزل بعد ان اصبح السوق السعودي خالياً لكي تساهم بفاعلية في ادارته. فالادارة عن بُعد هي عولمة النشاط المالي والتسويقي والانتاجي والتكنولوجي والحكومي حيث يمكن استخدام موظفات من منازلهن للتعامل مع عالم تتلاشى فيه تأثير الحدود الجغرافية وصعوبة المواصلات وكثرتها، عالم سقطت فيه الحواجز الادارية للمكاتب الادارية التقليدية البيروقراطية والتي كان يشغل معظمها - ان لم يكن جميعها - الموظفون الوافدون. وفي ضوء ذلك اكدت معظم الدراسات الدولية التي اجراها علماء الاقتصاد والاجتماع والباحثون في مجال الادارة والاتصالات الحديثة ان علاقة الانسان بالاجهزة والآلات اصبحت اقوى من علاقتها بالبشر، واصبح الانسان يزاول عمله من منزله.. وان المنزل اصبح مصنعاً او شركة او ادارة مؤسسة. إن هذه الانطلاقة في اطار الادارة عن بُعد تتمشى مع البيئة السعودية خاصة بعد تحرير السوق السعودية من العمالة الوافدة وخاصة في المجال الاداري ويفتح مجالات واسعاً امام المرأة السعودية للعمل من منزلها، مما سيجعل ايضا الاسرة اكثر ترابطاً وتماسكاً لوجود المرأة السعودية العاملة في منزلها وتحقق هدفين في آن واحد: الاشراف على العمل والعمل لزيادة دخل الاسرة. خلاصة القول وبكل صراحة ومصداقية ونحن نعيش اياماً سعيدة بنجاح الدولة في استراتيجيتها التخلص من العمالة الوافدة من جميع القطاعات ووضع الموظفات من المنزل في بورصة سوق العمل الجديد، وانها دعوة للمرأة السعودية ان تعد نفسها الاعداد المطلوب لمزاولة (الادارة عن بُعد) وتستعد للعمل من منزلها لكي ترتفع اسهمها في سوق العمل السعودي الجديد.