أدلى الناخبون في طاجيكستان الأربعاء باصواتهم في انتخابات رئاسية يرجح أن يفوز بها الرئيس إمام علي رحمون بولاية جديدة هي الرابعة له على رأس هذه الجمهورية السوفياتية السابقة الواقعة في آسيا الوسطى والتي يقودها منذ 1992 بدون معارضة حقيقية. ودعي نحو أربعة ملايين ناخب للتوجه إلى صناديق الاقتراع في هذه الجمهورية الجبلية الصغيرة الواقعة على الحدود مع افغانستان والتي تعد أفقر جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق. وفتحت مراكز الاقتراع في الساعة 06,00 (01,00 تغ) على ان تغلق في الساعة 20,00 (15,00 تغ)، في حين يتوقع صدور اولى النتائج الرسمية الخميس وكذلك ايضا تقرير مراقبي منظمة الامن والتعاون في اوروبا. ويتنافس ستة مرشحين في هذا الاقتراع الذي تقاطعه الاحزاب الرئيسية في المعارضة.والسيدة الوحيدة التي كانت مرشحة لخوض الانتخابات الرئاسية تحت راية حزب "النهضة الإسلامية" المعتدل انسحبت في نهاية المطاف من السباق لعدم تمكنها من جمع التواقيع المطلوبة لتقديم ملف ترشيحها. واكدت اوينخول بوبونازاروفا (65 عاماً) المحامية والناشطة المدافعة عن حقوق الإنسان والتي لا ترتدي الحجاب، لانصارها أنها واجهت "ضغوطاً" اثناء جمعها التواقيع. وأعلن الحزب الاجتماعي الديمقراطي وهو من أحزاب المعارضة مقاطعته الانتخابات بسبب "انتهاكات الدستور وعمليات تزوير منظمة وغياب الديمقراطية والشفافية". أما المرشحون الخمسة الذين سيواجهون رحمون فهم غير معروفين كثيراً من الرأي العام. كما أن برنامجهم الانتخابي لهذا البلد الذي يعاني من نقص الطاقة كل شتاء ويعتمد في عيشه بشكل أساسي على تحويلات الأموال من الشتات، يتسم بالغموض إلى حد كبير. وقالت بوبونازاروفا منتقدة :"ما من مرشح إلى الرئاسة يجرؤ على القول انه يتوجب تحسين العلاقات الاقتصادية والسياسية مع أوزبكستان المجاورة، ولا القول متى ستتوفر الإنارة والتدفئة بشكل دائم في المنازل، ولا كيف يمكن تحسين حياة المهاجرين إلى الخارج، ولا متى سيكون هناك تقدم في القطاع الزراعي وصناعة حديثة لكي يتمكن الناس من العمل في بلادهم". ويرى المراقبون أن هؤلاء المرشحين ليسوا سوى وسيلة لاعطاء الاقتراع صفة التعددية. وقال الخبير السياسي الطاجيكي صائم الدين دوستوف لوكالة فرانس برس:"إن هؤلاء المرشحين لا يمكن أن يشكلوا منافسة حقيقية (لرحمون) لأنهم مقربون من الحكم، ومن الحكومة".وأضاف: "إن مشاركتهم في الانتخابات تستخدم لاضفاء صفة شرعية على الرئيس رحمون". واكدت منظمة الامن والتعاون في اوروبا التي تشرف على الاقتراع الرئاسي، في تقرير انه "لم يكن هناك اي حملة ظاهرة لمرشحين آخرين" فيما غطت وسائل الإعلام الرسمية "بشكل مستفيض وايجابي" رحلات الرئيس في سائر أرجاء البلاد.ويتوجه رحمون (61 عاماً) الذي يقود البلاد منذ 1992 عندما اطاح بالحكومة الائتلافية التي تشكلت عند انهيار الاتحاد السوفياتي، نحو ولاية رئاسية رابعة من سبع سنوات، أصبحت ممكنة بفضل تعديلات اجريت في 2003 وسمحت له بالبقاء في الحكم حتى العام 2020. وهذا المدير السابق لمزرعة تابعة للدولة يحظى بشعبية اكيدة لانه وفر الأمان في طاجيكستان بعد حرب أهلية دامية بين السلطة وحركة تمرد إسلامية في تسعينات القرن الماضي. لكن في ظل قيادته ترنح اقتصاد البلاد من سيء إلى اسوأ، فيما غادر مئات آلاف المواطنين بسبب الفقر في بلادهم للعمل في الخارج لاسيما في روسيا. وقد جعل رحمون من استقلالية الطاقة ركن حملته واعداً بانجاز بناء سد روغون وهو مشروع لا تنظر إليه بعين الرضا أوزبكستان المجاورة التي تخشى عواقبه على صناعتها القطنية، وقد حذرت من أن التوترات يمكن أن تؤدي إلى "حرب على المياه".