أكدت المملكة العربية السعودية التزامها الراسخ باحترام وتعزيز حقوق الإنسان ودعم الآليات الدولية وفي مقدمتها آلية الاستعراض الدوري الشامل. وشدد معالي رئيس هيئة حقوق الإنسان الدكتور بندر بن محمد العيبان رئيس وفد المملكة المشارك في مناقشة التقرير الثاني للاستعراض الدوري الشامل في البيان الإستهلالي الذي ألقاه أمام مجلس حقوق الإنسان أمس الاثنين في جنيف على الدور الذي تقوم به المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - من خلال عضويتها في مجموعة العشرين الدولية كمدافع عن حقوق الدول النامية وراع لمصالحها، أو على مستوى المبادرات التي من شأنها التخفيف من الآثار السلبية للأزمات المالية والاقتصادية العالمية بهدف تحسين برامج التنمية الإنسانية خاصة ما يتعلق بأعباء الديون على الدول النامية إضافة إلى دورها الحيوي في دعم الاقتصاد والازدهار العالمي من خلال ضمانها استقرار الأسواق العالمية للنفط باعتبارها مصدرًا موثوقًا للطاقة. وأضاف معاليه لقد كرم الله المملكة العربية السعودية بخدمة الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن وتوفير الظروف المناسبة لممارسة شعائرهم الدينية حيث أولت المملكة رعاية حجاج بيت الله الحرام أهمية قصوى، وأقامت المشاريع الكبيرة والمنجزات العملاقة وعلى رأسها توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والتي تعتبر أكبر توسعة في تاريخ الحرمين الشريفين، وذلك لتيسير ممارسة المسلمين من كافة أنحاء العالم لشعائرهم الدينية في يسر وأمن وأمان وراحة. وشدد على احترام المملكة على الدوام حماية حقوق الإنسان في إطار منظمة الأممالمتحدة، انطلاقًا من إيمانها العميق بما تضمنته الشريعة الإسلامية من مبادئ وقيم سامية تحمي هذه الحقوق، وتجرم انتهاكها، ووفاءً بالتزاماتها الدولية في هذا الصدد. وأبان معاليه أن النظام الأساسي للحكم المستمد من الشريعة الإسلامية، يؤكد على المبادئ والقيم السامية التي تصون كرامة الإنسان، وتحمي الحقوق والحريات الأساسية حيث يشير إلى أن الحكم في المملكة يقوم على أساس مبادئ العدل والشورى والمساواة، كما يوجب النظام على الدولة حماية حقوق الإنسان وفق الشريعة الإسلامية، إضافة الى واجب الدولة في كفالة الحقوق في حالة الطوارئ والمرض والعجز والشيخوخة، ودعم نظام الضمان الاجتماعي، وتشجيع المؤسسات والأفراد على الإسهام في الأعمال الخيرية، إضافة الى توفير الرعاية الصحية، وكفالة حق العمل، وسن الأنظمة التي تحمي العامل وصاحب العمل على حد سواء، مع توفير الدولة للتعليم العام والإلتزام بمكافحة الأمية. وأكد تظافر كافة التشريعات الوطنية في المملكة لضمان حماية وتعزيز حقوق الإنسان، وفي مقدمتها الأنظمة المتعلقة بالقضاء، والعدالة الجنائية، والصحة، والتعليم، والعمل، والثقافة، وسواها من الأنظمة ذات العلاقة المباشرة بضمان تمتع من يعيش على أراضي المملكة بحقوقه وبالعيش الكريم. وشدد على أن ضمان استقلال السلطة القضائية مبدء ثابت ومرتكز رئيسي لحماية وتعزيز حقوق الإنسان، حيث تحمي العدالة حياة المواطنين وممتلكاتهم وحرياتهم وحقوقهم. وأضاف معاليه أن المملكة العربية السعودية أرض الحرمين الشريفين، وقبلة أكثر من مليار ونصف