برغم أن أسعار المواد الغذائية آخذة في الارتفاع منذ عام 2001 فإن الوضع تزامن في 2007 مع ارتفاع حاد في أسعار النفط تاركا الكثير من الحكومات تصارع لإيجاد حلول سريعة أو تتحول لأدوات قديمة، ووجدت حكومات كثيرة أن أسرع وأسهل الحلول وأكثرها شعبية التحكم في الأسعار . فاتخذت حكومة تايلاند خطوات مماثلة بشأن المكرونة سريعة التحضير وزيت الطعام، وفي روسيا تحاول الحكومة وضع حد أقصى لأسعار الخبر والبيض واللبن، وتحاول المكسيك فرض قيود على أسعار خبز تورتيا المحلي بعدما شهدت احتجاجات، وتفرض فنزويلا قيودًا على أسعار مواد غذائية رئيسية مثل اللبن والسكر . وفرضت الأرجنتين ضريبة على صادرات الحبوب بالإضافة إلى التحكم في أسعار المواد الغذائية المحلية إلى أن هزتها احتجاجات المزارعين في جميع أنحاء البلاد على هذه الإجراءات مما أدى لنقص في اللحوم ومنتجات الألبان وتوقف صادرات الحبوب . ولم يقتصر تقييد الأسعار للمواد الغذائية على هذه الدول فقط بل شملت 21 دولة أخرى حسب إدراج البنك الدولي لقائمة الدول التي تقيد أسعار المواد الغذائية الأساسية على رأسهم روسيا ومنغوليا وكازاخستان والكاميرون واليمن وجاميكا ومصر وتونس وجزر المالديف وباكستان وبنما . تأثير سلبي ويحذر اقتصاديون دوليون من أن قيود الأسعار وأساليب التدخل الأخرى تؤدي إلى مشاكل في السوق، مثل نقص الإمدادات؛ لأنها لا تشجع على الإنتاج المحلي والتصنيع والتجارة، كما تمنع حلول السوق، وبالفعل اكتشفت بعض الدول صحة هذا الرأي ومنها ماليزيا عندما أعلنت حكومتها مراجعة القيود على أسعار 21 سلعة غذائية، مثل : الحليب " اللبن " ، والملح، وطحين " دقيق " القمح، والأرز؛ لأنها أدت لنقص شديد وعمليات تهريب . ولذلك فضل الاقتصاديون مساعدة الفقراء عوضًا عن تقييد أسعار الغذاء؛ لأن مثل هذه الإجراءات لا تعكس اتجاه الأسعار، وقد تنتهي بأثر عكسي، وأكد ذلك لوكالة رويترز دون ميتشيل الاقتصادي بالبنك الدولي، مضيفًا أنه ينبغي على الحكومات أخذ خطوات مركزة بتقديم دعم مباشر للفقراء بدلا من البلد بأسره، وتقديم دعم نقدي أو مساعدة غذائية أكثر فعالية واستمرارية من خطوات عامة على المستوى الوطني . خطوة مكلفة ويقول خبراء : إن القيود يمكن أن تنجح فقط حين تمثل المواد الغذائية الأساسية حصة صغيرة من إجمالي إنفاق الأسرة، وعندما تنفد لفترة قصيرة مثلما يحدث في دولة المغرب في شهر رمضان، وإذا فرضت القيود لفترة أطول من اللازم تزيد احتمالات قفزات كبيرة للأسعار وعدم استقرارها . غير أن الغذاء يمثل جزءًا كبيرًا من مشتريات المواطنين في الدول الفقيرة؛ مما يجعل تأثرها أكبر بالزيادة العالمية لأسعار السلع؛ لذا يصبح التوصل لسياسة سليمة للتصدي للوضع أمر ًا حيويדָا . ويقول تيرومالاي سرينفاسان الاقتصادي في البنك الدولي في اليمن : تبدو قيود الأسعار حلا سريعا مغريا لكنه ليس هناك ما يثبت نجاحها في الحد من التضخم . ويشير ديفيد أوردين من معهد أبحاث سياسة الغذاء الدولي إلى ندرة طول فترة نجاح القيود، واعتبرها خطوة مكلفة ماليا للحكومة بالنسبة للدول النامية المستوردة للمواد الغذائية، حيث تلجأ الدول ذات الموارد المالية المحدودة لطبع نقود مما يؤدي للتضخم . وبالتالي ينصح البنك الدولي الدول النامية بأن يكون سبيلها للتعامل مع الأسعار الأعلى هو دعم نقدي موجه وبرامج تغذية للفقراء، مع الابتعاد عن دعم اقتصادي كامل أو سياسات تجارية لا يمكن التنبؤ بها .