الراديو في "جدة" القديمة ونتائج النجاح أيام زمان كان لها طعم وفرحة مختلفان منذ أربعين عاماً، فقد كنا ننتظر النتائج والأسماء بلهفة وفرح، وخصوصاً الشهادة الابتدائية، ونتجمع أمام مذياع بقالة العروبة لنفرح ونشرب المياه الغازية مجاناً، إضافة إلى إقامة مسابقة مين يشرب قوارير أكثر وأسرع، والتي كان الفوز بها من نصيب واحد معروف اسمه "علي صفر" يشرب القارورة بنفس واحد لا يجاريه أحد..!! كنا نسميه أبو قربة!! وفي يوم تضاربوا على قارورة اشتراها معه ثلاث شركاء... هو دفع قرش والباقين أبو زبيبة وأبو الدوح قرشين قرشين وبدأ أبو قربة بالشرب... وراحت عليهم القارورة... وهم يجرون وراه "يبقى لي يبقى لي !!" وكان هناك تلميذ أطلقنا عليه لقب "دحدوح"، ودحدوح هو بطل قصة تسهيل الهجاء في الصف الأول الابتدائي كسول ومهمل وصرنا نلقب أي طالب كسول "بدحدوح"، وكان أغلبنا يحمل هذا اللقب بامتياز. وإلى جانب دحدوح الأول كان لنا جار عرف بدحدوح الثاني هو سعيد ابن عم عبد الله صاحب بقالة الحارة الذي كان في الصف السادس، ومع إعلان نتائج الامتحانات فرحنا عند إذاعة الخبر في الراديو، وقمنا نبشر العم عبد الله صاحب البقالة بنجاح ولده سعيد لنفوز بالبارد المجاني!! 3 صناديق بيبسي وميراندا وسفن، وتجمعنا أمام البقالة للاستماع إلى أسماء الناجحين وشرب البارد مجاناً على حسابه، وفي هذه الأثناء فوجئنا برسوب الابن دحدوح!! هنا قفز علينا عم عبد الله كالثور الهائج... ليخطف منا قوارير البارد... ونحن نتقافز كالقرود... ونتضاحك على دحدوح الحارة... واي واي واي... ساقط... واي واي... دحدوح... ورمينا القوارير الفارغة تغمرنا البهجة والسرور سنوياً لمدة ست سنوات... نفس الفيلم يتكرر... إلى أن تخرجنا من الجامعة ونحن نشرب البارد على حساب دحدوح. ثم تحول هذا الدحدوح إلى مدرسة ليلية..ثم خاصة..اسمها النجاح..حيث كان يهدي المدرسين عصائر ومعلبات.. ورغم كل ذلك كنا نسمع في الراديو مدارس النجاح الليلية.. لم ينجح أحد. (صفحة جدة وأيامنا الحلوة)