من المعروف في بلاد الإسلام أن الميت يُغسَّل ويُكفَّن من قِبَل المُغسِّل المتكفِل بذلك العمل .. إكراماً للميت وتطهيراً ونظافةً له ،ولأنه مُقبل على مرحلة مختلفة -دار الحق- سيعلم من خلالها ما له وما عليه ،فمن باب أولى شرع الإسلام " الغُسل " و أوجبه . وحينها كل مايتعلق بالميت من دنياه وما أفناهُ فيها ،إن كان خيراً يتم نشره.. وإن كان شراً مُخزياً يتم غسله والسكوت عنه ..! هي فترة وستمضي وقد يُنسى الميتُ من أقرب أقرباءه .. وأعز أصدقاءه .. ويبقى ماقدّمه في حياته نعيماً يسرُّه أو وعيداً يضُرُّه لكن في المقابل ...! هل لنا أن نتخيل أنه توجد (( مَغسَلة للأحيَاء )) !! ليس في معناها الحرفي بل في المضمُون والشُمول ... فهي فرصة لكل منا أن نُطهِّر فيها أنفسنا قبل أن نحتاج لمن يقوم بتغسيلنا كالموتى !! تطهيراً لحياتنا أولاً بأول .. قبل أن يأتي اليوم الذي نُغسَّل فيه وتُكشَف السرائر !! بحيث يُطهّر المرء نفسه ليُزيل ماوقع على جسده .. فِكرُه .. قلبه .. ضميره .. حياته .. ماله ،من أوساخ تراكمت أو حديثة التَلَوُّث ..! -وكأنها وقفة مُحاسبة للنفس- فنُزيل بذلك الغُسل ، الطبقة المُتسِخة التي تَرسَّبت فوق نُفوسنا وحالت بيننا وبين النقاء . هل يستطع الشخص منَّا أن يلبسَ ثياباً اتسخت أو يأكل من طبق مُلَوّث ؟! قد نستطع لكن سيكون الضرر العائد بالغٌ علينا ، فكيف إذا كان هذا التَدَنُّس في أرواحنا وتعامُلاتنا ...! (( مغسلة الأحياء )) لا تحتاج لمال أو لمكان فاخر ولا لموعد ولا لزمان ،بقدر ماتحتاج إليه من نية صادقة ، نخرج بعدها بروح صافية ... نعم مُعرَّضين للاِتِّساخ ،لكن لا مانع من خوض تجربة " غسيلُ الأحياء " مرة ومرتان وثلاثة ... المرء بدون غسيل قد يُصبح ظالماً .. جائراً منافق .. عدو .. مُتسلِّط .. وحتى قاتل ..! المرءُ دون غسيل لايصلُح نَفعُه .. ويَقدُم ضرُّه .. كأطباق الأكلِ يجب أن تُغسَل كي تُستخدم من جديد ..! " من إكرام الميت غسله ودفنه .. ومن إكرام الحي غسل نفسه وتنقيَتها من الشّوائب " بقلم الكاتبة / نوف العمودي Twitter@noofalamoudi