المليار مسلم، ما فتئت تؤكد على أهمية مواثيق حقوق الإنسان واحترامها، وإشاعة ثقافة الحوار والتسامح ونبذ العنف والكراهية، ونشر الوسطية والاعتدال. وقال أمام مجلس حقوق الإنسان : اسمحوا لي في هذه المناسبة أن أقتبس من كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود في المؤتمر الذي عقد بمكة المكرمة خلال شهر أكتوبر الحالي على هامش موسم الحج لهذا العام بعنوان "حقوق الإنسان بين الشريعة الإسلامية والمواثيق الدولية"، حيث جدد حفظه الله التزام المملكة بالمواثيق الدولية، وتأكيدها على أن حقوق الإنسان كاملة ومصونة في الشريعة الإسلامية، وأن المملكة لم تكن حديثة عهد بحقوق الإنسان بل إنها تطبقها - منذ قيامها - في إطار تطبيق الشريعة الإسلامية، وهي تراعي في تطبيقها ما تقتضيه المعاصرة من التزامات، فلم تتخلف عن المشاركة في المحافل الدولية، التي تداولت أعمال التأسيس لهذه الحقوق وإصدار صكوكها، والتعاهد على تطبيقها، وبهذا أعطت نموذجاً تطبيقياً رائداً، في مجال التوفيق بين الإلتزام بالإسلام، والإستفادة من التجارب الإنسانية الإيجابية. وأوضح العيبان في كلمته انضمام المملكة إلى عدد من الصكوك الدولية الرئيسة لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى عدد من الصكوك والمواثيق الإقليمية. واستعرض بإيجاز عدد من الموضوعات المهمة التي أبرزها تقرير المملكة، ففي مجال القضاء، وقال : يعد مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله لتطوير مرفق القضاء من أهم المشروعات الإصلاحية، الذي صاحبه اعتماد نظاميّ القضاء وديوان المظالم، وذلك لتعزيز دور القضاء في حماية الحقوق والحريات. وفي مجال حقوق المرأة، أوضح أن الشريعة الاسلامية تكفل المساواة العادلة بين الجنسين، ولا تفرق الأنظمة بين الرجل والمرأة، وفي مقدمتها النظام الأساسي للحكم الذي نص في مادته الثامنة على أن الحكم في المملكة يقوم على أساس العدل والمساواة وفق الشريعة الإسلامية، فالمرأة لها ذمة مالية مستقلة، وأهلية قانونية كاملة تكفل لها حرية التصرف وممارسة شؤونها باستقلالية تامة ودون أي قيود. وبين إن كثيرًا مما يثار حول بعض الممارسات المتعلقة بوضع المرأة في المملكة يعود إلى مفاهيم مغلوطة أو معلومات تفتقد الدقة والموضوعية أو إلى ممارسات خاطئة تناقض أحكام وقيم الشريعة الإسلامية والقوانين الوطنية، ولمعالجة مثل هذه السلوكيات فإن الدولة تكرس جهودها في مجالات التربية والتعليم والتثقيف في موضوعات حقوق الإنسان باعتبارها من الأدوات المهمة والفاعلة لرفع الوعي المجتمعي بحقوق الإنسان ومنها حقوق المرأة، ومكافحة جذور هذه الممارسات الخاطئة. ويعتبر برنامج نشر ثقافة حقوق الإنسان الذي تضطلع به هيئة حقوق الإنسان بالتعاون مع جهات حكومية وغير حكومية أحد هذه الأدوات. وأوضح أنه نتيجة للجهود الوطنية، فقد حققت المرأة السعودية، في السنوات الأخيرة، إنجازات ملموسة في العديد من المجالات يدعمها توفر الإرادة السياسية لتمكين المرأة، مع حفاظها على هويتها الإسلامية والعربية حيث تسهم المرأة السعودية في صناعة القرار الوطني من خلال توليها مناصب قيادية في القطاعين الحكومي والأهلي، وعضويتها في مجلس الشورى بنسبة لا تقل عن 20 بالمائة