توفي إلى رحمة الله تعالى يوم الخميس الماضي رجل كريم النفس نقي السيرة والسريرة صاحب أحد أكبر محلات بيع "المطبق" في بلد الله الحرام وقد كان محبوباً ومعروفاً لأنه يمثل الشهامة والكرامة والنبل وطيبة النفس وهو كريم المعشر تراه إذا قابلته دائم الرضى عن الله في السر والجهر. ومن أكبر نعم الله على الشخص أن يذكره الناس بكل خير عند انتقاله من دار الفناء إلى دار البقاء يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم "ألا أنبئكم بأحبكم إلي وأقرب مني مجلساً يوم القيامة؟ أحاسنكم أخلاقاً" الحديث.. وأبو محمد - رحمه الله تعالى - قد حباه الله تعالى نصيباً وافراً من مكارم الأخلاق وحسن المعاملة وخصوصاً مع الأرامل والأيتام والضعفاء والمساكين ومن أمثلة ذلك فعله الجميل عندما كان يباشر - رحمه الله تعالى - عمل "المطبق بنفسه" أمام مسجد الجن بشارع المسجد الحرام إذا جاءه من يعرف حالهم من الأسر الفقيرة ويطلب منه عدداً معيناً من الفطائر فإذا به - رحمه الله تعالى - يعطيه طلبه ويزيد عليه يقول أعرف اسرتك كبيرة وأن ما طلبته لا يكفي كل الأسرة.. وهذه الصورة تتكرر في كل يوم ومنها أيضاً أنه - رحمه الله تعالى - يرسل مرسوله بكمية من انتاج محله من المطبق لبيوت عدد من الأيتام بالبلد الأمين الذين كان والدهم من زبائنه وهذا الوفاء يكاد يكون اليوم قليلاً جداً بين الناس إلا من رحمه الله تعالى، وهذه من مكارم الأخلاق التي أكرم الله بها العم عبدالله سندي أسكنه الله فسيح جناته. ومن جوانب حياته المضيئة أيضاً حرصه على أن يكون انتاج محله من المطبق "الفطائر" من اللحم المذبوح يومياً والطازج، مع حرصه - رحمه الله تعالى - على ذكر الله في كل خطوات عمل الفطائر من البداية حتى النهاية وهذه الميزة يطيب بها الطعام وكما قيل أطيبوا طعامكم بذكر الله تعالى.فحتماً كيف يكون طعم الطعام الذي يذكر اسم الله تعالى عليه، إنه بلا شك طيب ومبارك، وقد حرص - أسكنه الله الجنة - أن يورث هذه الطباع الحميدة لكل أبنائه وهم ذرية طيبة بفضل الله عليهم ولصلاح أبيهم. أما عن الزبائن في محله - رحمه الله تعالى - فللسمعة الطيبة للعم الفاضل عبدالله سندي وأبنائه نجد أن من زبائنه عدداً من أصحاب السمو الأمراء ومن ذوي المكانة الاجتماعية الرفيعة، وهذا ليس بغريب فالاخلاص سر النجاح في كل مناحي الحياة نسأل الله تعالى أن يثبتنا جميعاً بالقول الثابت وهو الذي يدفع الانسان وعقبه إلى يوم القيامة..رحم الله الفقيد السندي الذي ينطبق عليه قول الشاعر الوفي - رحمه الله تعالى - يمدح صديقه وكان رجلاً من أهل الاستقامة والورع فقال: تحية قلبٍ صاغ من لؤلؤ البحر قلائد مدح في الكريم وذي الطهر ترى العين نورا في محياه ساطعا فمصباحه صافٍ وكوكبه دري وآيةُ هذا أنه فاز بالثنا من الناس والحب المحجب في الصدر تراه إذا قابلته دائم الرضا عن الله لا يسهو عن الحمد والشكر فإن أنا لم أمدح رفيع جنابه كما هو محتوم عليّ فما عذري صلاة من المولى على المصطفى الذي رأى ربه مستوجبا رفعة القدر كذا الآل والأصحاب ومن سار سيرهم وسلم تسليماً كثيراً بلا حصرِ والكلام على استقامة السندي وحب الناس له ولطعامه كثيرة.. فكما قيل: كذاك طعام الطيبين يطيب.وأتقدم بالعزاء لجميع ابنائه محمد وطلال وبكر ومحمود وأخواتهم ولأحفاده وأبناء الخضري ولكل المحبين لهذا الرجل المؤمن الصادق الذي لن توفيه الكلمات في هذه العجالة حقه.فاللهم أسكنه فسيح جناتك وأصلح له ذريته وأجعلهم خير خلف لخير سلف وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. حاتم حسن قاضي