إضافة إلى حقها في الانتخاب والترشح لعضوية المجالس البلدية، وقد ارتفع عدد العاملات في القطاع الحكومي خلال العام الماضي فقط قرابة 8 بالمائة. وتأكيداً على دور المرأة قال العيبان :اسمحوا لي سيادة الرئيس أن أقتبس هنا من كلمات خادم الحرمين الشريفين حول دور المرأة السعودية حيث قال، عند الحديث عن التنمية الشاملة التي تشهدها البلاد، "لا يمكن إغفال أو تجاهل دور المرأة السعودية ومشاركتها في عملية التنمية وقد أثبتت المرأة السعودية قدرتها على تحمل المسؤوليات بنجاح كبير إننا نتطلع إلى إعطاء المرأة دوراً حيوياً وأساسياً، بطريقة تخدم مصالح هذه الأمة ". وفيما يخص حقوق الطفل قال العيبان :تؤكد المملكة التزامها برعايتها وحمايتها لهذه الحقوق، ليس فقط باعتبارها طرفاً في اتفاقية حقوق الطفل وبروتوكوليها الاختياريين، بل انطلاقاً من التزامها بواجباتها المستمدة من أحكام الشريعة الإسلامية التي تحافظ على جميع المصالح الفضلى للطفل. وقد انتهت اللجنة الوطنية للطفولة مؤخراً من إعداد استراتيجية وطنية للطفولة تعنى بضمان حقوق الطفل في كافة المجالات. وأوضح العيبان في كلمته أن الدولة عززت إجراءاتها في مجال الحماية من كافة أشكال التعسف والعنف من خلال اتخاذ العديد من التدابير، ومن ذلك صدور نظام الحماية من الإيذاء الذي يهدف إلى حماية أفراد المجتمع من كل صور الاستغلال وإساءة المعاملة، ورصد وتوثيق حالات العنف، وتتولى لجان منتشرة في مختلف مناطق المملكة مسؤولية تنفيذ النظام ومتابعة الإجراءات على نحو يضمن حماية الضحايا ومعاقبة المعتدي. وحول العمالة في المملكة أوضح معاليه أن المملكة تستضيف على أراضيها ما يقارب (9) تسعة ملايين من غير السعوديين الذين قدموا للمملكة للعمل في مجالات متنوعة. وتعمل المملكة على اتخاذ جميع الإجراءات والتدابير اللازمة لحماية حقوقهم وتهيئة الظروف الإنسانية المناسبة لتمكينهم من أداء أعمالهم. وفي هذا الاطار فقد صدرت العديد من القرارات الوزارية، وتم تبني آليات رقابية ساهمت في تحسين أوضاع أولئك العمال وتعزيز حقوقهم ومن ذلك:اصدار لائحة عمال الخدمة المنزلية ومن في حكمهم، وإنشاء آلية إلكترونية لحماية أجور العمال وإلزام أصحاب العمل بتوفير التأمين الصحي للعاملين في القطاع الخاص، والسعي إلى إبرام اتفاقيات ثنائية بين المملكة والدول التي تفد منها العمالة، وتطبيق ومراقبة الالتزام بحظر تشغيل العمال تحت أشعة الشمس من الساعة الثانية عشرة ظهرًا وحتى الساعة الثالثة مساءً خلال الفترة من بداية شهر يونيو إلى نهاية شهر أغسطس من كل عام مشيراً إلى أن أنظمة المملكة تحظر التمييز الديني في مجال العمل، حيث تقضي المادة (61) من نظام العمل بأن يمتنع صاحب العمل عن كل قول أو فعل يمس كرامة العمال أو دينهم. وأكد معاليه في كلمته أمام مجلس حقوق الإنسان أن ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يعد ركيزة مهمة في تعزيز وحماية حقوق الإنسان حيث توفر المملكة التعليم العام والعالي مجانًا. وحرصًا على ضمان جودة التعليم فقد تم إنشاء هيئة مستقلة لتقويم التعليم العام بهدف تحسين نوعيته، وزيادة جودته ومخرجاته، وتخضع كافة المناهج الدراسية لمراجعة مستمرة لتطويرها وتضمينها المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان. وفي مجال توفير فرص العمل والحد من البطالة، فعلى الرغم من أنه لاتزال هناك بعض التحديات المرتبطة باستقطاب الشباب من الجنسين في سوق العمل، إلا أن السنوات الماضية شهدت تبني العديد من المبادرات الحكومية وغير الحكومية التي تهدف الى إيجاد فرص عمل كريمة للجنسين مثل برامج دعم الأجور، وبرامج العمل عن بعد، والعمل الجزئي، ودعم الأسر المنتجة، وتأهيل قوة العمل الوطنية وزيادة إنتاجيتها لتتلاءم مع متطلبات سوق العمل. وفي مجال توفير السكن الملائم قال معاليه لقد أصدرت المملكة العربية السعودية العديد من القرارات والإجراءات، ومن ذلك دعم مشاريع الإسكان بمبلغ (15) خمسة عشر مليار ريال، واعتماد بناء (500) خمسمائة ألف وحدة سكنية بمبلغ (250) مائتين وخمسين مليار ريال، ودعم صندوق التنمية العقارية بمبلغ (40) أربعين مليار ريال. وفي المجال الصحي، تمت زيادة المبالغ المخصصة للقطاع الصحي في الميزانية العامة للدولة، وافتتاح المزيد من مراكز الرعاية الصحية الأولية، وإنشاء العديد من المدن الطبية والمستشفيات المرجعية والمتخصصة، ودعم القطاع الخاص في المجال الصحي. كما أولت الحكومة مجال الرعاية الاجتماعية مزيداً من الاهتمام، من خلال دعم الأسر المحتاجة، وتقديم المساعدات المباشرة وغير المباشرة من خلال برامج موجهة لجميع فئات المجتمع، خاصة الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث تم اتخاذ عدد من التدابير التي من أبرزها تأسيس مراكز للوقاية والكشف المبكر عن حالات الإعاقة عند الأطفال، وإنشاء مراكز للتأهيل الطبي، كما تم تنفيذ برامج لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة في التعليم العام وتوفير الدعم المالي لهم. واستعرض معاليه في كلمته دعم المملكة لجهزة الأممالمتحدة وفي مقدمتها مجلس حقوق الإنسان، وهيئات المعاهدات والمفوضية السامية لحقوق الإنسان بهدف الاستفادة من الخبرات والامكانيات المتوفرة، وبما يسهم في بناء وتعزيز القدرات الوطنية إضافة إلى تقديم تبرعات مالية لبعض الصناديق الائتمانية التي تشرف عليها المفوضية السامية لحقوق الإنسان وهي: صندوق الأممالمتحدة لضحايا التعذيب، وصندوق الأممالمتحدة لضحايا الأشكال المعاصرة للرق، وصندوق التعاون الفني، وصندوق الاستعراض الدوري الشامل، وصندوق السكان الأصليين. واشار معاليه لمبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار بين أتباع الأديان والثقافات حيث تم افتتاح مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في فيينا في نوفمبر 2012م الذي يهدف إلى تحقيق التفاهم والتعايش السلمي وإشاعة الحوار والتسامح بين الشعوب وتعزيز القواسم المشتركة بين أتباع الأديان، وجعل الاختلافات بين اتباع الديانات والثقافات أساسًا للتفاهم. وقال معاليه لقد أطلقت المملكة العديد من المبادرات في مجال مكافحة الإرهاب ونبذ كل سلوك يؤدي إليه مع العمل على احترام حقوق الإنسان. وقدمت تبرعًا بمبلغ (10) عشرة ملايين دولار لإنشاء المركز لمكافحة الإرهاب، وأعلنت في هذا العام (2013م) عن تبرع إضافي بقيمة (100) مئة مليون دولار لدعم وتفعيل أنشطة وتحقيق الهدف والغايات التي أنشيئ من أجلها.